-1- هذه اللحظة يجهش ألمي بالبكاء بشراهة، أريد أن أقول بحرفي المتعب أشياء كثيرة، أن أكتب حزني الذي قرع باب صدري، وبكل بياض أستقبله صدري، فمكث وكأن صدري ملكه لوحده، تعبتُ جداً من ثقله، ومن الاحتراق، تعبتُ وأنا أرتبُ كل ليلة غيابكِ وأودعه في حقائب صدري، وأنتِ مازلتِ تمارسين بغرور لامبالاتك، لم يعد فيّ ما يروقك لتلتفتي إليّ، بتُّ أشك أنك مخلوق بلا قلب وبلا إحساس، ماذا تريدين أن أمنحك أكثر من بوحي الصادق ؟!.. -2- منحتكِ إياي بأكملي، والتمست منك كلمة حب واحدة فلم أجد، أخطأتِ في حقي كثيراً، نحتِّ على روحي جروحاً لها ألم ممتدٌ لا ينتهي، ولأنني أحببتك بكل ما تحمله هذه الكلمة من صدقٍ ومعنى، تجاهلت كل ذلك وطبعتُ قبلة على كفكِ التي لم تخبئ لي سوى البرد والتشرد، واعتذرت عنكِ لنفسي، وجلدتُ روحي كثيراً متجاهلا حقوقها علي، ولم أبالِ بها كطفل يرفض أن يعترف بأن أباه أغدقه ضرب موجع، لأنه رغم ذلك لازال يحبه!! فهل تجهلين بأن عَقْلَنةَ الحب الصادق العظيم أمر مستحيل ؟!.. لماذا أمنحك دمي الصافي وتمنحيني سمَّكِ القاتل ؟!.. لماذا حين أناديك لا تسمعيني، وحين أحتاجك حد الموت تجهزين كفني ؟!.. لماذا حين أغيب لا تفتقديني ولا تمنحيني شوقكِ أو لمسة حنانٍ منكِ تجبرُ كسرَ قلبي ؟!.. لم أعد أفهمك، ولم أعد أدري بالضَّبط ماهيَّة كل هذا الخوف الذي يضاجعني كل ليلة كدمعي !.. تجلّدتُ كثيرا، كتمت عنك بوح ألمي، منحتكِ أكثر مما أملك، عاجزٌ أنا عن البكاء ، آلاف الصرخات تختنق في حلقي، ما عاد قلبي يقوى على جرعة أخرى من الوجع، عودي لأنسى كل الحزنِ واحتفلَ بكِ، عودي فالحياةُ لا تستحقُّ كل هذهِ المكابرة، تعبت من أذرعِ العدمِ التي تخنقين بها انتظاري كل مرة ، تعبت وأنا أتسلق نظراتك باحثاً عن ومضةِ حب، تعبت من بكاء هذه الأمنية، تعبت وأنا أنبش الوجوه بحثا عنك، وحين لا أجدك ألجأ إلى الكتابة ثم أمزق أوراقي كأي طفل ملول، تعبت وأنا ألملم نفسي من الخيبة، تعبت من أسلاك جفافك الشائكة وهي تغرس في لحمي، كل ما حولي مفروشٌ بالعتمة أَيُرضيكِ ذلك ؟!... ليس هناك سوى الظلام يمتد من ليلي إلى نهاري، لا أحد يقرأ صفحات فؤادي غيركِ، لأن البياض لا يقرأ، لذا ظلت لوعة الدمع تخرج من عيني وتستقر في فؤادي، فلم يكن للزمن خطوط سوداء يدسها في صفحات قلبي أعشق النهايات وأبداً لم أكن أجيد قراءة البدايات، مكثت وحيداً بين أحلام طرزتها البدايات واغتالتها النهايات. فمن يستطيع بعد كل هذا أن يضع النقطة الأخيرة في آخر سطر من حياتي؟!!!.. -3- من يملك القدرة أن يذرف دمعة ألم على حرف من عشقي؟!!!.. ومن سيشعر بصدق قولي ؟!!!... هاهي الأيام يا سيدتي تمضي إلى غير مستقر لها، تفرش الأوقات بحكاية لم يسمعها أحد من قبل... كتبت بصمت، وقرأت ما كتبت بصمت، ومزقت ما قرأت بصمت، بعدما بكيت في صمت !... كنت أزرع في داخلي، كل بذور الأمل، وأعلم يقيناً، أن الشجرة التي لا ترتويِ لن تثمر!!!... ولن أكون كعامل منجم روسي، أهتف لكِ أن تعودي، وحتى إن عدتِ، فهل يا ترى ستجديني ؟!!!... إنك لا تعي حقاً معنى الموت إلا حينما تعرف الحب - كاترين هثواي الحزن يرتقي إثر حزن، وتتصاعد الأحزان في قلبي، لوثتِ حياتي، وغيرتِ ملامحي، ستجدني ولكن.. لن تعرفيني، مثلما تاه الفرح ذات مساء عن وجهي!!!... أغدو كطفل صغير، أفاق ذات صباح على صوت دوي المتفرجات، فهرع إلى صدر أمه، يلتمس