تحتاج المرأة في مراحلها المختلفة إلى الأمان النفسي وتهيئة الجو الذي يحتوي مشاعرها ويستوعب حاجتها لأن تحب وتحب، فطبيعتها المجبولة على الرحمة والتراحم تجعلها تتلمس العاطفة والحب وتحرص على بذلها وطلبها في الوقت نفسه. لكن الواقع يشير إلى غياب هذه الروح في أكثر البيوت الآن، فبات مألوفاً ان نجد زوجات يعشن في بيوت مظلمة لا يرين الابتسامة ولا يسمعن كلمة المحبة! وبنات معزولات عن آبائهن وندر منهن من تسمع كلمات الثناء على أناقتها وحسن اختيارها أو كلمات الحب والحنان والعطف ولين النفس. لذا فإن المرأة التي افتقدت هذه الحاجات الأساسية لوجودها كامرأة سوية تجدها أسرع الناس إلى السقوط، وعدم الاحتفاظ كثيراً بالتوازن في مواجهة الواقع القاسي فيسقطن فرائس سهلة للانحراف بحثاً عن الحب والعطف والحنان! وقد كشفت دراسة ميدانية أجريت على عدد من نزيلات السجون، ان الحرمان العاطفي عند الفتيات غير المتزوجات هو السبب الرئيس لجرائم الاناث ولاسيما في ظل تدهور المناخ الأسري وضعف العلاقات الأسرية. وأكدت الدراسة التي أعدها الدكتور محمد بن إبراهيم السيف أستاذ مناهج البحث والدراسات الاجتماعية بكلية الملك فهد الأمنية ان اتجاهات الوالدين تؤثر في شخصية الفتاة تأثيراً بالغاً، فالاتجاهات المشبعة بالحب والقبول والثقة تمنحها الأمان العاطفي والاستقرار النفسي، في حين ان الاتجاهات الجافة عاطفياً والسلوكيات المترتبة عليها قد تدفعها إلى عالم الجريمة والانحراف. الأمان والثقة ويؤكد د. السيف، ان افتقار الفتاة للأمان الأسري وشعورها بالحرمان العاطفي والذي يتمثل بالوقوف أمام رغباتها والحيلولة دون تحقيق احتياجاتها حتى ولو كانت مشروعة وضرورية، أو المبالغة باستخدام العقاب البدني والمعنوي ضدها يضاعف من كراهيتها للحياة ويولد لديها مشاعر انتقامية ضد الأسرة وقد يكون الحرمان العاطفي عند الفتاة من سلوك الوالدين وسماته النبذ والاهمال وعدم المبالاة أو الاهتمام بالحاجات المادية والنفسية والاجتماعية، أو حتى الاهتمام بوجود كيانها الشخصي الاجتماعي بشكل يهدد مشاعر الأمن ويستحث مشاعر الاحباط، وقد يكون سبب الشعور الحرمان العاطفي لدى الفتيات التفرقة والتفضيل والتمييز بين الأولاد في المعاملة لأسباب غير منطقية كالتفرقة بين الذكر والأنثى أو التفرقة بالترتيب الميلادي أو تفضيل أولاد إحدى الزوجات. وكشف الباحث عن وجود اضطراب وخلل في المناخ الأسري عند الفتيات (غير المتزوجات) حيث ان (50٪) الفتيات المحكوم عليهن بالسجن بارتكابهن أفعالاً جنائية محرمة كن يشعرن بالحرمان العاطفي الأسري وتبين نتائج التحليل الإحصائي ان هؤلاء الفتيات المحرومات عاطفياً يرتكبن أفعالاً جنسية محرمة بحثاً عن مشاعر الحب والحنان أو يمارسن أفعالاً جنسية غير شرعية مع الآخرين انتقاماً وتشفياً وكراهية للوالدين أو الأشقاء ونادراً جداً ان تتخذ الفتاة الفعل الإجرامي وسيلة لسد الحاجة المادية أو رغبة في تحقيق المتعة الجنسية المحرمة. وتشير الإحصائيات إلى ان البحث عن مشاعر الحب والحنان هو السبب الرئيس للسجن عند ما يزيد عن 52,2٪ من عينة الدراسة من الفتيات غير المتزوجات، يليها الرغبة في الانتقام وكراهة الأسرة بنسبة 32,2٪ بينما تأتي الحاجة المادية والغرائز الجنسية في مرتبة متأخرة ونسب مئوية أقل. وتشير الدراسة إلى مشكلة اجتماعية مرضية خطيرة لها آثارها المدمرة على أقدس مرحلة في الحياة الإنسانية وأنبلها وهي الحياة الزوجية وتتمثل هذه المشكلة بمعوقات الزواج وهي مشكلة تهز النسق القيمي للشخصية بشكل يفسد الحياة الاجتماعية حيث تبين من الدراسة الميدانية ان البنات مرتكبات الأفعال الجنائية المحرمة كن يرغبن بالاستقرار الاجتماعي ويبحثن عن الدفء والأمان العاطفي بأسلوب شرعي مقبول عن طريق الزواج لكن هذه الرغبة وجدت معوقات وردعاً لهذا الطموح ا لمهم. العنوسة والحرمان العاطفي وتؤكد نتائج الدراسة ان العنوسة تزيد من وطأة الحرمان العاطفي عند بنات الأسر بمعدل (67,8٪) وتدفعهم إلى ارتكاب الانحراف الجنسي كما تشير البيانات التحليلية ان ثقافة المجتمع تحد من زواج بنات المجتمع عند تخلي الأسرة عن وظيفتها بالاهتمام والعناية بتزويجها وعدم المبالاة، حيث ان نسبة اهتمام ولي الأمر بذلك لم يتجاوز (10,5) أو ان يطلب ولي الأمر مهراً عالياً من الشخص المتقدم للزواج نسبة تصل إلى (5,7٪) من أسباب العنوسة أو عندما يكبر سن البنت بسبب حرصها الالتحاق بمراحل التعليم (4,4) والمرأة في المجتمع السعودي كلما كبر سنها قلت فرصة احتمال زواجها لأن المجتمع يمنح قيمة اجتماعية لسن الزوجة الصغيرة كذلك يلاحظ ان ثقافة المجتمع تحد من زواج بعض بنات الأسر (3,9٪) بسبب إعراض أبناء المجتمع من الزواج بهن بسبب وسم المجتمع للأسرة للانحراف ككل بسبب انحراف أحد أعضائها. حرمان الفتاة من التعبير عن رأيها ويؤكد المرشد الاجتماعي والمهتم في قضايا انحراف الفتيات والشباب الأستاذ محمد بن صالح القحطاني ان الحرمان العاطفي الذي تعيشه أغلب الفتيات هو السبب الرئيسي في الانحراف ولذلك تلجأ إلى البحث عن الحب والحنان والعطف خارج أسوار البيت لأنها بطبعها تحب ان تسمع الكلمات الجميلة والإطراء والمديح هذا غريزة جعلها الله في قلوب البنات والأنثى بشكل عام مهما بلغت المرأة من العمر ومهما اعتلت أعلى المناصب لا تستطيع ان تعيش دون حب أكان هذا الحب من أبيها أو زوجها أو أخيها أو حتى ابنها كل حسب حدوده المسموح له شرعاً وأضاف القحطاني ان هناك من الأسباب التي تجعل الفتاة أو المرأة تبحث عن الحنان والحب خارج البيت أبرزها غياب الوازع الديني وغياب الوالدين عن حياة الفتاة وعدم اشباع رغبة الفتاة في المدح والثناء والإطراء في كل ما تفعل مهما كان عملها أو فعلها صغيراً أو تافهاً وحرمان الفتاة من التعبير عن رأيها وعما في داخلها والخوف الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي. وغيرها من الأسباب الكثيرة التي تسبب الحرمان العاطفي. زوجي هو السبب ويقول القحطاني هاتان قصتان أكبر دليل عن احتياج المرأة للحب والعاطفة والحنان وهذا فيض من غيض من القصص، والآلام والمآسي التي تصلني من بعض الفتيات