ألعاب السلاطين يذكر التاريخ عن بعض الملوك والقادة والسلاطين شغفهم بألعاب الفروسية والخيل، وذُكر أن هارون الرشيد خامس خلفاء بني العباس كان مولعاً بلعب الصولجان، وهي ما تسمى في زمننا هذا لعبة «البولو»، حيث يتقاذف الفرسان الكرة بمضاربهم، كما عُرف عن المهدي بن أبي جعفر المنصور وهو والد هارون الرشيد أنه مولع باللعب بسباق الحمام، وكذلك كان المأمون بن هارون الرشيد مولعاً بلعب الشطرنج، بل كان المأمون يعجب من حاله ويخاطب ذاته وهو يقول: «أنا أدبر شؤون الدنيا وأعجز عن شبرين في شبرين»، ويقصد بذلك سعة مملكته مقارنة بمربع الشطرنج، كما كان يقول لجلسائه: «ألا يطلب أحدكم اللعب؟». «ملطاخ البنات» أقل إثارة كما قد نسبت الشطرنج لبعضهم، فقيل للشاعر العباسي المشهور «أبو حفص الشطرنجي»، كما كان المؤرخ والأديب العباسي أبو بكر الصولي يدعى ب «أبو بكر الشطرنجي» أيضاً، وكان الندماء يلعبون في مجلس الخليفة المتوكل «عاشر الخلفاء العباسيين» حتى قال المؤرخون: «ما ظهر الهزل واللعب في مجلس خليفة قط كما ظهر في مجلس المتوكل»، وهو بهذا نقيض جده أبي جعفر المنصور. وقد حرص العلماء أن يكون اللعب في الأمور المباحة وبعيداً عن أوقات الصلوات، كما ذكروا أن قوم لوط فتنوا باللعب بالحمام، كما أقر كثير من العلماء سلاطين زمانهم على ألعاب الشجاعة والفروسية، ولذا اشتهر في عصر الأيوبيين والمماليك والعثمانيين اللعب بالفرس، وكثر الفرسان حتى لقد عرف كل من السلطان «قطز» و»بيبرس» جيل الثمانينات: بلوت، كين كان، باصرة، السلم والثعبان، كيرم، «مونوبولي»، «أتاري» و»قلاوون» و»الأشرف خليل» و»قايتباي» و»قنصوة الغوري» وغيرهم من سلاطين المماليك البرجية والبحرية؛ بأنهم أبرع أهل زمانهم في الفروسية. وذكر «أ. د. نبيل محمد عبدالعزيز» - في كتابه «الملاعيب في عصر سلاطين المماليك»، وكتابه الآخر «هزل فرسان الخيل» - كيف كان هؤلاء السلاطين ورجال جيشهم وعسكرهم كيف كانوا على قدر كبير من الفروسية، ولذا كان كثير ما يصاب السلطان أو أحد قادته جراء هذه الألعاب المنتشرة آنذاك. الأرجوحة تجمع البنات على الفرح ألعابنا الشعبية ما زال الأطفال في القرى والهجر الصغيرة يزاولون بعض ألعاب الأجداد الذين توارثوها هم بدورهم - من أجدادهم في سلسلة طويلة تعود بنا إلى أصول هذه الألعاب والملاهي التي عرفت في كثير من الأقطار الخليجية والعربية، إلاّ أن اختلاف الأسماء فارق بينها كما فارقت بينها عوامل الجغرافيا والديموغرافيا. كان من أشهر ألعاب زمان لعبة «عظيم ساري» و»الحبشة» و»الغميضة» و»نط الحبل» وهي خاصة بالبنات - كما هي لعبة الخطة - حيث يضعن حبلاً بطول أربعة أمتار أو يزيد وتمسك اثنتين منهن طرفاه، ومن ثم يديرانه في الهواء وتدخل الثالثة لتقفز مع مرور الحبل أسفل قدميها وهن يرددن «شبرا أمرا.. شمس نجوم.. كواكب هو.. لعب