صباح يوم جمعة، قبل حوالي أسبوعين، وفي تقاطع طريق النهضة مع طريق خريص في الرياض، وقفتْ إلى يميني سيارتان، تقودهما امرأتان، تؤشران برغبتهما في الالتفاف ناحية اليسار. أخرجت الأولى يدها، لإظهار رغبتها، فرأيت أنها ترتدي قفازاً، وأعطيتها المجال بتهدئة سرعة مركبتي، وتبعتها الأخرى وسارا في المسار الأيمن من الطريق. وواضح من ملابسهما أنهما من ذوات المهن الطبية. عند دوار شارع الأحساء اتجهتا جنوباً بكل حرفية واقتدار ووعي. لو قُدِّر للمجتمع أن يتقبل قيادة المرأة للسيارة بشكل نظامي ومفتوح، فلا بد من جهة معينة تأخذ الصلاحية في إجراء الاختبار المعتاد للمرأة، وقد تصر المرأة أو ولي أمرها أن يكون الممتحن - قصدي الذي يقيم قدرة طالبة الرخصة - امرأة وليس رجلاً. أعرف عشرات الأسماء من اللواتي يسقن مركباتهن داخل حي «أرامكو السعودية» في الظهران. والعوائل التي تسكن داخل «شبك أرامكو» كما يطلق عليه، بشر مثلنا، يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ومن عوائل سعودية لا ينقصون ولا يزيدون عنا شرفا أو ديناً أو سمعة. معظم اللواتي يقدن سيارات في تلك الجهات حصلن على رخصة القيادة من البحرين أو الكويت - خصوصاً قاطنات الخفجي. والكثيرات ممن قدن ويقدن في المدن الأخرى من المملكة حصلن على إجازة القيادة من الولاياتالمتحدةالأمريكية أو من بريطانيا. ففي تلك البقاع لا يسألون عن جنسية المتقدم لاختبار قيادة المركبات. أصل إلى القول إننا لن نعدم عقولا في مجلس الشورى وأوساط أهل العلم تصل إلى رؤية محددة تخرج الناس من الغموض والإبهام وسوء الروية. وكمواطن من عامة الناس أقترح أن يصار إلى إجازة الأمهات والمدرسات والطبيبات ممن يحملن رخصة قيادة نظامية. تقيَّم المرحلة بعد سنة أو أكثر. ولعمري أن سياقة امرأة عاقلة أقل خطراً من جهل سائق غبي أجنبي أرعن وربما فاسد النية والطوية.