أنا لم أصفع الهواء .. كنتُ فقط أصفّق ..! *** ينتدبني الليلُ في آخره وزيرًا على حزني ، فأقف في الصباح شاهدًا على قبرٍ مجهول .! مع تتالي ساعات اليوم وتوابع الشعر وشِيَم الأصدقاء وكثافة عوادم الحكايا الرديئة .. اعتدتُ على أن أبتسم للريح .. على أن أتسلّق سلَّمة الغيم كلما هطل المطر المبلّل بالغبار ، على أن أدثّرَ ستارة نافذتي بي ، وعلى أن أصلّي ..! بيني وبين ذاكرتي رائحة الزمن الآتي .. وبيني وبين قلبي مدينة من المحار .. وبقايا غرقى ... بيني وبينه سفر القرى ، وشهامة النخلة ، ونخوة الحزين ..لكنّ قلبي تابوتٌ فارغ من الأموات موحش بعدهم ..! أقسم لم أصفع الهواء كنتُ أحاول أن أصفقَ فقط ..! *** في المرآة وجهي .. وفي جبينك مرآتي ..! أحيانا أتذكرك الزرقة التي قذفت الغرقى على ساحل الموج .. أو الغيمة الساحلية التي تعود إلى البحر عذبة ..فلا تنقصه في ذهابها، ولا تعذبه حين تعودُ إليه مطرًا ..! أحيانا أتذكرك عصفورة على شباك حزين .. قطّةً بفروةٍ باريسية .. أو زجاجة عطرٍ مهرّبةٍ إلى بلادٍ كريهة الرائحة ... أحيانا أتذاكرك وعدًا خائبا .. كلامًا صامتًا .. نبيًّاٍّ مكذَّبًا .. وسيدةً لاتتعاطى الخبزَ كي لاتكبر .. أحيانا أخرى أراك نجمةً قبّلت الشمس فحاكمتها السماء .. سفينةً مات راكبوها من البرد والإعصار .. والوجع ..فعادت إلى الجزيرة خاوية إلا من أسمائهم .! أحيانا كذلك أتذاكرك ... يووووه .. كم أنتِ بعيدة ..! لن أتذكرك إلا حبيبتي التي تموتُ دائما ..! *** مرّةً .. زارني الليلُ ألقى عباءَتهُ في عيوني وأسماءَهُ في حكاياتِ أمي ، وأشياءَهُ في وسادةِ ليلى ، وأخبارَه في كتابي ..! جرّني من سريري .. وصار يحدّثني عن نساءٍ كثيراتِ يسألنني في الغيابِ عن البحرِ .. كيف ترامى بزرقتهِ في عيونِ الغريبةِ ثم انتهى شاطئًا للكلامْ ... قدّمَ لي شمعتينِ .. وكأسًا وذاكرةً لاتحبُّ كلام السياسةِ .. تأخذني للنهاياتِ في حزنها .. ثم تهملني في رفوف التذكّرِ مثلَ غبارِ الرياضْ .. كان يسألُ عن صوتها حينما قال: ( هل غادرَ البحرُ ضحكتَه ؟ لايزالُ يشيعُ القصائدَ في شهقةِ الشعراءِ .. أم أنّهُ منهكًا مثلَ توطئةٍ لكتابٍ قديمْ ...!) سيدي الليلُ دعني قليلًا .. قف أنت بالباب حلمًا عصيّ التحقّقِ ، تلك التي تتحدّثُ عنها طواها فمي غصّةً في الحديث.. و شعرٍ تقتّقَ في شفتي فاستوى للنساء حبيبًا من الغيبِ .. أو دمعةً في عيون الظلامْ .....! سيدي الليل .. إن زرتني مرَّةً غير هذي .. فدعني أنامْ ..!