للمدارس القرآنية وجمعيات التحفيظ دور في ترسيخ منهج الوسطية والاعتدال وتحصين الطلاب والطالبات من تيارات الغلو والتشدد والإرهاب، وتعد هذه المؤسسات القرآنية خطر المواجهة الأول لتيارات الانحراف الفكري والتشدد، وهو الأمر الذي جعل أولياء الأمور يحرصون على إلحاق أبنائهم وبناتهم بهذه الحلق والمدارس القرآنية، فكيف يرى المسؤولون عن جمعيات التحفيظ والتربويون دور هذه الجمعيات؟ ترسيخ منهج الوسطية بداية تحدث المهندس عبدالعزيز بن عبدالله حنفي رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة فقال: من أهم الأهداف التي حققتها الجمعيات بحمد الله تعالى ترسيخ الوسطية والاعتدال في نفوس الناشئة والشباب من الجنسين ولو رجعنا إلى تاريخ بداية نشأت الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمملكة قبل أكثر من خمسين عاماً حينما لم يكن هناك موجات غلو وتطرف وأفكار هوجاء بهذا السوء كانت الجمعيات تسير على نهج واحد وهو تحصين النفوس من شر الغلو والتطرف حتى قبل ظهوره والسبب في ذلك أن القرآن الكريم هو مصدر القيم والأخلاق وترسيخ حرمة دم المسلم وماله وعرضه وبعد أن انتشرت وسائل الإعلام والفضائيات والانترنت وهي في نظري أهم وسائل ساعدت في انتشار الأفكار المتطرفة وسرعة انتقالها من بلد لآخر كان لزاماً على جمعيات القرآن الكريم أن ترسخ دورها التربوي المكمل لرسالة التعليم مما يؤهلها للتصدي للفكر الضال المنحرف على أكمل وجه وبذلك ارتبط أبنائها في حلق التحفيظ بكتاب الله الكريم حفظاً وتلاوة وتجويداً وفهماً وعينت الجمعيات معلمين أكفاء ذوي توجهات صحيحة وسطية ويخضعون لمقابلات واختبارات مسبقة قبل التعيين إضافة إلى الإشراف والمتابعة المستمرة حيث يتم إيفاد مشرفين لزيارة الحلقات بشكل دوري ومنتظم للتأكد من إنتاجيتها والاستماع إلى الطلاب ومعرفة وضع الحلقات واحتياجاتها والوقوف على الأساليب التي يستخدمها المعلم في تعليم طلاب الحلقات وتوعيتهم وتنشئتهم على الفكر الصحيح الرشيد فطلاب الحلق هم أكثر فئات المجتمع حصانة تجاه أي فكر دخيل أو ضال فقد غرست الجمعيات في نفوسهم أخلاق الإسلام السمحة وتعظيم حرمات الله عز وجل ومنها حرمة الاعتداء على الأنفس والممتلكات والخروج على الطاعة وهذه ليست قيم جديدة تم ابتكارها توافقاً مع المرحلة بل هي أسس مستمدة من القرآن الكريم يمكن لمن شاء الرجوع إليها في كتاب الله عز وجل وقد ركزت عليها الجمعيات مثل غيرها من مؤسسات التربية والتعليم في بلادنا المباركة إلا أن الجمعيات تعطي جرعات أكبر للشباب بحكم تركيزها على تحفيظ القرآن الكريم ولا بد من القيام بدور تجاه الشباب فليس صحيحاً تركهم دون إشراف أو توجيه حتى لا يحدث الخلل وتظهر السلبيات فتكون بيئة مناسبة يستفيد منها مروجو الفكر الضال والمنحرف فيسهل عليهم احتواء الشباب لعدم وجود الحصانة والرؤية الصحيحة التي تمكنهم من إدراك الغث من السمين والنافع من الضار والوسطي من المنحرف. وهذا مما شجع أولياء الأمور إلحاق أبنائهم وبناتهم بحلق ومدارس تحفيظ القرآن الكريم لأنها تضبطهم وتحميهم من الزيغ والانحراف وهي شاهد على تقدم طلاب التحفيظ بين أقرانهم في التكريم والتعليم يشهد بهذا رجالات التربية والتعليم وتؤكده الإحصاءات ونتائج الاختبارات السنوية فأكرم بها من محاضن وأجمل بها من حقول تربية. حماية النشء ويقول د. صالح بن إبراهيم الدسيماني رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بنجران: إن حكومة المملكة العربية السعودية - وفقها الله - قامت بإنشاء الجمعيات المشرفة على حلقات تحفيظ القرآن الكريم فزادا الإقبال على حفظ كتاب الله تعالى وتعلمه، بسبب الرعاية والدعم المادي والمعنوي لهذه الحلقات التي تهدف إلى تربية جيل صالح قارئ للقرآن الكريم حافظاً لأحكامه وأخلاقه إن تبيان العقيدة الصحيحة للناشئة والشباب من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإيضاح الأحكام الشرعية في العبادات والمعاملات وحماية النشء والشباب من الأفكار الهدامة. وللإدارة العامة للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم دورها الهام في ترسيخ مفهوم الوسطية ومحاربة الغلو والتطرف من خلال جمعيات التحفيظ التي ترعاها وتشرف عليها.. فلا بد أن تسهم هذه الجمعيات في تنشئة منسوبيها من طلاب ودارسين ودارسات على الاعتدال والوسطية فتكون مخرجاتها مستقيمة متوازنة في أفكارها منضبطة في تصرفاتها, ولما كانت هذه الناشئة في رحاب القرآن مستهدفة من دعاة الضلالة والفتن والتطرف.. فإن جمعيات التحفيظ مسؤولة عن ضبط سلوك منسوبيها وحمايتهم وتوجيه طاقاتهم وميولهم بما يحقق السعادة لهم في الدنيا والآخرة وبما يحفظ أمن بلادهم. وإبراز الدور الإيجابي للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، في مكافحة الجريمة والوقاية من الانحراف، والعناية في إبراز الوسطية والاعتدال وبيان معناهما، وإنهما من سمات هذا الدين. وعقد دورات متخصصة في تعزيز الأمن الفكري، ولقد أصبحت حلقات تحفيظ القرآن الكريم اليوم ضرورة شرعية وتربوية للمجتمع لتوازي الميادين الأبوية الأخرى في تهذيب النشء وتزكيته وحمايته من الانحراف وعليه فان العناية بحلقات تحفيظ القرآن الكريم هي عناية بإصلاح أبناء المجتمع التحقوا بهذه الحلقات على وجه الخصوص حيث تستمر تلاوتهم لكتاب الله وفهمهم لمعانيه وتطبيقهم لأحكامه وتوجيهاته الأمر الذي يؤدي إلى حماية النشء من الانحرافات الخلقية والفكرية وكلما قويت الصلة بالقرآن الكريم والسنة تلاوة ً وقراءةً وتدبراً وعملاً كلما زاد الأثر في صاحبه نوراً في البصيرة وطمأنينة في القلب وانشراحاً في الصدر وصحة في البدن وتوفيقاً في الأمر وصلاحاً في الحال وبركة في الرزق وسداداً في الرأي ووقاراً وهيبة في الشخصية ومضاء في العزيمة وثباتاً في المواقف وحسناً في التصور وإصابة للحق وتلذذاً بالعبادة وإقبالاً على الله ومعرفة به - سبحانه - ورحمة بخلقه وحرصاً على نفعهم. الانحراف والاغترار أما الأستاذة نجوى بنت عبدالله الخوصان مديرة الإشراف التربوي بتعليم البنات بمنطقة الجوف فتشير إلى أن زيادة نشر وعي الآباء والأمهات بعظم مكانة القرآن الكريم وعظيم منزلته عند الله تعالى، وزيادة عدد المقبلين على حفظ القرآن الكريم وحماية الشباب من الانحراف والاغترار بالأفكار المنحرفة والمضللة. زيادة الحلق وتؤكد الأستاذة شريفة بنت عبدالعزيز الجمعة مديرة مكتب التربية والتعليم شمال بريدة أن تزايد الطلب على حلقات التحفيظ وكثرة المسجلين فيها من طلاب وطالبات يعد دليلا على توجه أبناء المجتمع نحو الحلقات حيث إننا الآن نعيش نهضة قرآنية حيث زيادة عدد الحلقات والأخذ بأسباب التقنية الحديثة وجذب الناشئة نحو الحلقات بالترغيب. كما تعد المسابقات القرآنية من الوسائل المجدية لاستنهاض وشحذ الهمم لحفظ القرآن الكريم والإقبال على حلقات ومدارس التحفيظ.