رأفة بكى من ألم يديه المقيدتين ، نظر إليه برأفة، وقدمت له سكيناً ليقطع حبل قيده، رفع رأسه وابتسم لي، رددت على ابتسامته بابتسامة أكبر منها، وحين هممت بالرحيل، رفع يديه المقيدتين وهو ممسكاً بالسكين، وطعنني من ظهري !... نمام كثيراً ما كان يأتي لي ليشكو الجميع، كنت صامتاً أمام سيل كلماته، وحين تصمت أحرفه كنت أواسيه، وأضرب له مثل نفسي في الصبر. فجأة لم يعد يشكو إلي، كان يستجدثني على الشكوى، أخطأت ذات يوم وكلمته عن نفسي، فوجدت الجميع يتناقلون عكس ما قلت !... لم يجدني !... قالوا لي :- = لا ترتكز عليه، فلا قدر الله وسقطت، لن تجده أمامك، ستجده بعيداً هناك، يبحث عن الجسد الذي لا يسقط !... أكذبتهم جميعاً، ونسيت أنني أكذبتهم ... وبعد عدة سنين، كنت ذات مساء معه، فتعثرت بحجر على الطريق، مددت يدي لأستند عليه خشية الوقوع، لم أجد سوى الهواء، بحثت عنه في نظري ولم أجده ... وفي اليوم التالي، رأيته يعبرني كأصغر الأشياء، ويقف عند ثلة من الرجال، يتحدث معهم بحماس، اقتربت منهم، فوجدته يحكي لهم حكاية ذاك الصديق الذي تعثر في الطريق فأسنده فأختل توازنه وسقط، ولم يجد ذلك الصديق.. لم يجدني !... ممثل كان ممثلاً با رعاً ... فحين يكون مع غيري، كان يتخيل وجهي فيصفعني !... وحين يكون معي، كان يتخيل وجوههم ويصفعهم !... زيارة يلح كثيراً علي أن أزوره في منزله، كنت أعتذر له كثيراً، وأقبل كثيرا... وحين أطرق بابه، كان يرفع سماعة الهاتف قبل أن يفتح لي الباب، ويشتكي وجودي !... أخوة دائماً ما كان يصفني بالأخ ... ولأول مرة أعرف أنه لا يحب أخوانه !... قناع قلت له : لا أحب من يأتيني وهو يرتدي قناعاً على وجهه ... كان يشاركني الرأي بألم ... وحين رحل.. ترك قناعه بين يدي !... منصب زراني في مكتبي، جلس أمامي، كانت نظراته مصوبة على وجهي ... تحدثنا كثيراً ، وضحكنا كثيراً ، وكانت نظراته مصوبة على وجهي ... وحين انتهت ساعات عملي، قمت من مكاني، ودعوته إلى داري، لم يرد علي، نظرت إليه، فوجدت نظراته مصوبة على مقعدي !.... قرار كان يشاركني العمل، وحين قدمت إستقالتي لسبب ما، رحب ببعدي، وكاد أن يرقص ... وبعد فترة من الأيام قلت له :- = قررت أن أعود إلى عملي ... علامات الضيق بدأت على ملامحه، وقبل أن أكمل حدديثي عنه، أستأذن مني بعجالة وتركني لبضع دقائق، وحين عاد قال لي:- = قرارك هذا هو أجمل قرار... وفي الغد حين عدت إلى عملي، وجدت أفواه الموظفين مكممة!....