** تعالوا نتأمل بتركيز شديد هذا الكلام الهام..لخادم الحرمين الشريفين في مجلس الشورى يوم الأحد الماضي.. ** ودعونا نستخلص منه موقفنا كمجتمع..وكوطن..وكمستقبل.. ** يقول رعاه الله: ** ''واصلت الحكومة جهودها لترسيخ الأمن..ومن أبرز الجهود في ترسيخ قواعد الأمن ما تقوم به الأجهزة الأمنية من نشاط ملحوظ في التصدي لذوي الفكر الضال والفئة المنحرفة من المتشددين والإرهابيين‘‘ **ثم بقوله: ** ''وسوف يتواصل العمل الأمني- بإذن الله- لإفشال كل هذه المخططات الإرهابية واستئصال شأفة الفئة المنحرفة، وتجفيف منابع الإرهاب‘‘ ** فقد قسَّم الملك من تتصدى لهم أجهزة الأمن في بلادنا بقوة ونجاح إلى فئتين كبيرتين هما : فئة المنتمين إلى الفكر الضال..بالتبعية والاستجابة لذاك الفكر التخريبي والانخراط في تبني توجهاته وتعليماته. وفئة المنحرفين من المتشددين والإرهابيين، باعتبار أن التشدد هو مصدر الانحراف الأول عن طريق الحق والهداية والنور والسماحة والوسطية.. **ولا فرق بين هؤلاء المتشددين وبين الإرهابيين، بل إن الأصل في ممارسة الإرهاب هو التشدد الصادر عن الفكر المنغلق..والمجانب لطريق الحق والصواب.. ** والتشدد هنا لا يصدر إلا عن فكر ''متصلب‘‘..ورؤية ضيقة..ونظرة غير إنسانية، وغير حضارية..لأنه يقود صاحبه إلى الانحراف عن سجاده والنظر إلى العالم المحيط به نظرة سوداوية..مليئة بالتشكك والريبة..تدفعه إلى الحقد على الكل..والكراهية للكل..والرفض لكل ما هو مغاير لما يراه ويعتقد به، وبالتالي فإن المتشدد بفعل هذه الفكرة الظلامية يتحول إلى إنسان حاقد..تهون عليه حياته ومن باب أولى أن تهون عليه حياة الآخرين..لأنه يجد في الجميع عدواً له..وكافراً بكل ما اعتقد به هو..وبالتالي فإن عليه أن يقتل..ويدمر..وأن يتخلص من هول الضغط النفسي الذي يجتاحه من الداخل ويزين له حلاوة جريمته الشنعاء..ويصورها له على نحو ''برزخي‘‘ ''طوباوي‘‘ عجيب..(!) ** وهذا يعني أن حالة الانحراف الفكري هذه تكون قد قادت هذا النوع من البشر إلى التشدد..وأن التشدد قد دفعه إلى امتهان العمل الإرهابي وارتكاب أبشع الجرائم بحق الإنسانية وبحق نفسه أيضاً.. ** وهذا يعني أيضاً.. ** أن مسؤوليتنا جميعاً..كمواطنين عاديين ورجال أمن..أن نتصدى جميعاً لكلا الفئتين..وإن كانتا تمثلان في النهاية فئة واحدة لا يختلف الناس على تصنيفها في عداد المجرمين..والقتلة..والسفاحين.. ** وقانا الله وإياكم من ''لوثة‘‘ التشدد.. ** وحمانا وحمى وطننا الغالي من كل ما يترتب عليه من انحرافات..وظُلامات..وقسوة.. ** وأنار بصائرنا بالحق..وسماحة الإسلام..ووسطيته..وعظمة ثوابته..وتعاليمه..وقيمه..وأخلاقياته..فكم نحن بحاجة إلى التوقف طويلاً عند مخاطر هذه الآفة..والعمل على تدارس أسباب التشدد..ودوافعه..وتصحيحها بجهد علمي تتضافر في القيام به كل المؤسسات الدينية والتربوية والثقافية والإعلامية..لتضع لنا- بكل هدوء وموضوعية- مخارج عملية لتخليص المجتمع منها..وعدم الاستهانة بها كواقع لا يجب التقليل من حجمه..ومن خطورة تداعياته.. ** وللحق فإن الكثير من مظاهر التشدد الموجودة..هي بسبب أخطاء متوارثة في التخطيط..أورثتنا هذا النمط من التفكير..وسمحت بقيام درجة قصوى من الخلط لدى البعض منا بين ''التدين‘‘و''التشدد‘‘.. ** وعندما نعمل بصورة علمية..وموضوعية..وهادفة على فك الاشتباك بين المفهومين..وبشكل متدرج ومرحلي..ومنذ بدايات مراحل التعليم المبكرة الأولى..ومن داخل منازلنا..وفي أسرنا..وعبر وسائل إعلامنا بطرق علمية منظمة..وغير مستنفرة..فإننا نستطيع أن نعالج هذا الخطأ في التكوين..ونحول دون تمدده في عقولنا.وتمكنه من رؤوس أجيالنا القادمة..فهي الرهان الحقيقي لتصحيح هذا الخطأ التاريخي بعيداً عن التعجل..أو التوتر..أو التشنج..وفتح المزيد من الجروح والآلام الجديدة.،،، ضمير مستتر: ** [ الوصول إلى الحقيقة مطلب إنساني..يحتاج إلى عقول بشرية راشدة وأمينة ونظيفة ]