الجميع دون استثناء ينشد التطوير.. يبحث عن حلول لمشكلات؛ غدت واقعاً.. كثر هم أولئك المنظرون.. الذين ينقلون حديث مجالسهم.. إلى مسودات أنظمة تضع البلاد والعباد أمام أوضاع (قد) تفاقم من تلك المعضلات. استغربت كثيراً لحماس (البعض) لمقترح مجلس الشورى لرفع القرض العقاري للمواطنين من 300 ألف إلى 500 ألف.. إن هذا المقترح في حال إقراراه والعمل به – لا قدر الله – رغم أنه يُحمل الدولة مالا تحتمل.. أعلم أن الكثير تحمس للمقترح.. وأكثر منهم ينتظره على أحر من سرعة ارتفاع الأراضي شمالي الرياض.. يقول لي أحدهم هل أبيع أراضي شرق الرياض؛ أم أنتظر صدور قرار رفع القرض العقاري؛ قلت ما علاقة هذا بذاك، قال: يا أخي وين عايش.. القرار سيصدر والعقار راح يطير فوق.. هذا التساؤل ورده الذي كنت أعلمه سلفاً، لأنه ببساطة أي واقع اقتصادي يقوم على نظرية العرض الطلب.. قروض فردية يعني طلباً على الأراضي السكنية.. وارتفاع الطلب يؤدي بالتأكيد إلى الارتفاع. أعلم أن الكثير لا يعجبه هذا الطرح.. ولكن من واجب الإعلام الصادق أن ينير دروب الراغبين فعلاً في الإصلاح.. ذلك أن صندوق التنمية العقاري – وإن كان له ميزة حل جزئي للطلب السكني – إلا أنه حول سوق الإسكان إلى سوق للأفراد ومكاتب عقارية متناثرة في حي وطريق، تتحكم بالأسعار دون قياس أو تقنين؛ صحيح أن اقتصادنا.. اقتصاد حر؛ إلا أن غياب التنظيم يعزز المكاسب لفئة صغيرة.. ويحرم البقية، حيث تحول التطوير إلى توزيع الأراضي الخام إلى قطع سكنية، ووجه فكرنا إلى البحث عن.. أرض؛ فقط أرض.. لتبدأ بعد رحلة الشقاء؛ أقصد البناء، ثم الأثاث، ثم السكن، بعد ذلك نستقبل عيوب المسكن، أو الحي أو حتى المدينة.. لأننا نتعاطى في بيئات سكنية يحمكها الأفراد.. من خلق هذا الوضع؟ بطبيعة الحال هو قروض الصندوق العقاري التي شجعت شراء الأراضي والبناء الفردي إلى أن يصل إلى أكثر من 95% من إجمالي مساكن المملكة. لست أبداً أنظّر.. فقد وقفت على تجارب دول لا يعادل دخلها القومي عُشر دخل المملكة، لم أسمع أو أر أزمات سكن.. ومن ذلك تونس، المغرب، سلطنة عمان.. إن التوطين (الجمعي) من خلال كيانات (شركات) تتخصص في (التوطين) الإسكاني؛ بمشاركة حكومية من خلال بعض أو كل الصناديق السيادية (التقاعد، التأمينات، العامة) التي تخصصت في المشاريع التجارية والصناعية.. ترى ألا يستحق المواطن أن يحظى بسكن مناسب في حي مكتمل الخدمات. لاشك أن ما أعلن عن أمين مدينة جدة؛ من اكتمال دراسة تحويل منح المواطنين؛ لتكون وحدات سكنية، بدلاً من أراض لاتسكن ولا تغني من حال.. يستحق التقدير، ذلك انها نظرة بعيدة واستراتيجية، تنم عن فكر واع يستقرئ واقع سوق الإسكان في جدة، بهذا أرى أمانة منطقة الرياض ومكة.. تصنع ما عجزت عنه مؤسسات تخصصت بالتعاطي الإسكاني. واعتبر خبراء في سوق العقارات السعودي تصور مجلس الشورى برفع رأس مال صندوق التنمية العقاري وزيادة القرض العقاري من 300 ألف الى 500 الف ريال قراراً سلبياً يزيد من تضخم الأراضي المخصصة للطلب السكني. وانعكس القرار قبل تطبيقه على الواقع العملي على سوق شقق التمليك، إذ شهدت هذه السوق ركوداً نسبياً في الفترة الماضية خصوصاً في جدة. وتوقع مراقبون ان يتحول المواطنون الى شراء الاراضي بدلا من الشقق السكنية باهظة الثمن في انتظار محموم لتطبيق القرار، الذي سيصدم بالواقع خاصة وان ملاك الأراضي سيتجهون للاستفادة من ارتفاع الطلب برفع الأسعار،وبالفعل رصدت (الرياض) توجّه المواطنين لشراء الاراضي السكنية. وعزا عقاريون ارتفاع الاراضي السكنية في شمال جدة تحديداً، الى اقبال المواطنين خاصة بعد انتشار قرار مجلس الشورى، برفع مال صندوق التنمية العقاري، وزيادة القرض للمواطنين، ليصل الى نصف مليون ريال، في الوقت نفسه تزداد النسبة في الشهور القادمة والإقبال على المخططات الجديدة. وكان مجلس الشورى اتخذ، خطوة اعتبرها كثيرون أنها قد تسهم في حال موافقة الحكومة عليها، بتخفيف العبء عن المواطنين الراغبين في تملك مساكن، وذلك بعد موافقة أغلبية أعضائه على رفع قيمة القرض الذي يمنحه صندوق التنمية العقاري ليصل إلى نصف مليون ريال، بزيادة قدرها 60% عن المطبق الحالي.. وتتراوح قيم القروض التي يمنحها صندوق التنمية العقاري للمواطنين، بين 250 و300 ألف ريال، باختلاف المنطقة. وتبنى مجلس الشورى، توصية تهدف لإحلال العدل في توزيع القروض على المواطنين، وذلك بمطالبته صندوق التنمية العقارية بتوحيد مبلغ القرض المقدم للمواطنين في مختلف مناطق المملكة. ولفتح المجال أمام أكبر قدر من المواطنين للاستفادة من القروض المقدمة من صندوق التنمية العقارية.. تبنى مجلس الشورى، توصية وافق عليها الأغلبية على «إلغاء شرط تقديم صورة من صك تملك الأرض مع الأساس للمطابقة، عند التقدم لطلب قرض من صندوق التنمية العقارية». وأكد أكاديميون أن أي قرار يدفع في اتجاه التعامل مع حل أزمة الإسكان (المستعصية) على الحل في السعودية هو قرار لابد أن يحظى بالثناء، مشيرين إلى الأوضاع السكنية الصعبة التي يعانيها المواطن وتعزى لأسباب كثيرة من أهمها قضية توفير التمويل اللازم للبناء، التي أخذت حيزاً كبيراً من النقد وعقدت لحلها الندوات والمؤتمرات وتمخض عنها نظاما الرهن العقاري والتمويل العقاري اللذان تمت دراستهما بشكل مكثف في مجلس الشورى حتى تم رفعهما لأهل الاختصاص في مجلس الوزراء للنظر في إقرارهما لحل المشكلة. وقالوا إن قرار رفع سقف قرض الصندوق العقاري يعكس تجاوباً من قبل الحكومة لمسايرة الأوضاع المستجدة في سوق البناء والتشييد الذي ارتفعت أسعار منتجاته بشكل فاق معدلات التضخم المحلية بكثير، ناهيك عن أسعار الأراضي الخيالية والصالحة للسكن. ودعا خبراء عقاريون إلى إعادة النظر في فلسفة صندوق التنمية العقاري لأن هناك ملاحظات جوهرية ينبغي الانتباه لها حتى يتناسب أداء الصندوق مع معطيات العصر والتوجهات الحديثة النابعة من الدراسات والبحوث الاقتصادية، مبينين أهمية النظر في تغيير أسلوب عمل الصندوق الذي يقوم على إقراض المواطنين مبلغاً لا يغطي تكاليف بناء المنزل. وأوضحوا أن الأجدى من ذلك هو قيام الصندوق وعبر شركات متخصصة ببناء وحدات سكنية تناسب احتياجات المواطن السعودي وتلبي رغباته في توفير المسكن المناسب للأسرة السعودية ومن ثم بيعها على المواطن بأقساط ميسرة، مؤكدين أن ذلك سيسهم في تقليل طابور قوائم الانتظار في الصندوق والتي تصل حالياً إلى ثلاثين سنة قادمة. وبيَّنوا أن من الملاحظات الجوهرية على فلسفة الصندوق أنه لا يخدم إلا من تتوفر لديه أرض معدة للسكن، وهذا قد يصعب على كثير من المواطنين ذوي الدخل المحدود كما يعطل الاستفادة منه لدى شريحة كبيرة من المجتمع التي قد لا تستفيد حتى من المنح التي تقدمها الدولة خاصة إذا علمنا أن توفر السكن للمواطن يعد حاجة وليست كمالية يمكن تعويضها. ويتساءل عقاريون عما إذا كان التطوير العقاري الفردي قادراً على توفير وحدات سكنية بكميات كبيرة ومتنوعة وبجودة عالية أم لا؟. وعللوا ذلك في أنها تحتاج إلى استثمارات مالية كبيرة للمشروع الواحد كما أنها تحتاج لإمكانيات فنية كبيرة ومعقدة وخبرات تسويقية متراكمة قادرة على تسويق تلك الكميات الكبيرة من الوحدات السكنية في الوقت المناسب. إلا أن هؤلاء العقاريين قالوا إن هناك أفراداً نجحوا في تطوير أعداد قليلة من الوحدات السكنية وحاولوا تطوير كميات كبيرة بنفس الآلية أدت إلى وقوعهم في أخطاء كارثية أخرجتهم من السوق العقاري. ولا يلبي المعروض من المشاريع السكنية متطلبات السوق المرتكزة على السكن عالي الجودة وميسور التكاليف، ما يفتح فرصاً هائلة على طاولة كل من المطورين العقاريين والمستثمرين خلال الأعوام القليلة المقبلة، على الرغم من تمتع السوق العقارية في المملكة بإمكانات هائلة، ولكن «ارتفاع تكاليف العقار يبقى التحدي الرئيسي الذي يجب عليها تخطيه». كما أن هناك عدم وجود توافق في التسعير في الوقت الحاضر، إذ يقف المشترون حائرين بين ما تقدمه السوق، والكلفة التي يستطيعون تحملها لشراء منازل لهم. وطالب خبراء في السوق العقاري باللجوء إلى آليات قوى السوق لتوفير الوحدات السكنية بأسعار مناسبة وجودة عالية وبآليات تمويل تناسب متوسطي الدخل، وتفعيل قوى السوق يكون في معالجة القضية الإسكانية من خلال وجود مطور إسكاني قادر على تطوير أحياء ووحدات سكنية عالية الجودة متعاظمة القيمة لتشكل أساسا صلبا كأصول ضامنة لدورات مالية متتالية.