في العاشر من شهر رمضان الكريم عام 1427ه كتبت مقالا بعنوان (التأمين الصحي لإيقاف هدر المال والكرامة) أشرت فيه الى أن الخدمات الصحية المقدمة للمواطن العادي لا تتناسب مع الميزانيات الضخمة التي تتزايد سنويا حتى تجاوزت في ذلك العام ثلاثين مليار ريال لعلاج سبعة عشر مليون مواطن بمعدل يزيد على ألف وثمانمائة ريال لكل مواطن وهو مبلغ يكفي لحصوله على تأمين طبي يحفظ له صحته وكرامته واقترحت توجيه هذه الميزانيات للتأمين الطبي على جميع المواطنين . وبمتابعة الميزانيات السنوية للدولة نلاحظ أنها استمرت في زيادة إنفاقها حتى بلغ ما خصصته هذا العام للخدمات الصحية والاجتماعية أكثر من اثنين وستين مليار ريال غالبيته للخدمات الصحية مما يعني أنها تنفق ألفي ريال تقريباً لعلاج المواطن الواحد سنويا إضافة الى مبالغ ضخمة غير محسوبة ينفقها المواطنون في المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة داخل المملكة وخارجها وينبغي الاعتراف بأن الهدف الذي تنشده الدولة من إنفاق أو هدر جزء كبير من ميزانياتها لتقديم خدمات صحية لائقة لمواطنيها لم يتحقق حتى الآن ولن يتحقق ولم توفر الجهات المعنية خدمات صحية تتناسب مع الميزانيات الضخمة التي أنفقتها الدولة طيلة العقود الماضية فغالبية المواطنين يتلقون العلاج في مراكز الرعاية الأولية المتناثرة في مبان مستأجرة تفتقر لأبسط الاحتياجات والتجهيزات الطبية ، أو في مستشفيات حكومية عامة متهالكة متاحة للمواطن العادي كمستشفى الشميسي في مدينة الرياض وأمثاله في المدن الأخرى التي يتكدس فيها أضعاف طاقتها الاستيعابية ، وحين تستدعي حالتهم الصحية العلاج في مستشفيات كبيرة كمستشفى الملك فيصل التخصصي أو احد المستشفيات التابعة للجهات الحكومية فإنهم يستجدون مكرمة للعلاج فيها ويستأنفون مسيرة الاستجداء الى مسؤولي وأطباء المستشفيات لقبولهم وعلاجهم ويدفعون قيمة علاجهم فيها من كرامتهم . وبعملية حسابية بسيطة وبقسمة المبالغ المخصصة للخدمات الصحية على عدد المواطنين يتبين لنا أن الدولة أيدها الله تنفق ألفي ريال سنوياً لعلاج كل واحد من أبنائها ولم توفر لغالبيتهم العظمى رعاية صحية مناسبة . وبما أن شركات التأمين تقدم بأقل من هذا المبلغ تأمينا طبياً يكفل للمواطن علاجاً مجانياً أو شبه مجاني في عدد كبير من المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة المتطورة فإنني أناشد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه توجيه ميزانيات الخدمات الصحية للتأمين على جميع المواطنين والتخلص من غالبية المستشفيات الحكومية تدريجيا وتحقيق عائد إضافي بتأجيرها للقطاع الخاص . وسيؤدي ذلك بإذن الله الى توفير جزء من الميزانيات الضخمة المهدرة على الخدمات الصحية دون جدوى . وحصول كل مواطن على بطاقة تأمين طبي مجاني للعلاج في مستشفيات خاصة تقدم له خدمات طبية وفندقية متميزة تحفظ له صحته . وتوفر له ماله الذي ينفق جزءاً كبيراً منه على العلاج . وتحفظ له كرامته التي يفقد جزءاً كبيراً منها في البحث عن واسطة تتكرم عليه بالعلاج في المستشفيات الكبيرة !!!