مع إتمام عامه ال "27" بات المهرجان الوطني للتراث والثقافة ب "الجنادرية" شاباً يافعاً يشار إليه بالبنان، واتضحت معالمه واكتمل بناؤه، وأصبح حاضراً بقوة ونضج، من هنا فإن الأمر يتطلب استثمار هذا النجاح والنضج بما يتواكب مع شبابه، وما يحيط به من متغيرات ومستجدات. أول هذه المتغيرات، أو المستجدات، هي أهداف المهرجان الذي يأتي في مقدمتها ترسيخ تراث المملكة لدى الأجيال لربط تاريخ المملكة العريق بالحاضر المزدهر... فالرسالة موجهة إلى الأطفال والشباب، والسؤال: لماذا يقتصر دورهم على المشاهدة فقط؟! ولماذا لا يتم مشاركة أطفالنا وشبابنا في النشاطات والمشروعات الوطنية والاجتماعية ؟! إن المشاركة الفعلية للشباب، وبأداء متقن ومنظم، تكون أكثر تعبيراً وتأثيراً وترسيخاً لمخاطبة هذه القاعدة العريضة في جيلهم لأجل تحقيق الكثير من الأهداف، وفي مقدمتها تنمية الوعي بالانتماء الثقافي والتراثي والحضاري. نقول "المشاركة الفعلية "وليس الديباجة المعهودة في التعليم منذ الصغر (انقل على السبورة / احفظ اربع حزام الامان شاهد وانت ساكت كلها اومر وتلقين ويبدأ الاطفال والشباب بتنفيذ الاوامر دون ادارك او وعي او شعور ويستمر الوضع على ما هو عليه وتتعاقب اجيالنا وهي تعاني من النقص الحاد من فيتامين الحس والشعور ليكون المحصلة النهائية هو نقل ما على السبورة والمشاهدة بلا شعور ..!! من هنا فنحن أحوج ما نكون الى ترسيخ الوطنية عند أطفالنا كوعي سلوكي وليس إنشائي على أن يكون ذلك منذ الصغر لان ترسيخها في مرحلة سنية مبكرة وتنشئة الطفل عليها يجعلها عنصرا مكونا في بناء الشخصية لاسيما ونحن لنا تجربة مثالية تؤكد اهمية التركيز على النشاطات إلا منهجية ومنها مدارس الرياض مثلا التي كانت ولازالت تركز على الجانب التربوي و النشاطات أللا منهجية ومن بينها ما يتم في حفلاتها السنوية من العرضات النجدية والاوبريت والقصائد الوطنية والفنون التراثية الاخرى واساس النجاح هنا هو ان تلك النشاطات من إعداد وأداء طلابها وطالباتها فنأمل ان تبقى على نفس الوهج والتألق . ان تلك النشاطات رسخت بحق الاصالة والانتماء وخلقت الابداع فلماذا لا نعززها ونعمم فائدتها لكي تكون اكثر شمولية بمعنى ان لا تقتصر على منطقة واحدة بل تضم جميع مناطق المملكة من شرقها الى غربها ومن جنوبها الى شمالها وأن لا يقتصر ايضا اقامتها فقط في المدارس والجنادرية بل ايضا في اليوم الوطني وغيرها من المناسبات الاخرى وذلك سعيا لإعادة الثقافة التراثية الى شبابنا الذي مع الاسف اصبح يجهل أصول فنونها والوعي بأهمية الحفاظ عليها !! ثانيا: كيف يمكن استثمار هذا المهرجان بما يتواكب مع الميلاد الجديد الذي تعيشه صناعة السياحة السعودية؟! بمعنى، ضرورة تحويل أو تطوير المهرجان ليصبح منتجاً سياحياً يتصدر الأنشطة السياحية السعودية ويقدم كعنصر جذب للسياحة الخارجية والداخلية ويتاح من خلاله الفرصة للجاليات والضيوف القادمين إلى المهرجان التعايش مع عادات وتقاليد وتراث المملكة . ثالثا: لا بد من إعادة دراسة توقيت إقامة المهرجان بما يتناسب مع ظروف الجمهور المستهدف.. والسؤال لماذا لا يقام هذا الحدث الضخم في عطلة الربيع، خصوصاً أن المناخ يكون مناسباً، والأسر تكون في امس الحاجة الى نشاطات أو فعاليات جاذبة؟ّ! رابعا.. لقد تشرفت قبل نحو 15 عاماً بتقديم مقترح الى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله والخاص بتكريم رجل الأعمال المثالي، كما تشرفت بتقديم مقترح آخر قبل 8 أعوام الى صاحب السمو الملكي الامير متعب بن عبدالله حفظه الله والمقترح يستهدف نصف المجتمع وهو المرأة، لاسيما وهي تحظى بجانب ملموس من نشاط المهرجان... ولكن ماذا عن تكريمها... فالمرأة السعودية في مجتمعنا ولله الحمد أصبحت موضع فخر واعتزاز بما حققت من إنجازات مشرفة وبكل جدارة واستحقاق، رفعت رأس البلد في الكثير من المحافل الدولية. .. فلنتطلع إلى أن تحظى المرأة المميزة بتكريم أيضاً في هذا المهرجان لتكتمل الصورة الجميلة، مع العلم بأنه قد تم بالفعل تكريمها في عام واحد تقريبا، ولكن السؤال لماذا توقفت تلك اللفتة الكريمة ؟ ولماذا لا تكون أكثر تنظيما وفقا لمعايير معلن عنها مسبقا..؟ لاسيما ومجتمعنا مليء بالأسماء المشرفة التي تستحق التكريم، وكل الرجاء والأمل أن يشهدن تكريمهن قبل رحيلهن!! واخيرا .. إن شاباً في 27 من عمره لابد أن يبحث عن التجديد في مظهره حتى وإن كان متمسكاً بعاداته وتراثه.