تتعرض المطوفة لكثير من الاحباطات مع كثير من التحديات، بالإضافة إلى كثير من سوء الفهم تجاه موقفها من مهنة الطوافة وموقف الشرع، وموقف النظام. وظن البعض الكثير -خاطئاً- أن مشاركتها في أعمال مهنة الطوافة تخدش الحياء، وتلغي وظيفتها كامرأة، وهذا تفكير غير صحيح. ولا يستقيم مع طبائع الحياة. ونعترف جميعا أن مهنة الطوافة تمر بظرف تحيط بها التحديات من كل اتجاه مما يستدعي يقظة جميع المطوفين والمطوفات والاستعداد لتحمل مسؤوليات وتبعات المرحلة القادمة. بما فيها من تقديم التضحيات الملائمة لإقالة الطوافة من أي عثرة. والمطوفة لها تاريخ مجيد في تاريخنا المكي، ولها تاريخ ناصع في تاريخ الطوافة، فهي شرَّفت الطوافة، وشَرُفت بها الطوافة. فهى من قامت بأعباء وأعمال كبيرة في مهنة الطوافة. وخاصة إعاشة وعلاج الحجاج،وإرشادهم لأداء المناسك. بل إن تاريخ مكةالمكرمة يذكر لنا أن هناك.. (عالمات).. من المطوفات كن يرشدن ويعلمن الحجاج في كثير من أمور دينهم. والمرأة المكية لم تأخذ حقها من التقدير الأدبي والثقافي والتاريخي. فلم تذكر أي من المصادر والمراجع التاريخية دورها ومكانتها وتأثيرها وأعمالها الجليلة في خدمة الشأن المكي وبخاصة مهنة الطوافة. ومع كل ذلك فقد استطاعت مؤسسة جنوب آسيا في إطار حرصها على توثيق جهود مطوفيها ومطوفاتها إصدار دراسة علمية استقصائية عن جهود المرأة المطوفة في الجزء الخامس من أعلام الطوافة والخاص بالمطوفات مدعمة ببعض الصور والوثائق والصكوك النادرة والمواقع التاريخية لمنازل المطوفات من إعداد المطوفة والمشرفة التربوية أ. فاتن بنت إبراهيم محمد حسين ود. مسعد محمد الديب. واليوم، وبالذات اليوم برزت في مؤسسات الطوافة الكثير من أسماء نسائنا المكيات اللاتي يحملن درجات علمية متقدمة ورفيعة مثل درجة الدكتوراه والماجستير والدبلوم العالي والبكالوريوس وما في حكمها. وفي تخصصات مميزة. بل إن بعضهن يعتبر من المثقفات البارزات في المشهد الثقافي السعودي عامة، والمكي خاصة. وكثير منهن يشغلن وظائف ومناصب مهمة وحساسة وحيوية في بعض الأجهزة الحكومية بمكةالمكرمة وغيرها. وكما قلت في كثير من إنتاجي الأدبي والثقافي إنني أحمل للمرأة السعودية عامة، والمكية خاصة تقديري واعتزازي وافتخاري الدائم بها وبانجازاتها وأشيد بها في كل المناسبات. ||| ويعاب على المرأة المكية أنها.. (اتكالية).. في المطالبة بحقوقها المشروعة والنظامية، أي أنها تريد من يتقدم الصفوف ليدافع عنها، ويطالب عنها، ويتحدث عنها وبلسانها، ويكتب عنها، ويشرح عنها. وهذا أمر أصبح في هذه المرحلة صعباً جداً. فإن لم تفعل وتقوم بأدوارها بنفسها فإنها سوف تخسر القضية كلها. وربما تضيع حقوقها. سألني الكثير من القراء عن جانب مهم وهو حقوق أبناء الظهور والبطون، وأعرف جيداً أن هذا الجانب من مهنة الطوافة الشريفة بالغ الأهمية ويثير الحساسيات البالغة بين أبناء المهنة. وقد قمتُ بمراجعة بعض مواد النظام في هذا الشأن، لمعرفة بعض الخلفيات، وليس كلها،فربما ومن خلالها يجد السائل ضالته والإجابة عن سؤاله. والغريب بل كان الاستغراب يسيطر عليّ، حين فهمت وعن قرب وبعد محادثات ومناقشات أن الكثير من المطوفات لا يعرفن أي شيء عن هذا الجانب القانوني المرتبط بحقوقهن المشروعة والنظامية. وذاك.. (التغييب الذاتي).. من المطوفة ذاتها يعود إلى أن تلك