النشاط الذي يشهده السوق العقاري حاليا حتى وان كان هادئا أعتبره طبيعيا، لأن معظم الحركة السابقة للسوق وتحديدا في السنوات العشر الماضية هي التي لم تكن عادية وكانت تعج بالكثير من الأخطاء والتناقضات التي كلفت الكثير ولو أردنا استعراض بعض هذه الأخطاء لتمثلت في تأخر اهتمام الجهات الحكومية بمشكلة الاسكان وعدم تنظيم السوق ومتابعته ومنها وزارة التخطيط والشؤون البلدية ووزارة التجارة ووزارة العدل ومجلس الشورى وشركات الخدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والاتصالات تمخض عنها العديد من المشاكل التي تراكمت. الى أن وجه خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بإنشاء هيئة الاسكان ثم تحويلها الى وزارة ودعم الصندوق العقاري عدة مرات وزيادة قيمة القرض ومبادرته – ايده الله - بإنشاء 500 الف وحدة سكنية. لا شك أن عدم الالتفات لهذه المشكلة والتخطيط لها نتج عنه زيادة كبيرة في الطلب وقلة في المعروض من الوحدات الجاهزة بسبب الزيادة السكانية والهجرة من القرى الى المدن وزيادة عدد المقيمين وارتفاع الاسعار بشكل غير مبرر وظهور مشاكل المساهمات العقارية المتعثرة ثم قضية المتاجرة بالأراضي البيضاء وتدويرها دون تطوير واحتكار الأراضي وفشل الشركات العقارية التي دخلت السوق او انشئت بغرض تطوير المشاريع الاسكانية بسبب بطء اصدار التراخيص وعدم القدرة على التعامل مع المشاريع الكبرى وضعف الادارة الى أن تحولت للمتاجرة بالأراضي الخام والمطورة. اذاً ما كان يحدث في السابق هو غير الطبيعي لأن السوق وصل الى أسعار تجاوزت قدرة المواطن الشرائية بمراحل. النتيجة لذلك ما يشهده السوق من حركة تصحيحية وهذا ما ذكرته في البداية ويمكن ملاحظة ذلك بانخفاض اسعار العقارات والأراضي وبالذات غير المخدومة او التي تقع خارج النطاق العمراني والتي كانت مرتعا للمضاربات دون تطوير. ويلاحظ زيادة الاهتمام بإقراض المواطنين لبناء مساكنهم وتحرك صندوق التنمية العقاري والبحث عن بدائل لتمويل قروض المواطنين. وأيضا الاهتمام بإنشاء الصناديق العقارية كبديل عن المساهمات العقارية. استمرار البناء الفردي الذي لم يتوقف وسيطرته على حصة كبيرة من السوق وكذلك زيادة نشاط الشركات الصغيرة والمتوسطة المهتمة بتطوير المساكن ونجاحها وتحقيق متطلبات المستهلك. الهدوء الذي يسود حركة السوق بيعا وشراء حاليا أمر منطقي وواقعي فالفريقان ينتظران كل حسب مصلحته، فريق المشترين الباحث عن قطعة أرض أو مسكن ينتظر أن تنخفض الأسعار الى معدلات معقولة وضمن قدرته الشرائية وإمكاناته وظهور بدائل أخرى تسهم في زيادة المنافسة والعرض، وفريق الملاك المستثمرين او العقاريين الذين يأملون أن تعود الحركة كما كانت بنفس الأسعار السابقة او بانخفاض قليل. قد تكون الفائدة الكبرى هو أننا بدأنا نشهد ثقافة عقارية جديدة ووعيا يوازي حجم المشكلة حتى وان تعلمنا بالطرق الصعبة.