كشفت الإحصاءات الجديدة أننا نحتل مركزا متقدما على مستوى العالم بالنسبة إلى حوادث السير؛ فنحن نأتي أولا في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط. هذه الصدارة بلا أدنى شك غير مشرفة إطلاقا، وتعني أن هناك خللا كبيرا ومشاكل يجب تلافيها. “شمس” ناقشت هذا الجانب مع المسؤولين والمواطنين وخرجت بالتالي: ظاهرة مزعجة اتهم علي العلوان (موظف) بعض المواطنين بالتسبب في الكثير من الحوادث؛ حيث اتهم غالبية الشباب بجهل قوانين القيادة، ويقول: “معظم الشباب لا يملكون الخلفية الكافية للقيادة ويجهلون أنظمة المرور، إضافة إلى تهور الغالبية العظمى منهم أثناء قيادة المركبات سواء داخل المدن أو خارجها”. وأشار العلوان إلى أن أغلب الحوادث المميتة تنجم بعد عملية (قطع الإشارات)؛ الأمر الذي اضطر العلماء إلى إصدار فتوى شرعية تحرم ذلك الفعل، لكن للأسف هناك بعض أولياء الأمور يمنحون المركبات لأولادهم حديثي السن دون أن ينبهوهم إلى قواعد المرور، إضافة إلى ذلك يحرص البعض على استصدار رخص قيادة لأبنائهم ممّن هم دون السن النظامية بعدة طرق، ويتناسون أنهم بذلك يعرضون حياتهم وحياة الآخرين للخطر، وتمنى العلوان أن يكون هناك وعي أكبر من المواطنين والمقيمين؛ حتى تقل نسبة الحوادث المرورية التي أصبحت بمثابة الظاهرة المزعجة. ثقافة القيادة ولم يستغرب عبدالله العبدالله (موظف) أن تتصدر السعودية في نسبة الحوادث المرورية، وأعاد ذلك إلى أسباب عدة، منها كما يقول: “عدم وجود طرق داخل المدن تنقل المواطن من مكان إلى آخر؛ حيث تغلق معظم الطرق الرئيسية؛ ما يتسبب في الضغط على بعض الطرق، ومن ثم تزدحم؛ ما يتسبب في حوادث مرورية”. ويضيف: “الأمر المؤسف أن بعض قائدي المركبات من الجنسيات الآسيوية، وأقصد السائقين الخاصين بالعوائل، يأتون إلى السعودية ويتعلمون القيادة في شوارعنا؛ حيث لا توجد طرق مخصصة لتعلم القيادة؛ وهذا مما يزيد المشاكل ويعقدها، أما الشباب فمنهم من يقود بشكل نظامي، وكثيرون يجبرونك على البعد عنهم بسبب السرعة العالية والقيادة المتهورة. وإذا كنا نريد أن نقلل من الحوادث فعلينا أولا أن ننشئ طرقا رئيسية تتسع لجميع المركبات وتحتوي على قواعد مرورية إرشادية تساعد على تنظيم السير”. مضاعفة العقوبة من جانبه، يقول محمد القحطاني (مرشد طلابي): “يجب أن تكون هناك توعية تشمل جميع فئات المجتمع، خصوصا الشباب والعوائل التي تستقدم السائقين الآسيويين؛ فالشباب يمرون بمرحلة خطيرة في السن تجعلهم يتجهون إلى كل ما فيه مخاطرة وعنف وقوة؛ كونهم في مرحلة المراهقة، ولكن من خلال تقوية الرقيب الذاتي لديهم فإن ذلك يسهل الكثير ويجعلهم يحرصون على سلامتهم وسلامة الآخرين”، ويؤكد القحطاني أن أغلب ضحايا الحوادث هم من فئة الشباب الذين يعتبرون عماد المستقبل، ويضيف: “يجب أن نحافظ عليهم من خلال (مضاعفة العقوبات) سواء المادية أو سحب سياراتهم حتى إن وصل الأمر إلى التشهير عبر الصحف، خصوصا لمن يقطع الإشارة