سألني أحد إخواني الأعزاء عن رأيي في حجب الإخوة غير الوارثين الأم من الثلث إلى السدس في مثل وفاة أحد الناس عن أمه وأبيه وإخوانه الأربعة الأشقاء فذكرت له أن المشهور من أقوال أهل العلم أن الإخوة يحجبون الأم من الثلث إلى السدس مطلقاً سواء أكانوا وارثين أو غير وارثين كالمسألة المذكورة في السؤال وذلك لعموم قوله تعالى: (فإن كان له إخوة فلأمة السدس)، أو لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره من المحققين من أهل العلم قول آخر مبناه على أن مقاصد الشريعة وحكم التشريع تقتضي اشتراط أن يكون الإخوة الحاجبون الأم من الثلث إلى السدس وارثين فإن لم يكونوا وارثين كالمسألة المذكورة فللأم الثلث والباقي للأب فرضاً وتعصيباً. وهذا القول وجيه وسياق الآية الكريمة - (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين) - إلى قوله تعالى - (فإن كان له إخوة فلأمه السدس). السياق يقتضي أن الحديث عن الورثة وأن الإخوة غير الوارثين لا أثر لهم في حجب الأم والله أعلم. كما سألني عن إحدى مسائل المشركة وعن رأيي فيها وذلك في مثل تركة متوفى عن زوج وأم وأخوين لأم وأخوين وأخت أشقاء فعلى القول بالمشركة باشتراك جميع الإخوة الأشقاء والإخوة لأم في نصيب الإخوة لأم الثلث وعلى سبيل التساوي في الاشتراك بين ذكورهم وإناثهم فإذا أخذ الأخوان الشقيقان وأختهم الشقيقة ثلاثة أخماس الثلث فهل تعاد قسمة هذه الأخماس الثلاثة بين الأخوين الشقيقين وأختهم الشقيقة إلى الأصل في القسمة للذكر مثل حظ الانثيين. فإذا افترضنا بأن ثلاثة أخماس الثلث المستحق لهم مقداره ثلاثون ألفاً فكيف قسمة هذا المبلغ عليهم على سبيل إعادة القسمة. فذكرت لأخي أن القول بتشريك الإخوة الأشقاء أو لأب مع الإخوة للأم قول وجيه يقتضيه عدل الشريعة ونصفها وقد أخذ به مجموعة من أهل العلم في مختلف المذاهب الفقهية. وإذا قلنا بهذا القول وأخذ الإخوة الأشقاء أو لأب ومعهم أخواتهم اللاتي يأخذن في المشاركة مثل إخوانهن فعلى القول بإعادة القسمة بعد ذلك بين الإخوة الأشقاء أو لأب مع أخواتهم على قاعدة للذكر مثل حظ الانثيين ففي المثال المذكور في السؤال لكل واحد من الأخوين الشقيقين اثنا عشر ألف ريال ولأختهم الشقيقة ستة آلاف ريال وعلى القول بعدم إعادة القسمة فللأخت نصيبها الذي أخذته في اشتراكها مع أخويها لأم وقدره عشرة آلاف، ثم قال لي أخي ما رأيك فيما يسمى بالوصية الواجبة حيث أخذت بها مجموعة من قوانين الأحوال الشخصية في البلاد العربية والإسلامية وصفتها أن يتوفى أحد الناس عن مجموعة من أبنائه وقد توفي قبل وفاته أحد أبنائه عن مجموعة من الأبناء، ولم يوصِ لأولاد ابنه المتوفى قبله بشيء لهم، فيؤخذ من تركة الأب المتوفى ما لا يزيد على الثلث ويقرر لأولاد الابن المتوفى قبله؟ فذكرت له أن الذي يظهر لي أن ما يسمى بالوصية الواجبة طبق التوضيح المذكور أعلاه يعتبر من الظلم والعدوان على حقوق أهل الحق، فليست التركات المخلفة من الموتى عطايا أو هبات منهم فإن حقوقهم في أموالهم تنتهي بموتهم إلا فيما يتعلق بالدين أو الوصية، وإنما هي عطية من الله سبحانه وتعالى لورثتهم، فلو قرر أحد الناس قبل موته حرمان أحد ورثته من إرثه لم يصح هذا القرار منه. فالمال للوارث من الله تعالى لا من المورث. وهذا يعني أن هذه الوصية المقرر وجوبها ظلماً وعدواناً قد انتزعت من حقوق استقرت لأهلها عطاء من رب العالمين انتزعت منهم بغير رضاهم ولا اختيارهم ولا بطيب نفوس منهم. وليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله ولا في إجماع الأمة ما يستدل به على مشروعية ما يسمى بالوصية الواجبة. والوصية التي جاء الأمر بها والترغيب في تقريرها هي ما تصدر ممن هو أهل للتصرفات الشرعية وهي جائزة غير لازمة حتى يموت الموصي فإذا مات لزمت بموته بشرط ألا تزيد على الثلث وألا تكون لوارث إلا بإجازة الورثة. فلو أوصى المسلم لأولاد ابنه المتوفى قبله صحت الوصية بما كان قدر الثلث، فإن لم يوصِ فالحق للورثة إن تنازلوا لغيرهم من حقوقهم الإرثية صح ذلك منهم وإن لم يتنازلوا فلا يجوز أن يؤخذ من حقوقهم الإرثية شيء إلا برضاهم. والخلاصة أن الوصية الواجبة عدوان على الورثة في أخذ شيء من حقوقهم الإرثية بغير حق فهي باطلة والحكم بها حكم بغير ما أنزل الله. والله أعلم. كما سألني - حفظه الله - عن رأيي في كون الجد من جهة الأم يعتبر من ذوي الأرحام في عدم إرثه من سبطه في حال وجود ورثة للسبط من ذوي الفروض أو العصب والحال أن الجدة من جهة الأم ترث مع ذوي الفروض وإن كانت من ذوي الأرحام. فأجبته بأن العلاقة العاطفية من أم الأم أقوى في الغالب من العلاقة العاطفية من أبي الأم. ولا يخفى بأن الأم - وتوريثها من أولادها محل اجماع من أهل العلم وهي من ذوي الأرجام من حيث المصاهرة فلعل لقوة العطافة أثراً في توريث الجدة الأم دون توريث الجد لأم في حال وجود ذوي فرض أو تعصيب. فللأم ثلاثة حقوق على أولادها ولأبيهم حق واحد. هذا الاعتبار الشرعي للأم قد يمتد نسبياً إلى الجدة لأم فيكون ذلك الامتداد مورثاً الجدة في الإرث مع الورثة في حال عدم وجود الأم. وقد ذكر أهل العلم أن للجدة لأم حق الحضانة في حال انتفائها عن الأم وليس ذلك للجد لأم مما يدل على أن لقوة العاطفة أثراً في القرب والاستحقاق والله أعلم. * عضو هيئة كبار العلماء