الدوى»، كما كانت الفتيات يلعبن لعبة «الأم والذيب»، حيث تصطف الصغيرات خلف من اختاروها؛ لتقوم بدور الأم التي سوف تواجه الذئب الذي جاء ليأكل بناتها ويدور الحوار بين الأم والذئب الذي ينادي بأعلى صوته «أنا الذيب باكلكم»؛ فترد عليه الأم «أنا الأم بحميكم».. «عطوني المدلل».. «خل المدلل لأمه»، ويستمر الحوار إلى أن يهرب الذئب بعد محاولته الهجوم على الصغيرات اللائي يضربنه ضرباً مبرحاً، ولذا كان دور الذئب مقصوراً على البنت الجسيمة، ولا بأس إن مثل دور الذئب أحد أطفال الحارة من الأولاد، حيث يجيد الأولاد تقمص مثل هذه الأدوار. لعبة «الذيب».. هروب ومطاردة وكانت لعبة «شريخ الشرخ» و»المقرعة» و»الغبيّات» و»الكعابة» و»العكز» و»الدوامة» و»شق القنا» من أشهر الألعاب التراثية في ذلك الوقت، وقد ذكرها الأستاذ «محمد بن عبدالعزيز القويعي» - مؤرخ وباحث - كما ذكر لعبة «قزيز يا هندي» التي يردد فيها الصغار «قزيز يا هندي.. لبيك يا جندي.. عندك ما عندي.. إلى آخر اللعبة كما هي لعبة «يا خالي يا دلالي» التي ذكر أنها تعتبر من الغناء المسرحي المبكر للطفل سيما وهي تختص بالفتيات اللائي يرددن: يا خالي يا دلالي يا مطرقي وزراري العبد أبو طرباقه يشرب حليب الناقه يا خالي يا دلالي يا مطرقي وزراري ولعبة «أحوج حاحوني» وهي للفتيات أيضاً حين يرددن: أحوج حاحوني في السوق لا قوني معهم ولد عمي ليجا يخطب أمي خطيبةٍ قشرا تلعب مع العشرا أمي تناديني تبي تحنيني في عضيرة صيني صيني على صيني شد الحبل زهر البساتيني كما يذكر الأستاذ «محمد القويعي» أن لعبة الأم والذيب هي لعبة «يابونا جانا الذين» التي يلعبها الأولاد والتي أوردها الأستاذ «يوسف دوخي» في بحثه في رسالة الماجستير على أنها لعبة خاصة بالبنات، فيما أوردها «د. أحمد مرسي» على أنها لعبة شعبية مصرية يلعبها الأطفال بشكل تمثيلي، ولكنها تختلف في التسمية؛ إذ تسمى في مصر لعبة «الغراب النوحي» مع الاختلاف البسيط الذي لا يمس الفكرة العامة، وكذلك لعبة «جاكم سليسل جاكم»، و»جانا الغزيّل يردي يردي.. مكحلٍ بالوردي» وغيرها من الألعاب والأهازيج ك «سقلدح يا سقلدح»، و»الكوكبا يا لكوكبا»، وكذلك لعبة «أم تسع» المشهورة والتي يعلبها حتى كبار السن. وقد ذكر الأستاذ «القويعي» أن الباحث «أحمد عيسى» ذكرها في كتابه «ألعاب الصبيان عند العرب»، ونقل أن اسمها «القرق»، كما ذكر أن الأستاذ «أحمد الصباحي عوض الله» أورد في كتابه (فن المهارات والألعاب الشعبية) لعبة قريبة منها اسمها السيجة، كما ذُكر أن العلامة «أحمد تيمور» قد أورد بعض هذه الألعاب في كتابه (لعب العرب). ويذكر الأستاذ «صالح بن محمد المزروع» - مؤرخ وباحث - أن لعبة (الصقلة) خاصة بالبنات، حيث يحمل اللاعب بيده حصوة بحجم التمرة الصغيرة تسمى «المصقال»، ويضع أربع حصوات على الأرض، ثم يبدأ بحذف المصقال عالياً، ويقبض