لعل البعض سيستغرب هذا العنوان لكن هذا هو واقع الحال ومن المعروف أن المهدي موجود في الخطاب السني، كما أنه موجود في الخطاب الشيعي الإمامي وهو عندهم منصوص عليه كشخص معروف بعينه، أما علامات خروجه فتتفق الطائفتان على أنه يخرج في آخر الزمان، كما أن الطائفتين اتفقتا على أننا في آخر الزمان وان علامات خروجه بدأت في الظهور وأن الرؤيا بدأت في التواتر كما يقول الفريقان كل هذه الأمور مفهومة وعايشها التاريخ الإسلامي منذ القدم حتى لم يخل عصر من مدعٍ للمهدوية ورافع سيف باسم المهدي المنتظر ومنتصر له مارس القتل باسمه. يمثل المهدي في كتب الشيعة الإمامية الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري والذي يقال أنه ولد في منتصف القرن الثالث الهجري بصورة سرية واختفى بعد وفاة والده الإمام العسكري سنة 260 هجرية في سامراء وهو ما يطلق عليه الإمامية "الغيبة الصغرى" ودخول المهدي وعودته ضمن نسيج العقيدة الشيعية الإمامية وأصبح الإيمان بعودته هو الفيصل بين الحق والباطل وتعطل تبني أي خطاب سياسي أو قتالي وأجل إلى ظهوره في آخر الزمان فلا سياسة ولا قتال إلا تحت راية الإمام المهدي إلى أن وجد مخرج لفك ضنك العزلة السياسية والقتالية في نظرية ولاية الفقيه، وساد معتقد بين الشيعة الإمامية أنه يجب ألا نهمل أي فرصة تساعد على تعجيل خروج المهدي المنتظر وتطرف مجموعة مثل جمعية ((الحجتية)) في إيران والتي تبنت العمل على إحداث الهرج والمرج لكي تعجل بخروج المهدي المنتظر. كما أن بعضهم يقومون باستشارة الإمام الغائب في الأمور المهمة عن طريق كتابة معاريض تلقى في بئر مقدس عندهم في قم (بئر جمكران) بل يقال أن خطط التنمية قد عطلت بسبب أن الإمام المهدي سوف يظهر، تكمن الخطورة في هذا الخطاب أن هدفه الرئيس هو التمهيد لخروج المهدي لا من خلال عدم الخوض في السياسة والحرب كما كان موقف جمهور الشيعة الإمامية وحتى قدماء الحجتية وإنما افتعال المشاكل والهرج والمرج وقد يصل ذلك إلى افتعال القلاقل الإقليمية باسم المهدي كما حدث في العراق وشروط خروجه في زمننا الذي هو كما يعتقد البعض سنة وشيعة انه آخر الزمان. أما المهدي عند السنة أو في الخطاب السني فهو من آل البيت يوافق اسمه اسم الرسول (محمد بن عبدالله) أجلى الجبهة اقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا، ولا يوجد قرن عبر التاريخ الإسلامي إلا ويظهر فيه مهدي أو أكثر وحسب الظروف والأزمات التي تمر بها الأمة فعقيدة ظهور المهدي مرتبطة بشكل مباشر عند السنة والشيعة بشيوع القلاقل والأزمات ونحن في هذه الأيام نسمع بمدعي المهدوية بالجملة حيث نسمع عن مهدي موجود حاليا في الكويت ومهدي موجود في اليمن ومهدي موجود في غزة ومهدي في الشيشان ومهدي في أفغانستان ومهدي موجود في العراق ولو تأملنا هذه المناطق لوجدناها مناطق توتر وعنف غالبا أو مناطق قريبة من بؤر التوتر ومتأثرة بها ولا يستغرب أن تعمل الجماعات الإسلامية الراديكالية على إشاعة الفوضى والفتن للتعجيل بظهور المهدي المنتظر وقد جاء في كتاب إدارة التوحش لأبي بكر ناجي ما يلمح لذلك من صناعة للفوضى إن الكثير من الجماعات الإسلامية الخلاصية تجعل من مسلكها وموقفها من الدولة ووجودها الآني علامة على قرب خروج المهدي المنتظر وهذا القرب يضعها في موقع حتمية المجابهة والصدام مع واقعها المعيش سواء تحت مسمى الصراع بين الخير والشر أو الصراع بين الحق والباطل أو الصراع بين جند الرحمن