•• لا يمكن لنا أن نتفهم رسالة المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) الفهم الذي يليق به دون أن نستوعب مفهوم التراث الذي يستحضره هذا المهرجان والثقافة التي يقدمها، ذلك أن التراث في هذا المقام لا يتحقق الفهم الأمثل له إذا ما نظر إليه في ضوء الفنون الشعبية والشعر الشعبي والقرى التراثية فحسب على ما في هذه جميعا من قيم جمالية وفنية تكشف عن ثراء تاريخ المنطقة، التراث الذي تستحضره الجنادرية هو تاريخ الإنسان عبر الزمان وتحدياته والمكان وإمكانياته، تاريخ إنسان هذه الأرض عبر عصور من الجدب والفقر والظروف التي لم تنحن لها قامته فظل شامخا يقف وراء المحراث ويرعى النوق أو يبحث عن رزقه في أعماق البحر، التراث الذي تقدمه الجنادرية يهدف إلى ترسيخ انتماء الإنسان لهذه الأرض وولائه لها واعتزازه بتاريخها. •• وللثقافة في الجنادرية معنى آخر أكثر عمقا من أن ينحصر في قضايا الأدب شعرا وسردا ونقدا، ذلك أن الثقافة التي تقدمها الجنادرية إنما هي صنو وعي الإنسان بالعالم من حوله وإدراكه لما يضطرب في جنبات هذا العالم من تيارات واتجاهات سياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية بحيث تكون الثقافة مشكلة للحضور الأمثل للإنسان في العالم وعبر العالم فلا تغدو بعدها الثقافة عزلة بل جسرا نحو الآخر. هذه هي رسالة الجنادرية التي تقدمها لفهم معنى التراث والثقافة، فهل لنا أن نفهم هذه الرسالة في كل نشاط نقيمه ومهرجان نتبناه؟.