الأنظمة المرتبطة بالمرأة، والتي لم تمارس ممارسة فعلية وكاملة من قبل بعض المؤسسات، (وأؤكد على البعض)، مما أوجد هذا الخلل، أو أبرز طرح التساؤلات تلو التساؤلات !. ثم نشر البلبلة، ونشر أقاويل ولغوصات بعض الغوغائيين من المطوفين والمطوفات والذين يسيئون إلى مهنتهم، ومهنة آبائهم وأجدادهم، وفي الأخير يسيئون إلى أنفسهم قبل كل شيء. لأسباب نفسية، أو مسببات مادية، أو لأهداف.. (التحاسد).. و.. (التباغض).. و.. (نكران الجميل)... ويغفل - بقصد - المتشنجون أن بعض أفعالهم المتشنجة تشوه صورة مهنة الطوافة. وعلى المدى البعيد قد تُخِلُّ من تماسكها وترابط أركانها. وتبعد نقاط الالتقاء مع الآخر. ||| ففي هذه الدراسة أرغب في نشر بعض المواد النظامية المرتبطة بعمل المرأة وارتباطها بالجانب الديني، والشق النظامي. وأؤكد أنني أهدف من هذه الدراسة، ومن هذا النشر فعل.. (التنوير)..، وفعل،.. (الإرشاد).. و.. (التوعية) .. للوصول إلى مرحلة تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة في هذا الجانب. فمثلا : 1- يتم توريث مهنة الطوافة وفق مقررات نظام المطوفين العام الصادر بموجب الأمر السامي رقم 7267 في تاريخ 3/11/1367ه. 2- يعتمد توريث مهنة الطوافة على جانب شرعي وآخر نظامي وفق المواد التي يتضمنها النظام والتي تفسر ما تم التنويه عنه. 3- تفصيل أسباب اقتصار التوريث في مهنة الطوافة على أبناء الظهور دون أبناء البطون والذي يتم وفق معطيات مبنية على الأمور التالية : 3/1: التفريق بين الحقوق المادية والحقوق المهنية والموقف النظامي للوارث والمورِّث. 3/2: الحقوق المادية : تستند إلى شرع الله في كل تفصيلاتها وفق النصوص القرآنية الشرعية فلا يجوز لقائل أن يدعي أن نظام المطوفين يخالف نصوص القرآن المجيد. 3/3: الحقوق المهنية : مقسومة إلى قسمين قسم تم تصنيفه في النظام مهنياً لا يقر إلا إذا ما تم ممارسة الوارث للمهنة وفق شروط المعلمانية (المعلم). والقسم الثاني يتعلق بأعراف قائمة وسائدة أُقرت من مؤسس الدولة الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- وهي تتم وفق نظام إدارة شؤون الحج الصادر قبل نظام المطوفين العام. وبعد هذا هل يعقل أن تُقر الدولة التي تستمد تشريعاتها من الكتاب والسنة ونظام حكمها ينص صراحة على ذلك... نظاما يخالف الشرع الإسلامي الحنيف؟!!. ومما ذكر من أنظمة في هذا المجال المواد التالية : 1- كل نسل المعلمين لظهورهم معلمون وما كان لآبائهم يكون لهم، أما أولاد الأبناء المتوفى آباؤهم في حياة جدهم فهم معلمون منفصلون ويشاركون أعمامهم وعماتهم فيما إذا أوصى لهم جدهم حال حياته بأن تكون حصة والدهم في التقارير ويجب أن تسجل هذه الوصاية في حياته لدى رئيس الطائفة وإيصاء للذكور من حيث هو نافذ ومرعي الإجراء نظاميا. 2- وجاءت الفقرة (1) متضمنة : تعديل المادة الخامسة بالأمر السامي رقم 9735 في 21/4/1393ه لتصبح (كل نسل المعلمين لظهورهم معلمون أما أولاد الأبناء المتوفى أبناؤهم في حياة جدهم فهم معلمون منفصلون عن أعمامهم وعماتهم ويمارسون معهم في الطوافة بعد وفاة جدهم ويكونون مرتبطين ببعضهم في الأسئلة). 3- أما الفقرة (3) فتقول : إضافة للفترة الثالثة من المادة (87) لتصبح : - (ويكون الثلث الباقي بعد الثلثين المقتطعين للمصاريف والمباشر للورثة للابن سهمان وللبنت سهم واحد مدة حياتها مادامت منضمة وذلك في المشاع أما في التقارير فترث وتُوَّرث سواء كانت منضمة أو منفصلة). 