قدمت جمعية الثقافة والفنون بالرياض عرضها (الأجساد) في مهرجان المسرح الخليجي للفرق الأهلية الثاني عشر بسلطنة عمان مساء الثلاثاء الماضي على مسرح أوبار بصلالة وسط حضور جماهيري كبير وعدد من المسرحيين الخليجيي، وألقت المسرحية حجرا صاخبا في ( في الخليج العربي ) حركت كثيرا من جموده وأثارت تساؤلات كثيرة على مستوى النص والصورة والفكرة واستطاعت المسرحية أن تشعل الجلسة النقدية بالآراء من كبار النقاد الخليجيين من خلال البعد الحداثي الذي خرج به النص وتحديدا من ( العلامات السيمائية ) التي تبناها العرض، والشخصيات التي جاءت على شكل تماثيل ( ذهبية وفضية وجبسية ). المسرحية استمرت تشعل النقاش بين المهتمين والمهتمات بالمسرح لليوم التالي والذي بعده باعتباره عرضاً صادماً لكثير من المسلمات المسرحية وتحديدا نظرية أرسطو وتغريبات برخت بنمطها القديم وخرجت بعرض متوازن في لغة الجسد والسينوقرافيا وشكلت مفهوما جديدا في المسرح الخليجي سيبقى اثره فترة أطول. المسرحية التي ألفها رجا العتيبي وأخرجها د. شادي عاشور حققت مستوى عالياً من النقاش والمتابعة بشكل اختلفت فيه عن كثير من العروض التي انتهت بانتهاء العرض، حيث سجلت نقطة تحول في مفهوم المسرح التقليدي إلى المسرح ( العلاماتي ) أو (السيمائي ) الذي يجعل الجمهور إيجابيا ويكتب النص كتابة أخرى. جانب من العرض وفي هذا السياق قال رجا العتيبي مؤلف المسرحية في الجلسة النقدية " ليس ما يمنع أن يعيد المسرحي النظر في جهازه المعرفي إما بهدمه أو بإعادة بنائه حتى يتمكن من فهم العلامات المسرحية التي كتب بها النص وظهر بها العرض مؤكدا على أن العرض السيميائي يحتاج إلى نمط معرف مغاير حتى نتمكن من فهم الدلالات الكثيرة التي بثها العرض طوال ساعة كاملة، مؤكدا على ضرورة التخلص من الكبرياء في محاكمة العروض، وألمح العتيبي أنه لم يكتب نصا بحروف وكلمات وإنما كتب (علامات) على المتلقي أن يجمعها ويشكل منها معنى ينطبع في ذهنه، فلسنا معنيين في النصوص السيميائية بالوعظ والنصح والإرشاد، وأشار العتيبي أن الفقرة القصيرة الخطابية التي ظهرت في النص وكذلك الجمل الإنجليزية هي في ذاتها ( علامات) مقصودة لها دلالة على المتلقي أن يبحث عنها من خلال سياق المشهد الذي جاءت فيه. وأكد د. شادي عاشور على البعد النفسي للعرض من خلال مفهوم (السيكودراما) وعددا من ملامح برخت بشكلها المطور وليس بشكلها المعتاد التي ظهرت به لأول مرة في الخمسينات الميلادية، وقال : "نحن نقدم تجربتنا في إطار قيم مابعد الحداثة مؤكدين على ضرورة أن يرتقي الجمهور الخليجي بمفاهيميه المسرحية على اعتبار أن الغرب سبقنا إلى تجارب حديثة جدا نحتاج أن نسرع الخطى حتى نلحق بركب المبدعين وليس المكوث على اجترار تجارب بعضنا بعضاً" . المسرحية حققت عرضا مشرفا للوطن وأظهرت القدرات المسرحية الواعية والمثقفة لأبنائها وأثبتت قدرتها على مقارعة رجالات المسرح الخليجي وأن المسرح في السعودية لا يقل مكانة عن غيره. مسرحية الأجساد من بطولة وتمثيل: علي الهويريني وعليان العمري وبندر عبدالفتاح وعبدالله فهاد ومحمد رمضاني ورائد الرفاعي وأحمد عبدالله وبسام الدخيل والديكور للمهندس محمد عسيري والماكياج والملابس نفذها فاضل المصطفى فيما أدار الإنتاج أحمد المسعود وفي الإضاءة هذال البيشي والصوت عبدالله عسيري وعلاقات عامة خالد الباز وتوثيق إعلامي فهد العصفور وهي من تأليف رجاء العتيبي وإخراج د. شادي عاشور وأشعار الراحل محمود درويش.