المرورية أو يتجاوز من خلال الخط الأصفر”. ووجه القحطاني عتبه إلى إدارة المرور ويقول: “عند بداية أي قرار تجدهم يكثفون الجهود لتطبيقه، ولكن بعد مضي الوقت يبدؤون بالتهاون، ويعود الوضع كما كان؛ بدليل أنه عند إقرار نظام تجاوز السرعة كانت السيارة وقائدها يحجزان مباشرة، ولم يكن هناك أي تساهل في عملية الوساطة، أما الآن فالوضع تبدل نوعا ما”. السبب.. المخالفات ويؤكد الرائد مهندس علي الزهراني الناطق الإعلامي بمرور المنطقة الشرقية أن حملة توعوية ستنطلق هذا الشهر للتعريف بأضرار السرعة وآلية عمل نظام المراقبة الإلكترونية، وأضاف: “فيما يخص حوادث السير يجب أن تنطلق التوعية أولا من المنزل من خلال رب الأسرة؛ حيث لا يكتفي فقط بشراء سيارة لأبنائه دون تحذيرهم من العواقب الوخيمة حال إساءتهم التعامل معها”. وفيما يتعلق بنظام إصدار الرخص يقول الزهراني: “من خلال دراسات مرورية وطبية تبين أن السن المناسبة لقيادة المركبة وإصدار رخصة قيادة هي سن ال18؛ حيث يكون الشاب في هذا العمر قادرا على التعامل مع المفاجآت من خلال ردة الفعل الطبيعية، وكذلك يجيز النظام إصدار رخصة قيادة مؤقتة لمدة سنة لمن هم في ال17؛ لذا فإن فكرة تأخير إصدار رخصة قيادة لما بعد سن ال18 غير واردة، وذلك عطفا على الدراسات المرورية والطبية”. ويضيف الرائد الزهراني: “إذا أخذنا الأمر ببساطة دون الالتفات إلى الأرقام التي تشهد ضحايا وفيات وإصابات، فإننا سنجد أن خلف أي حادث مروري مخالفة مرورية؛ بمعنى: انظر إلى أي حادث مروري أمامك وفكر في سببه ستجده إما سرعة وهذه مخالفة أو قطع إشارة أو تجاوزا بطريقة غير صحيحة أو عدم الانتباه إلى الطريق أثناء القيادة أو عدم ترك مسافة بين السيارة الأخرى؛ لذا فإن الحل الأمثل لتقليل الخسائر والابتعاد عن مرتبة الصدارة فيما يخص الحوادث المرورية والإصابات والخسائر هو التقيد بأنظمة وتعليمات المرور التي وضعت من أجل المصلحة العامة وحفاظا على الأرواح والممتلكات”. إيقاف المخالفين من جانبه، يقول الملازم أول عادل المطيري الناطق الإعلامي بأمن الطرق بالمنطقة الشرقية: “بلغ عدد الحوادث المرورية المسجلة العام الماضي في المنطقة الشرقية 946 حادثا نتج منها وفاة 346 وإصابة 1018 بإصابات مختلفة، وبلغ عدد المخالفات المرورية المحررة 497963 مخالفة مرورية متنوعة، وكل هذه الأرقام خارج المدن بحكم اختصاص أمن الطرق، وأضاف: “نأمل من الجميع توخي الحذر أثناء القيادة والتعامل مع قيادة المركبات في الطرق بكل جدية؛ لأنها قد تسبب الوفيات أو الإصابات أو الخسائر سواء البشرية أو المادية”. وأوضح الملازم المطيري: “دوريات أمن الطرق في الطرق السريعة لا تتهاون مع مخالفات السرعة أو أي مخالفة أخرى؛ حرصا منا على تطبيق النظام وعدم إتاحة الفرصة لأحد يضايق الآخرين أو التسبب في خسائر مادية أو بشرية؛ لذا فإن الكثير من نقاط التفتيش المتنقلة يكون بها رادار لرصد السرعة وتحرير مخالفة وتطبيق النظام بحق المخالفين”.