4- كما تضمنت الفقرة (4) على تعديل الفقرة (5) من المادة (87) بتعديل التقديم والتأخير اللفظي الذي لاحظته هيئة المطوفين وصدرت موافقة من المقام السامي رقم 4949/7/68 على قرار مجلس الشورى رقم 81/4125/68 لتصبح: (يجوز انفصال الذكور عن الإناث إذا كان لهنَّ ولد أو أزواج قادران على العمل ومتمرنان على شؤون الحجاج باعتبارها مطوفة فإذا مات زوجها أو طُلقت منه أو تُوفى ابنها فلها الخيار في بقائها منفصلة أو الانضمام إلى من انفصلت عنه ويكلف المنفصل عنها في هذه الحالة بقبولها). 5- وتنص الفقرة (87) متى تُوفى شخص من الطائفة عن أولاد ذكور وإناث يكون التوزيع كما يأتي: 1- يخرج الثلث من المصلحة للمنصرفات التي يقوم بها الذكور من الشركاء بواسطة الأكبر أو الأرشد المتقدم في عمل الحجاج. 2- ويخرج الثلث الثاني للمباشر سواء كان واحداً أو أكثر بالتساوي بينهم. 3- ويكون الثلث الباقي بعد الثلثين المقتطعين للمصاريف والمباشرة للورثة للابن سهمان وللبنت سهم واحد مدة حياتها ما دامت منضمة. 4- حكم المرأة في الانفصال والشراكة والسؤال مثل الأكبر فيما نص عليه النظام. 5- يجوز انفصال الذكور عن الإناث إذا كان لهن ولد أو أزواج قادران على العمل ومتمرنان على شؤون الحجاج باعتبارها مطوفة فإذا مات زوجها أو طُلقت منه أو تُوفي ابنها فلها الخيار في بقائها منفصلة أو الانضمام إلى من انفصلت عنه ويكلف المنفصل عنها في هذه الحالة بقبولها. 6- إذا تُوفى شخص من الطائفة عن بنات فقط فما كان له يكون لبناته. 7- الفقرة (89) تنص على : متى تُوفى شخص من الطائفة ولم يكن له ذرية فما كان له يتبع فيه ما يأتي : 7/1: إذا كان له أب فما كان له يكون لأبيه. 7/2: إذا كان له أب وأم فيكون لأمه الثلث ولأبيه الثلثان. 7/3: إن كان له أم وإخوة فلأمه الثلث ولإخوته الثلثان سواء كان لأب أشقاء ولاشيء للإخوة لأم. 7/4: إن كان له أم فقط فما كان له يكون لها فقط. 7/5: إن كان له أم وعُصبة فما كان له يكون لها الثلث وللعصبة الثلثان. 7/6: إذا ماتت الأم التي ورثت الثلث وكان لها أبناء من زوج فلا شيء لهم ويرد ثلثها على من كان معها. 7/7: إذا ماتت الأم التي ورثت ولدها في كل ما كان له يُعطى ما كان لها لأبنائها من زوج آخر إن كانوا من أولاد السلك. 7/8: فإذا لم يوجد أحد ممن ذكر يكون للأخ لأم ثم لذوي الأرحام الأقرب فالأقرب. 8- الفقرة (90) تنص على مايلي : إذا تُوفيت مطوفة عن زوجها ولم يكن لها وارث سواه فما كان لها يكون له إذا كان من أبناء الطائفة وكذلك الحال إذا تُوفى الزوج ولم يكن له وارث سواها فما كان له يكون لها إذا كانت من أبناء الطائفة. 9- الفقرة (91) تقول : يشترط في الوراثة ان يكون الوارث من أفراد الطائفة وإلا فلا حق له إلاّ بإنعام ملكي. 10- الفقرة (92) تنص على الآتي : إذا لم يكن لمُتوفى وارث ممن ذُكر أعلاه تعد تعلقاته محلولة وأمر توجيهها لأحد الطائفة منوط بنظر ولاة الأمور. ويذكر فضيلة العلامة الشيخ عبدالمجيد الزنداني في بحث له بعنوان الإعجاز التشريعي في الميراث عن إنصاف الدين الإسلامي الحنيف للمرأة في هذا الجانب، يقول فيه: (إن الإسلام عامل المرأة معاملة كريمة وأنصفها بما لا تجد له مثيلاً في القديم ولا الحديث، حيث حدد لها نصيباً في