قد يكون السائق الذي يقود سيارته بجانبك الآن بنصف عين، أو مريضا نفسيا، أو فاقدا للسمع، وتخيل ما شئت له من الأمراض والعاهات، فكل أولئك يقودون سياراتهم الآن وفي كل الشوارع ومعهم كل المصائب (ورخصة قيادة سارية المفعول بتأمين على الاستمارة)، وعندما يتسبب أولئك في حوادث قاتلة سيلقى اللوم على أمراضهم، وسيعودون لقيادة سيارتهم من اليوم التالي، وكأن أمرا لم يكن. هذا هو حال بعض قائدي السيارات هنا وبكل بساطة. يثني السعودي ركبتيه ليتعلم قيادة مركبته عند أقرب جار أو أخ، ويأخذ تعليمها منه بكل حماقات التهور والاستهتار وغباء القيادة، ثم سرعان ما يتحول إلى سائق يقضي ساعات يومه في الشوارع وأزقة الحارات ويمارس تهوره على القاصي والداني، وأخيرا يفكر في استخراج (رخصة السير) بالواسطة أو باجتياز اختبار بسيط جدا وكشف طبي كاذب ليغطي على حماقاته في قيادة السيارة، وهذا في اعتقادي مربط حوادث السير اليومية القاتلة التي تشهدها شوارعنا صباحا ومساء. تأملوا طريقة هؤلاء في قيادة مركباتهم، وأسألوهم أين وكيف وممن تعلموها، ثم ابحثوا عن السائق الخمسيني والستيني وأسألوه متى استخرج رخصته، وكم مرضا يحمله في جسده لتعرفوا أننا لانزال نعالج مشكلة كوارث السير اليومية علاجا ظاهريا، فيما السبب الفعلي بعيد عن النقاش. لن تمنع غرامات النقود سائقا من معاودة مخالفته السابقة إن كان لا يعرف أصلا كيف يقود سيارته بالنظام. ولن يردع حادث مر بخير سائقا آخر مصابا بأمراض نفسية أو عضوية إن كان لا يستطيع هو أصلا أن يقود نفسه ويتحكم فيها، وحين يعاد النظر في كل أولئك ويحالون دوريا إلى اختبارات إجبارية، فأكاد أجزم أن تلك المهازل اليومية ستنخفض إلى النصف وأكثر. مشكلتنا تكمن في أننا تعلمنا أن نمسك مقود السيارة بالطريقة الخطأ، حين تهور وفضول. وهنا، يطرح سؤال: تتغير السيارات، وتصيب أحدهم أمراض القلب والعين والإعاقة، وتأتي فنون أخرى للقيادة ولاتزال رخصة السير هي هي كما هي، لا يتغير إلا تاريخ انتهائها حتى تموت، فلماذا لا يعاد النظر في طريقة التعامل بها، واستحداث معايير صارمة واختبارات دورية ليبقى على الطريق من يستحق؟. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة