غالبية من استطلعت رأيهم حول أفضل طريقة لتملك المسكن يرون أن البناء الذاتي – التطوير الفردي – أفضل من شراء المساكن الجاهزة والسبب ارتفاع السعر وضعف الجودة اعتمادا على مايرون او يسمعون عن مشاكل المساكن الجاهزة كما أن من يتابع تعليقات القراء في الصحف او المنتديات يلاحظ رغبة الكثيرين في بناء مساكنهم بانفسهم. كنت في جولة الأسبوع الماضي لأحياء شمال جدة وتحديدا من أبحر الشمالية حتى خليج سلمان وقد ذهلت من حجم التغيير الذي حدث لهذه الأحياء في السنتين الماضيتين من خلال وجود حركة بناء نشطة للوحدات السكنية وخصوصا مخططات أراضي المنح التي منحتها الدولة للمواطنين في السنوات الماضية وتم بيعها وتدويرها حتى وصلت لأسعار عالية جدا رغم أن بعض الخدمات لم تصل اليها. يظهر جليا أن التطوير الفردي لازال وسيظل سيد الموقف في قضية الإسكان الشائكة التي تتفاقم مع زيادة في الطلب وقلة المعروض رغم ظهور شركات تطوير كبرى خلال السنوات العشر الماضية في الرياضوجدة والشرقية وإعلانها عن مشاريع إسكانية ضخمة لبناء عشرات الألوف من الوحدات السكنية والتي لم نر منها إلا القليل. فمثلا في المنطقة التي زرتها لايوجد مشروع يتجاوز 50 وحدة سكنية رغم إعلان الكثير من الشركات في السنوات الماضية عن تطوير مشاريع سكنية، وكل الموجود بعض شركات صغيرة تبني وتبيع وحدات قليلة وهي تعد على أصابع اليد. إذا التطوير الفردي والذي أرى أنه يمثل 95 بالمائة من حجم تطوير المساكن سواء من خلال قروض صندوق التنمية العقاري او بالتمويل الذاتي هو الذي يغلب على السوق بينما النسبة الباقية لشركات التطوير العقاري، وسيستمر الحال مع زيادة في الطلب وندرة في المعروض في ظل عدم إنجاز مشاريع تطوير كبرى متكاملة الخدمات تخفف عبء التطوير الفردي الذي يكلف كثيرا. الحلول كثيرة وقد ذكرت العديد منها في مقالات سابقة ومنها التعاون والتكامل بين القطاع الحكومي المتمثل في وزارة الشؤون البلدية والقطاعات الحكومية الاستثمارية مثل مصلحة التقاعد والتأمينات الاجتماعية وصندوق الاستثمارات العامة وبنك التسليف من خلال الاستثمار في تطوير وبناء الأراضي التي تمنحها الدولة للمواطنين وبيعها على المواطنين بالنقد او بالاقراض بعد إضافة تكاليف التطوير وهامش ربحي معقول بدلا من منحهم أرضاً يبيعونها مباشرة وبأبخس الأثمان ثم يعيشون هم وأولادهم بلا مأوى وهذا مايحدث حاليا. أيضا مبادرة القطاع الخاص من خلال شركات التطوير العقاري في تطوير اراضي المنح والاراضي الحكومية بالتنسيق مع وزارة الشؤون البلدية وإعادة بيعها على المواطنين. لعل ندوة تطوير الأراضي الحكومية المخصصة للسكن وترعاها وزارة الشؤون البلدية والقروية في الرياض والتي ستبدأ اليوم تكون فاتحة خير لتبني وتفعيل التوصيات التي تخرج عن هذا الملتقى وتكون في صالح المواطن. ولعل توصية تخرج عن هذا الملتقى تتبنى إنشاء شركات خاصة للإسكان تحت إشراف الحكومة وتدار بعقلية تجارية تحقق الربحية مع الحرص على تحقيق هدف حل مشكلة الإسكان بما يتفق واحتياجات وإمكانات المواطن.