تزويج صغيرات السن من رجال مسنين، موجود في مجتمعنا السعودي أكثر من المجتمعات الأخرى، على ما أقرأ وأرى. فكم من مرة قرأنا في الصحف زواجات مؤلمة، فالفتاة عمرها 15 سنة والزوج سبعون سنة وأحياناً ثمانون، مع العلم ان ما يصل للصحف وينشر غيض من فيض وقطرات من بحر وان هذا النوع من الزواجات الذي فيه فارق العمر شاسع مخيف كثير مع الأسف وأكثره ان لم يكن كله يتم بالاكراه، ويتم طمعاً في المال من قبل الأب وربما من قبل الأم أحياناً فبعض الأمهات نوادر في قسوة القلب وتحجر المشاعر وعبادة المال، الأم حنان ورحمة ولكن لكل قاعدة شواذ. والذي أعتقده وأكاد أجزم به ان الأغلبية العظمى من تلك الزيجات غير المتكافئة في العمر ولا قريبة من التكافؤ تتم بقرار اجباري من أب جاهل طامع أناني تقف ضده الأم والبنت بلا فائدة لأنه طاغي الشخصية لا يهمه غير نفسه. ان زواج البنت الصغيرة من رجل كبر جدها، بل أكبر من جدها أحياناً، يجرح ضمير المجتمع وينشر الأسى والألم ويدل على مدى تغلغل الجهل والطمع. والبنت الصغيرة مسكينة لا تستطيع في الأغلب ان تواجه سطوة أب قاس عنيف ولا ان تقف في وجهه بقوة وتقول لا، كما ان كثيراً من هؤلاء الآباء الذين طمس الطمع مشاعرهم وعقولهم وران على قلوبهم، كثيراً ما يزوج الواحد منهم بنته الصغيرة جداً، لرجل مسن جداً، وعنده زوجة أو عدة زوجات وجيش من الأولاد، يزوجها بدون ان يستشيرها أو يخبرها فهي لا تدري الا بعد اتمام عقد النكاح ووضعها أمام الأمر الواقع الفاجع ووقوع الفأس في الرأس، فما هي مشاعر الفتاة المقهورة وأمها المسحوقة؟! كبر جدي واشتراني في رصيده وان رضيت ادخلت نفسي في عذابه وإذا لم تجد من الناس كفواً ذات خدر تمنت الموت بعلا إن الفتاة هنا تحس بالظلم الفادح الذي يطعن قلبها بسكين ويضرب عنقها بسيف. وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند والعجوز الذي يتزوج فتاة صغيرة كالجندي العجوز في المعركة ينهك ويهلك وتذهب كرامته وتزيد حسرته فزواجه يأتي بعكس مراده، هو يريد المتعة والسعادة فلا يجد الا الحسرة والتعاسة: يعذب بنت الناس ويعذب نفسه.. يعرض كرامته للجراح وتجربته للخيبة، وسمعته لكلام الناس وقد يقع فيما هو أخطر وأدهى.. قال الإمام ابن الجوزي في كتابه الثمين (صيد الخاطر): شكالي بعض الأشياخ فقال: قد علت سني وضعفت قوتي ونفسي تطلب الزواج من الصغيرات!! فقلت: احذر فإنك لا تقدر على ايفاء حقها فإن اجتهدت تلفت وان ضعفت غضبت هي على أنها لا تريد شيخاً كيف كان وأنشدته قول محمد التميمي: (أفق فؤادي من غرامك واستمع مقالة محزون عليك شفيق علقت فتاة قلبها متعلق بغيرك فاستوثقت غير وثيق وأصبحت موثوقاً وراحت طليقة فكم بين موثوق وبين طليق واعلم أنها تعد عليك الأيام لترثك استعداداً لغيرك..( ص 408) باختصار وقال وأبله البله الشيخ الذي يطلب صبية فإن حمل على نفسه لم يبلغ مرادها وهلك سريعاً، وان قنع فهي لا تقنع فتصير كالعدولة فربما غلبها الهوى ففجرت أو احتالت على قتله ..(ابن الجوزي صيد الخاطر ص 391 ) وزواج المسنين من صغيرات موجود في المملكة واليمن أكثر من دول الخليج الأخرى.. وبعض الطاعنين في السن يسافر للهند أو غيرها ليتزوج صغيرة! وإنما يتم هذا الزواج بالمال لا بالحب والعقل، قال أحمد شوقي ونتحفظ على لفظ التحريم: المال حلل كل غير محلل حتى زواج الشيب بالابكار ما زوجت تلك الفتاة وإنما بيع الصبا والحسن بالدينار سحر القلوب فربّ أم قبلها من سحره حجر من الأحجار فتشت لم أر في الزواج كفاءة ككفاءة الأزواج في الأعمار والغريب ان الشعراء ينهون عن الزواج من امرأة عجوز وينهرونه ويدعونه للهرب منها لكن قد لا يستغربون زواج الطاعن في السن من صغيرة مقهورة لا تنكحن عجوزاً ان أتيت بها واخلع ثيابك منها ممعناً هرباً وان اتوك فقالوا انها نصف فإن أمثل نصفيها الذي ذهبا!! وفي التعبير الشعبي (نصوف)! وقد وجدت قصيدة شعبية مؤثرة منسوبة لفتاة كويتية زوجت من مسن فقالت تشكو: يا من الدنيا وسر الكون بيده دعوة المظلوم عندك مستجابة خافي الإنسان تبديه العقيدة حجته تنجح وتبطل من جوابه يا الله انك تطلقه وتحل قيده واحد صار على روحه نشابه كيف ياخذ شخص شخصا ما يريده طالما يملك حياته باغتصابه يظلم الإنسان والدنيا سعيده يحرم المسكين من متعة شبابه كل يوم فيه مشكلة جديده كلها من نوع مشكلتي تشابه قصتي بينتها ضمن القصيده واخفي اسمي لا يحسون القرابه والدي طماع وامي مستفيده عندها الدينار ما تكره حسابه جوزوني شخص نفسي ما تريده تكرهه نفسي وقلبي ما رضا به كبر جدي واشتراني في رصيده وان رضيت ادخلت نفسي في عذابه وان بليت وصحت قالوا لي عنيده وان سكت القلب زيّد بالتهابه عيب اشوه سمعتي واصبح نكيده عندي السم الحمر يسهل شرابه من مناطقنا القريبه والبعيده ارتجي من فضلكم رد الاجابه تنصحون ابوي في جمله مفيده ربما يقنع ويرجع في صوابه وقد رد عليها الشاعر نجر بن فيصل العتيبي: يا الله المعبود وحنا من عبيده من دعا له مخلص ما صك بابه مطلع المظلوم من شبك حديده كل ما يخفى على العالم درى به ما تحل المشكله عبر الجريده غير قول الله في محكم كتابه الطلاق الشرع من نفس رشيده كان زوجك من عريبين النسابه لوصفات ابوك يا بنتي حميده ما دخل بالعيب باعه واشترى به وان حكمك الوقت بظروف شديده ارفعي نوع القضيه للقرابه تاخذين الحق غصب من وريده واقنعي بالعدل من دين الصحابه وفي الحديث الشريف (لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا تنكح الثيب حتى تستأمر) وجاءت امرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: ان أبي زوجني ابن أخيه بدون رضاي ليرفع به خسيسته فجعل الرسول الأمر لها إن شاءت خلعته أو أجازت، فقالت: قد أجزته ولكني أردت ان يعلم النساء ان الأمر لهن في تزويجهن، أو كما ورد..