وجند الشيطان الى غير ذلك من ثنائيات تتصف بحتمية الصدام والمواجهة وهذه المواجهات غالبا ما تصب في صالح أخبار نهاية التاريخ وعلامات الساعة والوقائع الممهدة لخروج المهدي المنتظر. في عام 1397ه تعالت وتيرة خطاب الرفض بين صفوف عناصر الجماعة السلفية المحتسبة لكل ما يمت بصلة للدولة من وظائف وتعليم ومشايخ وعلم وراج بين صفوفهم خطاب يدعو إلى مقاطعة الدولة مقاطعة تامة ودخل هذا الخطاب في دائرة الولاء والبراء أي الولاء لمن يقاطع الدولة والبراء ممن لم يقاطعها وحصل هجر لبعض من لم يترك المهن العسكرية خصوصا وحدث انشقاق داخل الجماعة بسبب أن جهيمان أصبح ينفرد باتخاذ القرارات وتحمس عناصر الجماعة من صغار السن لرصد ما يرونه من علامات ومبشرات خروج المهدي المنتظر، إن انشقاق مجموعة من كبار السن عن الجماعة من الجيل المؤسس مبكرا كان له دور في انفراد صغار السن من الجماعة بقرارات مصيرية أدت فيما بعد الى دخول الحرم بالسلاح على كل حال، شجع الجماعة الخطاب الممهد لظهور المهدي المنتظر مثل تواتر الرؤيا وتطبيق الواقع على أخبار الفتن، وبالتالي تدخل المجموعة في خطاب حتمية خروج المهدي المنتظر ويصل بهم الحس اليقيني المرضي إلى التكلم بصوت من تيقن الخلاص بخروج المهدي المنتظر الذي آمن به ومهد لخروجه في هذه الأيام من بين صفوف الجماعة وأقسم بعضهم أنه لا توجد جماعة تعبد الله بحق وتعمل بالكتاب والسنة إلا هذه الجماعة (الجماعة السلفية المحتسبة) ويجب ان يكون المهدي من هذه الجماعة، وخرج (محمد عبدالله القحطاني) مدعيا أنه هو المهدي المنتظر والمخلص الذي يملا الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا وفتنا كما ورد ذكره في الأخبار وهي غالبا آحاد لم يصح منها اثر يصرح بصفات المهدي وصفات عصره وزمانه مهدي الحوثيين: من الأشياء التي وجدها الجيش اليمني مع الأسرى من أتباع الحوثي كتاب "عصر الظهور" لعلي الكوراني العاملي والذي صدرت طبعته السابعة سنة 1423ه وهو كتاب يتناول مقدمات وعلامات ظهور المهدي المنتظر عند الشيعة الإمامية ودور الشيعة الزيدية في التمهيد لظهوره بل نص على اسم اسمه حسين، كما جاء في بعض الروايات ونص على مكان خروجه وهي صعدة طبعا هذا الكتاب وصل للحوثيين مبكرا لأن الكتاب صدر قبل تمردهم بفترة واستعمل في صفوفهم للشحن الفكري والعسكري جاء تحت عنوان: اليمن ودورها في عصر الظهور وردت في ثورة اليمن الإسلامية الممهدة للمهدي عليه السلام أحاديث متعددة عن أهل البيت عليهم السلام، منها بضعة أحاديث صحيحة السند، وهي تؤكد حتمية حدوث هذه الثورة وتصفها بأنها راية هدى تمهد لظهور المهدي عليه السلام وتنصره تصفها عدة روايات بأنها أهدى الرايات في عصر الظهور على الإطلاق، وتؤكد على وجوب نصرتها كراية المشرق الإيرانية وأكثر، وتحدد الأحاديث وقتها بأنه مقارن لخروج السفياني في رجب، أي قبل ظهور المهدي عليه السلام ببضعة شهور، ويذكر بعضها أن عاصمتها صنعاء، أما قائدها المعروف في الروايات باسم (اليماني) فتذكر رواية أن اسمه (حسن أو حسين) من ذرية زيد بن علي عليهما السلام، وجاء في بعض الروايات عن المهدي عليه السلام أنه (يخرج من اليمن من قرية يقال لها كرعة، وكرعة قرية في منطقة بني خَوْلان باليمن قرب صعدة)، على كل حال إن من يرون أننا في آخر الزمان وأننا في زمن الفتن والفوضى لا يوجد لهم خلاص إلا بالإيمان بحتمية خروج المهدي المنتظر المخلص لتلازم العلاقة والسياق الملحمي لآخر الزمان.