والنساء التي يعشن حرماناً عاطفياً ومن القصص التي وقفت عليها بنفسي.. فتاة تزوجت في سن مبكرة ورزقها الله زوجاً طيباً فيه سمات الخير والصلاح.. منحنها كل ما تتمنى سوى شيء واحد كان قليل الكلام معها وكانا يعيشان حياتهما ضمن نمط متكرر وعلى نسق.. نوم، طعام، عمل، طعام الغداء، نوم، قراءة الصحف والمجلات، سهر هادئ ممل، ثم نوم وهكذا فلم تشعر يوماً بالعطف والحنان. فشعرت بضيق شديد لهذا الحال.. فضاقت ذرعاً بالوحدة التي كانت تخنق أنفاسها، والوحشة التي تتملكها.. ومرت الأيام وهي تعاني شعوراً غريباً وأرقاً قاتلاً لهذه الحياة.. وذات يوم وبينما كانت جالسة بالقرب من الهاتف رن الجرس ورفعت السماعة.. وفوجئت بأن المتحدث شاب مراهق يطلب منها ان تمنحه لحظات ليعبر لها عن شعوره نحوها.. أغلقت السماعة فوراً دون ان تسمح له بذلك.. أعاد الكرة.. لم تسمح له بتحقيق غرضه في البداية.. ثم ضعفت وأحست انه يشبع بكلامه رغبتها في صدرها ويطفئ ناراً تتأجج في قلبها.. رن الجرس ورفعت السماعة.. بدأ يحدثها بكلامه المعسول حتى أحست أنه يروي عطشها.. فذلك ما كانت تفتقده في زوجها.. شعرت أنها يعطيها ما تريد.. استمرت مكالماتها له وتكررت حتى أصبحت جزءاً من حياتها.. لم تنتبه لما اعترى زوجها من الشك والريبة نحوها.. كانت لا تفكر بشيء غير اشباع غريزتها بالكلام مع المراهق على الهاتف.. لاحظ زوجها ذلك وقام بتسجيل مكالماتها على حين غفلة منها.. ففوجئت بورقة الطلاق من زوجها.. ويضيف القحطاني ان الزوجة اعترفت بأنها كانت حالة مراهقة متأخرة قد انتابتها.. لكن تقول زوجي هو السبب!! زوجي هو السبب!! وتختم قصتها بالنشيج والدموع ندماً وحسرة على ما ارتكبت من إثم ومعصية. رسالة من فتاة وفي قصة أخرى توضح لما للأب والأم من دور كبير في انحراف الفتيات عندما تفتقد الحنان والحب حيث يروي القحطاني قصة فتاة تعرفت على شاب عبر الهاتف ثم جلست تحادثه أياماً ويقول: إن الشاب حاول مراراً وتكراراً أن يراها لكن فطرتها وحبها للخير منعها أن تقابله، ومع الحاح منه وغيبة من والديها وافقت ان تقابله.. فخرجت له فاذا به ينتظرها بسيارته ثم ركبت معه حاول معها أن تذهب معه إلى منزله فرفضت فقال لها ان جلوسنا في الشارع قد يلفت انظار الناس لنا فلنذهب الى إحدى البيوت.. فوافقت وذهبت معه إلى البيت ففوجئت بأنها دخلت احدى الغرف فاذا بها سبعة من الشباب غيره. فحاول حتى أوقع بها ثم ليته اكتفى بذلك هذا المجرم لكنه مكن الأصدقاء الذين كانوا معه في البيت بأن يفعلوا بها فقام بتصويرها ثم بتهديدها وما ذاك الا لغياب الأم عنها وابتعاد ابيها عن شعورها وعن حالها حتى أصبحت بعد ذلك سلعة رخيصة وتدخل إلى عالم الانحراف، ويتابع القحطاني حديثه قائلا ان الفتاة صرخت وندمت على هذه الأيام التي قادتها الى هذا المجرم ولكن بعثت لي برسالة طلبت مني نشرها وجاء نصها: أماه.. أماه.. أماه هل تسمعينني هل تنصتين إلى.. هل تسمعين الى صراخي وأناتي آآآه ه ه اذا كنتي لا تسمعين.. آه كيف لا تسمعينني وانا بين يديك.. اه كيف لا تسمعين وقلبي