* لاشيء يوقف زحف الموج إلى الشاطئ.. حتى لو كانت خاتمته انتحاراً على صخوره..!! هكذا تماماً لم أكن أصفع الهواء كنتُ أصفّق فقط..! كنهاية لم تبدأ.. كعام هجري يبدأ أول الخريف.. كالرواشين التي غادرتها الفتاة ولم تعتن بها عيون المارة.. كسلة أنيقة للمهملات من الروح، بت بحاجة ماسة لتغيير ذاكرتي، بحاجة لاختراع رائحة بيضاء غير الياسمين، بتهجين أوراق خضراء في حديقة الصبر..! حينما لا يدركك الأصدقاء على مرمى قصيدة.. ولا يتهجّاك من تحبهم كلما كتبتهم.. حينما تكون ربّ (البيت) الذي لم يضرب الدف، فيفاجئك أهلك بالرقص وحدهم.. حينما تتجاوزك العتمة بحجة إدراك الضوء تتجعّد السطور، ينكسر قلبك على برودة الشاطئ ويأخذك البحر لجزيرة لا يقيم فيها أشباهك أو حتى أشباحك، ولا يصغي فيها المشغولون باللوم لنبضاتك، ولا يسترق فيها السمع الذين أمنوا شهابك..! حينما لا تكون أنت تحاول جاهداً أن تدخل من ثُقب إبرة لتخيط ثوب العمر البالي، ترحل وراء الظلال بلا (جسد) ولا (مدينة) ولا حتى احتلام بوراثة الرمل، تصبح الأيام في يديك مثل مسبحة في يد شاعر شعبي..! لم أكن يوماً في وطن بلا أًصدقاء.. ولا في مدينة بلا شريعة، ولا حتى في جسد بلا رئة تتنفسني، ولا في شريعة لا تقيم وزناً للبسطاء، ولا في (بيت) بتحجب أهله حتى عن نشوتك بهم..! كنتُ دائماً أقرأ على صفحة الماء رعشات الأغصان.. وعلى مرآتي وجوه من امتثلوا لها غير عابئين بمجاورتها لسريري الذي أخرجته للعراء كي يحرس الشاعر فيه ليله الأخير، كنتُ أتوضأ دائماً للقصيدة، وأدعو قبل قراءة الأحلام، وأحدّث الجمع ممن ضم مجلسنا بأحاديث الأطفال الذين يبيعون الماء البارد على جمرة الرصيف ممزوجاً بعرقهم الحامض، ودعائهم لنا بالعطش المستمر..! لا مكان لقلب بلا سكينة، ولا لسكينة بلا قلب شجاع، ولا حتى لبسيط في تطبيع التكلف..! لا يستكين مثلي لهذا العزوف، ولا يمكن لعفوي مثلي أن يرتدي الحذر ساعة تربّص، لا أعرف أيها الأصدقاء والله لماذا لا تشيع القصيدة والحروف نميمة الصمت، لا أعرف لماذا لا يغازل الشعراء جميعهم القمر طالما كان لكل واحد منهم سماء، لا أعرف لماذا يتنكر النصل لغمده، والتجاهل لأهله.. بت لا أعرف شيئاً ولهذا سأغادر بانكشاف الجاهل وصفاء المجنون، وسادية الأبله..! ربما لا يعنيكم كثيراً تنمل أصابعي أو هروبي إلى حيث لا تكونون.. ربما يشعل الأعياد للمواسم السوداء الناهضة على أكتاف الموتى، ربما لا يعنيكم ما أنا فيه الآن من احتقان الأمس ويقظة الشاعر بلا قصيدة..! لست هكذا يا أصدقائي لولا أنني الماء الذي خطوتم عليه حيث لا طعم ولا لون ولا رائحة..! كنت دائماً أغني بقلب مذبوح وذاكرة يسكن الرمل في تشققات أقدامها التي تركض حافية في مسارب المساءات المنتحرة..! لستُ هكذا إلا ان أبقى.. أو يرحل الحزن عن قلوب الشعراء..! قلت لكم.. لم أصفع الهواء.. كنتُ أصفّق فقط..