الميراث سواءً قل الإرث أو كثر، حسب درجة قرابتها للميت، فالأم والزوجة والابنة، والأخوات الشقيقات والأخوات لأب وبنات الابن والجدة، لهن نصيب مفروض ؛من التركة، قال تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا) (النساء:7) وبهذا المبدأ أعطى الإسلام منذ أربعة عشر قرناً حق النساء في الإرث كالرجال، أعطاهن نصيباً مفروضاً، وكفى هذا إنصافاً للمرأة حين قرر مبدأ المساواة في الاستحقاق، والإسلام لم يكن جائراً أو متجاوزا لحدود العدالة، ولا يحابي جنساً على حساب جنس آخر حينما جعل نصيب المرأة نصف نصيب الرجل، كما في قوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا) (النساء:11). فالتشريع الإسلامي وضعه رب العالمين خالق الرجل والمرأة، وهو العليم الخبير بما يصلح شأنهم من تشريعات، وليس لله مصلحة في تمييز الرجل على المرأة أو المرأة على الرجل، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ) (فاطر:15) . وفي موضع آخر يقول فضيلته: (وتفوق الرجل على المرأة في الميراث ليس في كل الأحوال، ففي بعض الأحوال تساويه، وفي بعض الأحيان قد تتفوق المرأة على الرجل في الميراث، وقد ترث الأنثى والذكر لا يرث. والمرأة لا تحصل على نصف نصيب الرجل إلا إذا كانا متساويين في الدرجة، والسبب الذي يتصل به كل منهما إلى الميت فمثلا : الابن والبنت، أو الأخ والأخت يكون نصيب الرجل هنا ضعف نصيب المرأة، قال تعالى : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ ...) (النساء:11) وقال تعالى: (وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (النساء:176). وهناك حالات ميراث للمرأة تخالف قاعدة (للذكر حظ الانثيين). وإننا نلاحظ أن الفقه الإسلامي في باب الفرائض حدد أربعاً وثلاثين حالة من أحوال الميراث ترث فيها المرأة بنسب مختلفة ، وذلك على النحو التالي: أ/: عشر حالات ترث المرأة مثل الرجل. ب/: عشر حالات أخرى ترث المرأة فيها أكثر من الرجل. ج/: عشر حالات تَحجُبُ المرأةُ فيها الرجلَ وتأخذ الإرث كاملاً. د/: أربع حالات فقط وهي التي يكون فيها للذكر مثل حظ الأنثيين. ||| وأعود وأقول وأُكرر قولي إذا كنا نقر عقلانية وموضوعية بأنه لا أحد يملك بمفرده إيجاد الحلول الموضوعية لمعالجة الأخطاء والسلبيات في هذه المهنة، فالعلاج الصحيح لكي نحافظ على كل مقومات وأركان مهنة الطوافة. يتطلب حشد كل طاقاتنا وجهودنا ووحدة الصف بين المطوفين والمطوفات وعدم الخروج عن هذه الوحدة مهما بلغت حدة المنغصات والاختلافات. ينبغي أن نوحد ونستخدم قوى وعقول المطوفين والمطوفات، نقدم كل الأطياف ورؤاها دون إقصاء لأحد من تلك العقول مهما كان نوع ومستوى الاختلاف معها. وأرى ضرورة نشر الأفكار والمقترحات باعتبارها تشكل في نهاية الأمر الحلول للإشكاليات التي قد تظهر، دون الاتجاه إلى أسلوب اللغوصات والغوغائيات والالتفاف حول البعض للنيل من الآخرين، لأن كل مطوف ومطوفه هم جزء من ضمير الطوافة. إنني أؤمن بالاختلاف في الأسلوب فقط، دون الموافقة على الاختلاف في منهج الطوافة والذي عادة ما يصوغ الأهداف العامة لهذه المهنة. وإن كانت اختلافات في الرؤى فأرى أن تكون مداولاتها داخل أروقة ودهاليز مؤسسات الطوافة ذاتها، دون اللجوء للآخرين للتدخل في الطوافة وخاصة الذين لا يعرفون عنها شيئاً سوى كشف العورات. والصراخ بعويل لا يفيد. كما