معلق براحتيك.. فافتحي صدرك إلى وقربيني اليك لارتمي بين احضانك.. وابث شكواي لك.. فكفكفي حزني وامسحي دمعي وكبليني بقيودك فلا قيد أطيق اليوم سوى قيدك الحنون.. ولا عذاب في هذه الساعة الا من أجل قلبك الرواف.. خذي قلبي.. ضعيه حبا على أعتاب قلبك يا امي.. ياأماه.. استري علي أجفانك.. واحميني من الثعالب الماكرة والذئاب الغادرة.. فصدك برد وسلام.. وحضنك الدافئ وئام.. ونصحك نورا استضيء به مدى الأيام.. لا تدعينني أتيه بين أدراج الحياة أتخبط في جحيم العصاة.. وأكون أسيرة بين ايديهم يفعلون بي ما يشاءون يبيعوني في أي سوق ويشترون.. فأنا أصبحت كالسلعة التي بها يسومون وعلى بضائعها ينادون.. حائرة.. تائهة.. بزنزانة الأوغاد.. قلوبهم مليئة أحقاد.. أماه .. انقذيني.. أجيبني.. هل تسمعين ندائي أجيبيني أيتها الأم.. ثقافة المجتمع السعودي يؤكد د. السيف أن المجتع السعودي وهو يتشابه مع أي مجتمع انساني آخر قد تهتم ثقافته بأهداف مادية ومعنوية يحصل عليها الأفراد بالمجتمع (ذكور، اناث) ليتحقق لهم التكيف الاجتماعي، ومن أهم هذه الأهداف الاستقرار الاجتماعي لأفراده، والذي لن يتحقق الا بحصول الفرد على الأمان العاطفي. وهنا تبدو القيم الثقافية (الاجتماعية - الدينية) في المجتمع السعودي تحض الأفراد ( ذكور - إناث) على أن يسعوا نحو تحقيق الاستقرار الاجتماعي والحصول على الأمان العاطفي بوسيلة مشروعة وهي الأسرة، وتنشأ المشكلة في المجتمع عندما يحدث انفصال بين الوسيلة (وهي الأسرة) والهدف (وهو الاستقرار العاطفي) فلا يوجد تكامل وانسجام بين الوسيلة والهدف فينشأ الانحراف بالسلوك وتشيع الجريمة. ضعف الوازع الديني وقد كشفت الدراسة الميدانية من خلال التحليل الاحصائي المتقدم لمتغيرات الدراسة المحددة لسلامة المناخ الأسري في الحياة الزوجية ان أهم العوامل التي تحد من الدفء في العلاقات الزوجية تزيد من السطحية والطقوسية في الحياة الزوجية هي خمسة عوامل رئيسة رتب أهميتها وقوة تأثيرها الاختبار الاحصائي التمايز (Discrimint) كما يتبين من خلال نتيجة الاختبار. ويلاحظ من خاصية العوامل السابقة وترتيبها ان الحرمان العاطفي عند الزوجات مرتكبات الأفعال المحرمة الجرائم ينتج بسبب الطقوسية بالزواج بحثا عن مشاعر الحب والحنان ناجم اساسا من الفارق العمري والفكري بين الزوجين او وجود قسر واكراه بزواج المرأة مما يفقد المودة والرحمة في العلاقات الزوجية وقد تتعرض الزوجة للنبذ والاهمال بسهر الزوج لضعف شخصية الزوج وبسبب عدم التجاذب والتقارب والتجانس مع الزوجة في الخصائص والسمات الاجتماعية والنفسية. ويثبت من تحليل الدراسة الميدانية ان حجم الجريمة يزداد اكثر عند المتزوجات اللاتي يشعرن بمعدل حرمان عاطفي كبير بسبب طقوسية وروتين الحياة الزوجية، وتبين من التحليل الاحصائي ان هذا النمط من الحرمان العاطفي يدفع أكثر إلى ميل المرأة إلى ارتكاب الخيانة الزوجية وممارسة الأفعال الجنسية المحرمة بسبب التعاسة والشقاء وسوء التوافق الزوجي وضعف الوازع الديني. الحاجة للعاطفة غريزة ويقول