العمل التطوعي في المجتمعات المتحضرة يعد مظهراً حضارياً وإنسانياً راقياً، وقلما تجد أشخاصاً لا ينخرطون فيه، وهو دليل كبير على مستوى وعي الفرد وإحساسه بالمسؤولية الاجتماعية تجاه مجتمعه، لذلك تكثر الجمعيات التطوعية الخيرية في الغرب وتتعدد مجالات أنشطتها لتشمل الإنسان والبيئة، في كل أشكال الحياة، وبطرق منظمة ومقننة، بحيث أن الفرد المنخرط في هذه الأنشطة يعتبر شخصاً فاعلاً وذا مسؤولية اجتماعية، لذلك تكون له الأولوية عادة في العمل أو الوظيفة، وخاصةً بالنسبة للطلاب والطالبات خريجي الجامعات. وفي مجتمعنا لا نزال بحاجة إلى تعميم ثقافة العمل التطوعي الخيري، حيث إن هناك حراكاً اجتماعياً في هذا الصدد لا يجب أن نغفله، وهو مبشر كونه يحمل توجهات ذات طابع شبابي، فكثير من الطالبات الجامعيات والخريجات، أصبحوا ينخرطون في مثل هذه الأعمال للخبرة والاستفادة منها كرصيد يضاف للملف الشخصي، بهدف دعم القبول للدراسة من جهة أوالتوظيف من جهة أخرى. ومن المجالات التي شهدت حضوراً وتفاعلاً للعمل التطوعي "مجال المسنين" حيث شوهد خريجات الجامعات وهن يتوافدن على هذه الدور، بل ويشاركن في تفعيل البرامج والأنشطة، ويخططن لإقامة برامج داخل الدار أو خارجها، هنا تؤكد "جواهر الغشيان" مديرة دار الرعاية الاجتماعية للمسنات بمدينة الرياض، أن هناك توجها كبيرا من قبل الفتيات والأمهات نحو التطوع في دعم خدمة المسنات، وهو ما فتح المجال للكثيرات وخاصة الشابات لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، حيث تبين لهن أثر ذلك على نفسيات وسلوكيات المسنات، عندما بدأن في التواصل معهن داخل الدار وخارجها، مضيفةً أنها دعمت هذا التوجه من خلال تسهيل الإجراءات وتوفير الإمكانيات اللازمة لإقامة الأنشطة والفعاليات الداعمة لجهود الأهالي التطوعية. من جهتها أوضحت "أم خالد بن فهيد العنزي" - متطوعة - أنها اكتشفت مدى الأثر الإيجابي للعمل التطوعي سواء على الأشخاص المستهدفين أو المتطوعين أنفسهم، حيث يستشعر المتطوع بقيمة ما يقدمه من خدمة إنسانية يحتاجها غيره، وقد تكون أحياناً غير مادية كإدخال السرور والبهجة على نفوسهم أو إشعارهم بأنهم ليسوا وحدهم في محنتهم، وهو ما يحث عليه ديننا الحنيف، مشيرةً إلى أن العمل التطوعي يعد من أهم وأجلِّ الأعمال في الدين الإسلامي. وتقول "نوف العنزي" - طالبة جامعية -: إنها انخرطت في العمل التطوعي في دار رعاية المسنات عن طريق والدتها، ولمست مدى الراحة النفسية وقيمة ما تقدمه من خدمات بسيطة ومردودها الإيجابي على نفسية وسلوك المسنات، بالإضافة إلى مدى التحسن الذي ظهر عليهن كما ذكرن لهن الأخصائيات في الدار، لافتةً إلى أنها كانت تدعو المسنات خارج الدار في أماكن مناسبة وإقامة أنشطة ترفيهية وترويحية لهن. يذكر أن هناك مجالات أخرى تطوعية تنخرط فيها الفتيات عن طريق الجامعات، ومن ذلك نادي "حياة" للفتيات، وهو نادٍ تابع لجامعة الملك سعود تنخرط فيه مجموعة منهن، حيث يساهمن بجهودهن في إقامة أنشطة تطوعية لعدد من الجمعيات الخيرية، ومنها جمعية إنسان والجمعية السعودية لرعاية المعوقين وغيرها.