أرى ضرورة أن تكون أعمال الطوافة بشفافية مطلقة وواضحة، بحيث لا تحتاج إلى وصايات من أحد يتدخل فيعكر صفو المطوفين والمطوفات ويثير الفتن والبغضاء بينهم. إن مهنة الطوافة هي أهم أركان الأعمال المكية والتي لا يستطيع أن يؤديها غير أبناء مكةالمكرمة، وهذه حقيقة لا تحتاج إلى شهادة أحد. ولن يختلف عليها العقلاء. أنا أُصر على الاحتكام الداخلي بين المطوفين والمطوفات وعدم الخروج عن أخلاق وقيم مهنة الطوافة. وأي تحرك لا بد وأن يتم في إطارها. ولا بد أن تناقش الطوافة عبر عقولها في كل شيء يرتبط بالمجتمع المكي خاصة والسعودي عامة. كما أن الكثير من المطوفين والمطوفات يطمحون أن تساهم الطوافة في تشكيل مظلة ثقافية تحقق غايات وأهداف وقيم وأخلاق الطوافة. وهذا التفكير يعمل في تحقيق أوسع اتفاق بين الطوافة والمجتمع السعودي. وبالتالي يحصل تحول في مستوى العلاقات بينهما. وارتقاء العلاقات بين الطوافة والمجتمع السعودي فتحدث أنسب السبل والأفكار والآليات المتاحة للتعاون المشترك بينهما. أريد من هذا الطرح أن يسعى أهل الطوافة إلى وضع.. (البنية الأساسية).. السليمة للارتقاء بصناعة الطوافة، باعتبارها صناعة ثقيلة جداً. فإن وضعنا تلك.. (البنية).. فإنها سوف تجسد أهمية التحدي لبناء صناعة وطنية يمكن أن تستوعب الكثير من الطاقات والإمكانات البشرية. وأزعم أن ذلك سوف يجعل من الطوافة احد.. (منابع التنمية).. في مكةالمكرمة. قلتُ ومازلتُ وسأظل أقول ضرورة الالتزام بأخلاق الطوافة وقيمها وأن يحترم كل من دخل وسكن.. (بيت الطوافة).. ذلك البيت وأخلاقه. حتى تكون كل خطط وبرامج مهنة الطوافة من داخل الشرعية لهذه المهنة العظيمة. وحتى لا يكون لمن في خارج المهنة أي نوع من التدخلات التي قد تربك المهنة والمخططين لها. فإن فعلنا هذا فيعني ذلك بالتأكيد البعد عن.. (فوضى التدخل).. من خارج المهنة. وأنا بوصفي متابع لاحوال الطوافة والمطوفين ، أقول ليس من العدل أن تعيش الطوافة في فوضى التدخلات الخارجية أياً كان نوعها. مثل نشر العيوب والملاحظات وجعلها قضية، لتسير في منطق تعطيل العاملين عن عملهم. إن كثرة التدخلات الخارجية تعطل الكفاية الإنتاجية التي تغذي مناعة الطوافة، وتعمل على التقليل من قيمة الجهود المبذولة لرقي وارتقاء مهنة الطوافة. ولا أجد أي نوع من الحرج حين استخدم مصطلح (أنموذج) لطرحه.. (للقدوة)..و.. (الاقتداء).. وهي مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا، فالبعض القليل انتقدني حين استخدمت هذا النموذج في محاضرتي المشهورة عن أخلاق الطوافة وقيمها. وقلت لمن حاورني وانتقدني أعطني أنموذجاً آخر يتساوى أو يتوازى مع مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا، فإنني والله سوف أبرز كل جهوده وأعماله وإنجازاته ولن أسعى لتقليل قيمة أي جهد من أية مؤسسة تعمل في سبيل رقي هذه المهنة. لأنني أقف.. (بمسافة واحدة).. من كل مؤسسات الطوافة. ولم أشعر أن كتفي قد مال لمؤسسة دون أخرى. وحين استخدمت أنموذج مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا، قلتُ أن لديهم..