حصاة واحدة، ثم يلتقط المصقال قبل سقوطه على الأرض، ثم يستمر واحدة واحدة وتسمى الأولى، ثم اثنتان اثنتان، ثم ثلاث وواحدة، ثم أربع تسمى «الطبة» ثم «الخال»، وهي وضع الحصوات على ظهر الكف بشرط ألا تقل عن اثنتين؛ فيشاور خصمه أين خالك فيختار إحدى الحصوات التي ظهر الكف فيقذف بالحصوات إلى أعلى، ويلتقف الحصاة المحددة بالخال، فإن نجح استمر إلى المرحلة الأخيرة، وهي مرحلة «العكف والجدة»، وذلك بثني الكف ووضع الإصبع السبابة على الوسطى بحيث يكون من نصف دائرة بارتكاز الإبهام والوسطى، ثم يدخل يده الأخرى من أسفل الذراع المرتكز فيقذف بالحصوات خارج القوس فيختار الخصم الحصاة التي يرى أنها في أصعب مكان وتمسى «الجدة»، حيث يقذف اللاعب المصقال إلى أعلى وسحب حصاة واحدة لإدخالها من خلال القوس بحركة فنية وسريعة.. إلى أخر اللعبة، وهي في الغالب تعد من ألعاب الفتيات، وما يجدر الإشارة إليه أن الصقلة تختلف عن «المصاقيل» التي يلعبها الأولاد التي تسمى «البرجون أو كرات «البلي»، كما ذكر «المزروع» ألعاباً أخرى انتشرت في منطقة وسط الجزيرة العربية ك «طاق طاق طاقية»، و»الطبة»، و»الحدل»، و»المرامى»، و»سبع الحجر»، و»البيه»، و»الخنابة»، وألعاب لا تكاد تحصر في كتاب أو تقرير عابر. «الصقلة» تمر بمراحل الطبة والخال والعكف والجدة ألعاب مستوردة قبل بضع عقود كانت ألعاب الأولاد تكاد تنحصر في الكرة واللعب ب «السياكل» والعكوس التي هي عبارة عن صور على شكل كروت يشتريها الصبيان ليتسابقوا فيما بينهم على طريقة «حط وأحط»، أو «طيرن»، حيث ترمى الكروت في الهواء والكرت الذي تظهر صورته هو الفائز. وإذا عز وجود الكروت فإن أغطية علب المشروبات الغازية خير بديل لها، كما أن لعبة «علوك طرزان» إحدى الأماني بالنسبة للأطفال - رغم غلاء سعرها - ولذا كانت إحدى ابرز هدايا الطلاب الناجحين والمميزين في مدارسهم، حيث يتسابق الأولاد على الظفر بالعلكة التي تحمل رقم (1) أو على الأقل رقم (2)؛ في حين كانت الفتيات يلعبن أمام منازلهن «بُنياتي بُنياتي.. نعم يمه نعم يمه.. بجوزكم بجوزكم.. على مين يمه؟ على مين يمه؟»، و»عليا راحت.. راحت فين؟»، ولعبة «الدبق»، أو لعبة «الحكي»، وهي قصة تنسجها الفتاة من خيالها وتحكيها لزميلاتها على الرمل، حيث لا يوجد أدوات أو ألعاب تحاكي عناصر القصة، ولذا كان الأطفال في ذلك الزمان يتعايشون مع زمانهم بما توفره لهم بيئتهم، ولأن ألعاب البنات كانت رقيقة برقة مشاعرهن، فقد كان الأولاد على النقيض من ذلك ولا أدل على «شقاوتهم» إلاّ ملاحقتهم لسيارة الفليت وحمار القاز في أزقة المدن. الكيرم لعبة هندية مشهورة بين الأجيال جيل الثمانينات مع بداية التواصل الحضاري والتجاري توفر لأبناء الثمانينات والتسعينات الهجرية ألعاب أخرى وفدت من الشرق والغرب؛ لعل أشهرها لعبة الورقة العالمية، حيث أبدع