( ... لا أملك إلا حياتي ... مع ذلك ... أحتاج دائماً إلى من يُطمئنني أنّني أملكها حقاً ... ). أدونيس -1- حينما غادرتُ الطابور الصباحي ، انهالت علي حكايات كثيرة ، أعيش بعضها ويعيشني أكثرها، فلم أكن طفلاً ولم أكن راشداً !... علمتني تلك السنين أن الحزن يبدأ من دمعة واحدة ، وأن بعد الدمعة الأولى ، دموع كثيرة . لم أكن أفقه من الحياة شيئاً ، لم أكن أعرف أن البسمة والفرحة من الممكن أن تعيشا في قلب غيري ، أي تعيش معي أنا الذي أختلف عن غيري !... لقد فهمت متأخراً ، فهمت بعدما اعتدت الحزن ، وأغدقت علي الحياة بالدموع ، لأصبح أمام الآخرين باكياً ، وأنا لست بباك ، فهمت أن للحياة وجهاً آخر غير الوجه الذي كنت أعرفه ، وجهاً ينبض بالبسمة والفرح غير وجه الدمعة والحزن ، وأن الحياة قد تصبح جميلة ، وأن الحياة ... وأن الحياة ... وأن الحياة .... حينها تملكني الصمت ، حين شعرت بأنني خدعت ، ولم أر سوى وجه الحياة الآخر !.... -2- لقد كبرت ، وأصبح تعليمي صعباً ، فلا أستطيع أن أكون أنا الذي عاش الحياة بعد الطابور الصباحي !... عرفت الحقيقة الآن ، ولكن بعدما طارت حمامتي !... -3- رحل من كان يستطيع أن يعلمني الفرح ، وبقي كل من يدرك الحزن ليحدثني عنه حين أكون معه ، وحينما يرحل عن مكاني أكاد لا أعرفه !... تركني الكل أكتب حزني ، وحزن الآخرين !... وكأن من رحلوا قد أوكلوني بالحزن على فراقهم !... لا أحد يبكي بصدق من أجلي ... فلا أحد يملك الدمعة لأجلي ... إذا مرضت ... إذا حزنت ... إذا شكوت ... إذا حنيت ... إذا جرحت ... وإذا تهت .... فأمي قد دفنتها بيدي تحت الثرى !.... -4- هل أستطيع أن أبدأ من جديد ؟!.... أعيد أوراقي الماضية إلى النور ؟!... هل سأنتظر وعود الزمن لي ؟!... ولكن لدي يقين لا أحيد عنه ، بأن هذا الزمن الذي عشته لا أستطيع أن أثق به كثيراً ، فهو يقبل كل أحلامي ويرفض تحقيقها !.... -5- يسألونني :- = لماذا تسافر كثيراً ؟!... أجبتهم :- = أبحث عن داري !....