(مبنى).. أصبح أحد أهم المعالم العمرانية في مكةالمكرمة وأصبح يزار من معظم الضيوف الرسميين وغيرهم،ولديهم.. (مشروع استثماري).. يعتبر رائداً في فنه وشكله ومستواه، وقيمته المادية، والاستثمارية، والربحية. وربما سيكون الفريد من نوعه بمكةالمكرمة. وقلتُ إن هذه المؤسسة لديها.. (إنتاج إعلامي).. و.. (ثقافي).. برز وتصدر في المجتمع السعودي عامة وبخاصة في مكةالمكرمة. ولديها برنامج.. (اجتماعي).. شارك فيه المجتمع المكي بكثير من الفعاليات الاجتماعية. إذن تبين للجميع موضوعيتي في هذا الاستخدام. وأعود وأؤكد أن كل مؤسسات الطوافة تعمل بجدية وإخلاص في تطوير نفسها وآلياتها وأجهزتها، فلقد اطلعت شخصياً ومن قبل أخي الأستاذ زهير سدايو على المخطط العام لمشروع مبنى مؤسسة مطوفي حجاج جنوب شرق آسيا والذي سوف ينفذ قريباً وأنه تم تأجيل التنفيذ لأسباب فنية ورسمية خارجة عن إرادة المؤسسة، وكذلك عرفتُ منه عن مشروع التغذية الذي سوف يُنفذ على مستوى حضاري رفيع جداً وغيرها من إنجازات تُشرِّف المؤسسة. وأعرف أن بعض المؤسسات مثل مؤسسة مطوفي حجاج الدول العربية تعمل بجدية من أجل الرقي والارتقاء ولكني لا أستطيع أن أكتب عن أعمال لم تظهر على السطح مثل مبنى أو أي مشروع استثماري أو أي منتج إعلامي أو اجتماعي. كما أنه لا بد أن أوضح أنني لا أستطيع أن أكتب دون معلومات تتوفر تحت يدي واستخدمها كأداة للثناء والإشادة الموضوعية. وأضرب مثالا لذلك إنني اتصلت بأخي وصديقي الحبيب الأستاذ عدنان محمد أمين كاتب رئيس مجلس إدارة مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا وطلبت منه معلومات وحقائق عما لديهم، وعما كتب ضدهم من نقد أو انتقاد. فأجد أن الرجل يرحب، ولا يستحي حين يناقش ويكشف الحقائق كما هي، بل إنه أطلعني على كثير من مفردات ومعلومات عن الميزانية ، فترسخت لدي نزاهة وكفاءة وإخلاص هذا الرجل الذي كرر عليَّ مراراً قائلاً يا دكتور إذا وجدتَ ما يفيد النقد فانتقد وبقوتك وجرأتك المعهودة، فنحن لا نخاف من أي نوع من النقد الهادف بعيداً عن الأهواء والمصالح. وأؤكد لك يا دكتور أننا نستطيع تجاوز أي نقد أو أي أزمة فنحن نعمل من أجل إرضاء ربنا ثم ضمائرنا ثم خدمة هذا الوطن العزيز على نفوسنا وقلوبنا، ونحن نعمل بأقصى من طاقاتنا. فليس لدينا ما يخيفنا أو يقلقنا لقد نجحنا، ونجح غيرنا من مؤسسات الطوافة لأن الجميع دون استثناء يعمل من أجل خدمة ضيوف الرحمن والمحافظة على هذه المهنة. والكل حريص كل الحرص على سمعة هذه البلاد المباركة. ||| أريد أن أقول إن مؤشر الشفافية وجدته مرتفعاً في نص وسلوكيات بعض مؤسسات الطوافة وليس كلها. كما أنني وجدت.. (التنافسية).. قائمة في أعمال بعضها، لقناعة بعض رؤساء المجالس أن النجاح يحفز للنجاح، ولابد أن تأتي النتائج الإيجابية وهناك العديد من الوسائل لتحقيق تلك النتائج الايجابية. إن مهنة الطوافة كلها أخلاق ومبادئ وقيم وهي.. (الهدف والغاية).. لكل المسؤولين في بلادنا ابتداء من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو وزير الداخلية وسمو أمير منطقة مكةالمكرمة ومعالي وزير الحج. لقد وُفِقتْ المؤسسات في حسن اختيار الرجال الذين يتحملون المسؤولية وينفذون مهام وواجبات وخطط الطوافة. وجعلوا.. (الكفاءة).. و.. (الإخلاص).. هي المعيار الأوحد لذلك. إن مؤسسات الطوافة هي تجربة التنمية الناجحة. وهي تعبر عن رؤية مهنة الطوافة ولدورها الحضاري والإنساني، والذي تتوازن فيها كل الأخلاق والقيم والمبادئ الإسلامية. والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض وساعة العرض، وأثناء العرض.