علاقة لا يمكن أن تتم * سيدي الفاضل، أبعث لكم برسالتي هذه والتي أرجو أن تولوها اهتمامكم و أن أسمع منكم رأيكم في مشكلتي هذه التي تؤرّقني و أثرّت على دراستي وكذلك أثرّت على حياتي. أنا فتاة في الثانية والعشرين من العمر مبتعثة إلى إحدى الدول الاوروبية للدراسة ولي هناك تقريباً أربع سنوات حياتي تسير بشكلٍ جيد، و تأقلمتُ مع الحياة في هذا البلد الذي أحببته وأحببت العيش فيه. مشكلتي بدأت منذ حوالي عامين ؛ عندما تعرّفّت على رجل أكبر مني بثماني سنوات، وهو رجل أنهى دراسته منذ سنوات و استطاع بسبب تفوّقه الدراسي و شخصيته المتميزة أن يحصل على مكانة مرموقة في بلده برغم صغر سنه. هو حقيقة شخصية آسرة ؛ مثقف بشكل لافت للنظر، قارئ نهم و يعيش حياة جادة جداً. تكررت لقاءاتي به في مناسبات متعددة، و منذ أول مرة رأيته شعرتُ بميلٍ نحوه ولكني أهملت الأمر، ولكن مع تعدد اللقاءات بيننا، بدأتُ أشعر بميل أكثر ، حتى أني أصبحت أفكّر فيه كثيراً، و أخلق الأعذار لكي التقي به. الأمر الأكثر غرابة اكتشفتُ بأن هذا الشخص أيضاً معجب بي. تصارحنا و نشأت بيننا علاقة عاطفية قوية. الحقيقة إنه شخص ناجح، و حنون و صادق و جاد في حياته، باختصار كان كما يقولون "فتى أحلامي". وجدتُ فيه كل ما تحلم به الانثى كرجل. المشكلة أنه من دين غير ديني ، ومن ثقافة مختلفة تماماً عن ثقافتي، بل إننا كعرب لا نتقبل القومية التي ينحدر منها هذا الرجل، لكن كما يقولون "الحب ما يشاور " .. فقد أصبحت مُتعلقّة به بشكلٍ غير طبيعي، وقد بادلني نفس الشعور، وكان شخصاً راقياً في تعامله معي كأنثى و ساعدني في دراستي، وقدّم لي مساعدات كثيرة. أعرف بأن عائلتي لن توافق مُطلقاً على الزواج به، وكذلك هو، فعائلته متدينة ولن ترضى بأن يتزوجني. لم استطع أن أخبر أحداً من أقاربي أو أصدقائي، ودخلت في دواّمة القلق و التوتر. تحدّثت معه في موضوع الزواج، فقال لي إن موضوع الزواج أمر صعب جداً إن لم يكن مستحيلاً نظراً للفروقات التي بيننا، وكذلك الإختلافات الدينية و الثقافية التي تتنافر، وعدم تقبّل أهل كل منّا الطرف الآخر. حاولت أن أبتعد عنه ولكني لم أستطع، وأجد نفسي أتعلّق به أكثر. بالنسبة له فقد كان واضحاً بأنه لن يكون بيننا زواج!. الآن أنا أعيش في دواّمة من القلق والكآبة، و أحاول أن أجد مخرجاً لمشكلتي هذه ولكني أنتكس وأعود مرةً آخرى للتعلّق به و الرغبة به كزوج.. فأحياناً أقول إنه يمكننا أن نتزوج في البلد الذي نعيش فيه و أضع أهلي أمام الأمر الواقع، برغم أني أجد أن هذا الأمر جداً مؤذٍ بالنسبة لعائلتي.. ببساطة أنا في دوامة ولا أدري ماذا أفعل، أرجو منك مساعدتي وكيف أتعامل مع وضعي هذا، وكيف أتخلّص من هذه العلاقة برغم محبتي الشديدة لهذا الإنسان وتعلّقي به؟ ن:ع ابنتي العزيزة - أقول لك ابنتي لأن لي ابنة في سنك، و أعرف مدى سيطرة المشاعر و الحالة العاطفية لفتاة في هذا العمر. أنا لا أقلل من شأن صعوبة موقفك، فانتِ في موقف لا تُحسدين عليه؛ تحبين شخصاً من غير دينك، بل من دين وثقافة غير مقبولة عند المسلمين والعرب.. و يبدو أنك لا تستطيعين أن تقولي بصراحة ماهو هذا الشخص و انتمائه، فليس لديك الجرأة لكي تقولي بشكلٍ واضح وصريح حتى أمام نفسك هوية هذا الشخص الذي تعشقينه. أنا أقدّر تعلّقك الكبير بهذا الشخص، ومحبتك القوية جداً لهذا الإنسان، ولكن العقبات التي بينكما كبيرة جداً، ويصعُب عليكما أن تتجاوزا هذه العقبات. هو كان واضحاً وصريحاً معك و بأنه لن يستطيع أن يتخطى هذه العقبات، و أن الزواج بينكما ربما يكون مستحيلاً نظراً لجميع الفروقات التي بينكما. أنتِ كفتاة تعيشين في بلدٍ غريب و ترين الفتيات اللاتي في مثل سنك يعيشن تجارب عاطفية بلا قيود و كذلك بلا حدود نظراً للثقافة التي تحكم سلوكيات الفتيات والنساء في تلك الدول ، التي تُبيح للفتاة أن تمارس حياتها العاطفية والعلاقة الحميمة مع من تشاء إذا أرادت القيام بهذه العلاقة، بينما تقفين أنتِ مُكبّلة بقيود جئتِ بها من الثقافة التي عشتِ فيها طيلة حياتك، والتي تمنعك من القيام بما تقوم به الفتيات اللاتي في مثل سنك من البلد الذي تدرسين فيه و كذلك بقية الطالبات أو الفتيات اللاتي يعشن في البلد حتى ولو كنّ من خارج البلد، ولكن يشتركن في الثقافة والسلوكيات. لا أعرف ماهي خبراتك السابقة في العلاقات العاطفية، وهل هذه أول تجربة عاطفية لك؟. للأسف الشديد فإن علاقتك هذه قد ولدت ميتة!. فالفروقات الدينية والثقافية بينكما كبيرة جداً، و تجاوز هذه الفروقات أمر شبه مستحيل، وأعتقد أن أفضل ما يمكن لكِ أن تفعليه هو أن تحاولي أن تُنهي دراستك بأسرع وقت ممكن و أن تُغادري المدينة التي تعيشين فيها أيضاً بأسرع وقت ممكن، وحبذا لو تعودين لأرض الوطن و تبقين فترة ترتاحين فيها، وتُراجعين فيها مسيرة حياتك و تبتعدين فيه عن الشخص الذي تعلقتِ به، وتحاولين أن تُفكّري بشكلٍ بعيداً عن ضغط وجود هذا الشخص، وأن تُفكري بمستقبلك بشكلٍ هادئ. أعرف صعوبة هذا الأمر، ولكن أعتقد أن هذا هو الحل المناسب في الوقت الحالي. أدعو الله أن يُساعدك للخروج من هذه المحنة وأن يقف بجانبك و أنت تجتازين هذه المرحلة الصعبة من حياتك. هناك الكثيرون الذين مرّوا بتجارب مماثلة، واجتازوا هذه العلاقات وعاشوا حياةٍ طبيعية فيما بعد. تفكيرك بأن تتزوجي من هذا الرجل و تضعين أهلك أمام الأمر الواقعي، هذا سلوك غير صحيح، بل غير ناضج و يُعقّد الأمور أكثر، فلا تفكرّي فيه مُطلقاً. بودي لو أن تتحادثي مع أحدٍ من أقاربك أو أصدقائك يكون شخصاً ناضجاً، مُتفهّماً يستطيع أن يُساعدك.