معها الناس ألعاب «البلوت»، و»الكين كان»، و»الباصرة» وغيرها ، كما عرفت مجتمعاتنا لعبة «السلم والثعبان»، و»الكيرم» - الذي انتشر في المقاهي والقهاوي بين السمّار والطرقية - وكل هذه الألعاب هندية الأصل؛ لحين ظهور لعبة ال»مونوبولي» - التي انتشرت في منتصف الثمانينيات الميلادية - كما انتشرت «الأتاري»، و»أتاري نجم»، و»كمبيوتر صخر»؛ لتبدأ التسعينات الميلادية بعالم رقمي جديد تمثل في ألعاب «السيجا» وال «سوبر نيتاندو»، و»البلاستيشن». شبان يتنافسون في»الملطاخ» عالم تقني ومع دخول الألفية الجديدة أصبح الطفل - للأسف - جزء من الآلة، بل جزء من خلية إلكترونية يتشعب، حيث تتشعب ويميل حيث تميل وهو في جلسته بين والديه وإخوته يحضر جسداً بلا روحٍ تتفاعل معهم وتبادلهم «السوالف» وأطراف الحديث، ففي حين كانت الألعاب - فيما مضى - تساعد الأطفال على التواصل الحي والمباشر مع معظهم وتزيد من مكتسباتهم وقدراتهم العقلية ومواهبهم وتعزز فيهم روح الجماعة والعلاقات الاجتماعية وتبرز فيهم شخصية القائد الموهوب؛ أصبح الطفل الآن محاصراً بأجهزة ال «آي بود»، وال «أي فون»، وال «جالكسي»، وال «بلاك بيري» التي تحمل له أكثر من ألف لعبة وربما ألف مسابقة يعيش معها الطفل ويتعايش مع رموزها وأبطالها وهو في مقعده لم يبرح مكانه، وهي ضريبة التسابق التكنولوجي والتقدم التقني التي لا يحمل الطفل معها جريرة والديه اللذين يحملانه كل أسبوع لإحدى الصالات المغلقة عله يرى في ألعابها ما لم يره في أجهزة ال «أي بود» وال «دي في دي»، ويتذكر كيف كان جده - وربما والده - يلعب عظيم ساري في ليلة ماطرة في أزقة قريتهم الصغيرة. عيال اليوم «كلٍ يلعب لحاله» ويخسر المواجهة دون أن يتأثّر تبقى الألعاب والأناشيد والحكاوي جزءا من تاريخ الأمم والشعوب، كما هي الأشعار والقصص الإبداعية في الآداب والفنون التي تزامن كثير منها مع الحضارات والثقافات والقيم الإنسانية التي توارثتها الأجيال كابراً عن كابر حتى نقل الأولاد للأحفاد ما أدركوه من حياة الأجداد، حين كانت الألعاب والتسالي أحد منقولاتها التي ما زال الأطفال في أرجاء المعمورة كافة يعيشونها ويتعايشون معها برغم الغزو الإلكتروني الرهيب لعقلية وثقافة الصغار بمختلف مراحل طفولتهم المبكرة والمتأخرة. جيل الألفية تجاوز «السيجا» و«سوبر نيتاندو» و«البلاستيشن» إلى «آي بود» و«أي فون» و«جالكسي» و«بلاك بيري» وقد روي عن الرحمة المهداة عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم أنه كان يلاعب الصغار ويضاحكهم، كما سمح لعائشة رضي الله عنها أن تشاهد الأحباش وهم يلعبون بصحن المسجد، بل لقد سابقها عليه الصلاة والسلام، وحث الأنصار رضوان الله عليهم على الرمي ورمى معهم وشاركهم. آيباد بديل الألعاب الجماعية نهاية «المصاقيل».. زعل وهوشة طفل يلهو بألعاب النت .. عيش جوك يا بطل