شيء من حنان وحين رأته أمه، ابتسمت، وسلمت روحها لبارئها، من الخوف على أبنائها... من يعيدكِ إلي، ويكسب فيني الأجر، من يخبركِ أن الخطوات لم تعد تؤدي إلى الطريق؟!!!.. من يخبركِ بأنني واقف، في نفس المكان الذي رحلتِ منه..؟!!!.. من يخبركِ عنواني القديم، الذي أهملتِه ؟!... من يقرأ لكِ الورقة التي علقتها على باب الحزن، لتصف عنواني الجديد..؟!!!.. ومن يدلكِ على عنواني الجديد..؟!!!.. رحلتِ، وأيقنت برحيلكِ أنكِ لن تعودي... ألم تحكِ لها المساءات الماضية عن قصة ابتساماتي وأنتِ معي..؟!!!.. ألم ترضخي لفرحي؟ حين كانت يدي في يدكِ..؟!!!.. كيف عبرتكِ الأيام؟.... وأنستكِ أن هناك قلباً لا يزال ينبض بكِ..؟!!!.. رأسي يوجعه الصداع، حين أفكر بكِ، أجد دمعتي تسبقني لكِ، لتجف على حافة عيني، وتدرك أن البكاء لن يعيدكِ، لأحتفل برجوع ابتسامتي، ولكنه القدر، يقترب من وجودي ضاحكاً، فمن يمتلك رد القضاء ؟!... ومن يمتلكه القدر ، لن يعود !!! ... أدركت أني إنسان بائس، يختلق الكلمات كل مساء، ويشدوها، ولا أحد يسمع صمته !!!.. أخاف أن ينتصر الحنين على فقدي، فيكفي بؤساً أن أعد أحجار الطريق، الذي لا يؤدي لكِ، وأرسم وجهكِ بتلك الأحجار!!!... إلى.. تلك التي ولدت ذات مساء في خيالي!... هنا.. قد لا تطاوعني الأحرف، وقد تتخاصم مع مشاعري، وقد تحارب ما أود قوله، ولكني سأكتب، سأكتب النهاية.. لعلي أقتنع بها، وأقتنع أن مشواري في الحياة سأسيره وحيداَ، سأكتب البداية لعلي أتعلم منها ما يفيدني في اللاشيء!... -4- سأكتب عن مفترق الطريق، لعلي لا أحتار مرة أخرى، سأكتب كل شيء، وسأقبل كل شيء، وأعلم جيداً إنكِ لن تعود، وأنكِ لن تقرئي ما سأكتبه، ستكون رائحة الأحبار، هي موتي، وستكون كلماتي هي كفني، وستكون الأوراق هي نعشي، صدقيني أنا الآن في حالة لا تسمح لي بالكتابة، لكني أصر على أن أكتب، أحاول أن أشغل أناملي - التي ذبلت كزهرة لم تذق طعم الماء - بأي شيء لكنها تأبى، تصرُّ دائما على إيقاظ جروحي حين تلامس جسد الكيبورد ذاك الذي لم تعد أحاسيسي تنسحب من قلبي إلى الورق إلا بواسطته، يبدو لي أن كل شيء يقف ضدي بما في ذلك أنا، تصوري عمق الألم الذي يشعر به الإنسان حين يقف ضد نفسه ؟!!... أدرك جيدا أن ثمة قسوة خوف تلتهمني من الداخل، تستوطن أضلعي، ( متعبٌ جدا أحتاجك) هي الجملة الوحيدة والتي كنت أظنها تُخرج أي إنسان من قسوته لكنها معك أبدا لم تجدِ!! كنت أظن بأن هذه الجملة إنما هي ضرب من ضروب السحر تأتي بمن لا يأتِ، فكيف بمن منحناهم أغلى ما يمكن أن يمنحه الإنسان، ماتت كل الكلمات بعدها، ولم أعد أجيد سوى الصمت، لم أعد الآن قادر على مواصلة الكذب على نفسي، ورسم الأوهام، ملت روحي كل حكايات السراب المضمخة بالظمأ، كما أني لم أعد قادر على مواصلة الكتابة، وجلست خلف كلمة «لعلي»، لعلي تأتي يوم ما، لعلي تشعر بأن هناك قلباً أحب بصدق، لعلي، لعلي، لعلي ، كلمة قاسية تجرح أطراف قلبي، ولكني لست أملك سواها، لا أعلم حين أسطرهما على لساني أجدك أمامي، لا أعرف ملامحك، ولكني أجدك كضوء القمر حين يكسو مكان رجل تائه في صحراء موغلة في الظلام لا يفرق بين يده اليمنى واليسرى وهنا وهنا فقط، لن أبرح مكاني، سأقف حيث تكون أخر كلماتي، وسأصرخ، أن من يرحل لن يعود، لن يعود.. وإن عدتِ.. فلن تجدي سوى هذه الكلمات فقط، وستسمعين حينها، كلمات الرحمة علي!!...