د. عبدالعزيز بن عبدالله الدخيل أستاذ الخدمة الاجتماعية المساعد - جامعة الملك سعود اذا اردنا الحديث عن الفراغ العاطفي، فلابد اولا من الحديث عن نقيضه وهو الاشباع العاطفي فالحاجة إلى الإشباع العاطفي غريزة تولد مع الإنسان، وهذا ما أثبتته دراسات كثيرة فتجد الرضيع يبحث عن الحنان وقد يتعالى صراخه الذي تسكته ضمة حانية من والدته. وبحسب نظرية الحاجات للعالم «ماسلو»، فإن للإنسان حاجات متدرجة - أسماها الحاجات الإنسانية Human needs تعمل كدافع أو محفز لأن يسلك سلوكاً ما حيث قسمها ماسلو إلى خمسة أقسام هي: الحاجات الفسيولوجية (كالحاجة إلى الأكل والشرب، والهواء) والحاجة إلى الأمن، والحاجة إلى الحب، والحاجة إلى تقدير الآخرين، والحاجة إلى تقدير الذات واشباع الغرائز ومنها الجنسية، تأتي - حسب تقسيمات ماسلو - ضمن الحاجات الأساسية في السلم الهرمي للحاجات فلابد من اشباعها، وما لم تشبع بطريقة سليمة تتفق مع معاييرنا الدينية والاجتماعية فإنها لابد أن تخرج بشكل او بآخر قد لا يتفق مع المعايير الدينية والأخلاقية والاجتماعية، قال صلى الله عليه وسلم: يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج. ويعتبر تأخر سن الزواج (لأسباب مختلفة كغلاء المهور، إكمال التعليم) أحد العوامل المساعدة في البحث عن إشباع الغريزة الجنسية خارج إطار الزوجية يساعد على ذلك عوامل آخرى منها ضعف الالتزام الديني، والتعرض للمثيرات الجنسية، وانتشار بعض العادات السيئة كالإعجاب المثلى على سبيل المثال. ولابد من الاشارة إلى أن الإشباع الجنسي لا يكفي وحده للوقاية من الانحراف، فلابد من إشباع الحاجة إلى الأمن والحاجة إلى الحب فنحن بحاجة إلى أن نشعر بالأمن من عدة دوائر تأتي دائرة الأسرة في مقدمتها، وما لم تشبع تلك الحاجة فاننا سنبحث عنها في مكان آخر حتى نجدها، والا ظللنا عرضة للاضطرابات والأمراض النفسية. كما اننا بحاجة إلى الحب والتقدير من الآخرين، وإن لم نجد ذلك من أقرب الناس فسوف نبحث عنه في أماكن أخرى، ففقدان الفتاة للحب والحنان داخل اسرتها، قد يدفعها - في ظل عوامل آخرى - إلى البحث عن هذا الحب والتقدير خارج الأسرة، وقد أمرنا ديننا الحنيف بالتواد والتراحم فيما بيننا، وقد أكد ذلك بين المتزوجين حيث قال تعالى {وجعلنا بينكم مودة ورحمة}. فإذا كان عدم أو ضعف اشباع الفتاة أو الزوجة لحاجة الحب والتقدير اليها من قبل أسرتها او زوجها يعد عاملا مساعدا في أن تبحث عنه بشكل منحرف، فما بالنا بمن لا يكتفون من الآباء والأمهات والأزواج بعدم إشباع الحب والتقدير لدى أبنائهم وانما ينزعون إلى إيذاء بناتهم وأولادهم وزوجاتهم بالشتم أو الضرب؟ إن من أسس الوقاية من انحراف الأبناء والبنات والزوجات، أن نسعى إلى اشباع احتياجاتهم من الحب والحنان والتقدير، أن نشيع ثقافة الحب داخل الأسرة، وألا نخجل من التودد لبعضنا البعض، كذلك علينا كمجتمع أن نجد مخارج بريئة وسليمة تتفق مع شريعتنا السمحة لإشباع حاجات شبابنا وشاباتنا، واستثمار طاقاتهم وتوجيهها لما يعود على المجتمع بالنفع.