يعد المدافع الهلالي السابق سعيد بن يحيى (68 عاماً) من ألمع النجوم الذين ارتدوا الشعار الأزرق، وشهدت علاقته بالفريق عندما كان لاعباً تألقاً كبيراً في مركز الظهير الأيمن، وكان ضمن كوكبة النجوم التي ساهمت بصورة كبيرة في حصول الهلال على الكأسين (كأس الملك وكأس ولي العهد) عام 1384ه وتوج بروزه وتعلق الجماهير به طوال مشواره مع الفريق خلال الفترة القصيرة 82-1386ه بأخلاقه العالية ومثاليته، وكل ما عاشوا الهلال مرحلة جديدة مع الإنجازات محلياً وخارجياً فإنهم لا ينسون ضيفنا اليوم، كونه يمثل حقبة مهمة في مسيرة الهلال وبداية ترسيخ علاقته القوية مع البطولات حتى أصبح واحداً من أشهر الأندية في قارة آسيا بدليل حصوله على لقب نادي القرن في القارة الكبيرة. سعيد بن يحيى 1382 ه ابن يحيى لم يكتف بنجوميته على المستطيل الأخضر إبان ارتدائه الفانلة الهلال ولكنه زاد على ذلك بنجوميته عبر هذا الحوار الذي يحكي من خلاله مسيرته الرياضية التي فضل ان تكون عبر صفحة (نجوم الأمس) فماذا قال النجم الهلالي السابق؟ سعيد بن يحيى يروي ذكرياته للزميل فهد الدوس الثاني من اليمين جلوساً في صفوف هلال 84ه ويظهر من اليسار وقوفاً: حميد، مبارك، الكبش، سلطان، نبيل، كندا، سالم ..وجلوساً الدبلي، الحميدان، سواء، سمارا مع طلبته في فناء متوسطة حطين بدايتي الكروية كانت إبان دراستي المرحلة الابتدائية ثم الاعدادية بمعهد الأنجال خلال حقبة السبعينيات الهجرية وكان يشرف على تدريبنا المصري سيف الدولة عبدالفتاح واللبناني عبدالله الصيدلاني ومن المعهد التحقت بصفوف فريق شباب الناصرية الذي كان يرأسه الأمير ماجد بن سعود ثم أخوه الأمير عبدالرحمن بن سعود (رحمهما الله) وأعقبهما أخوهما الأمير منصور بن سعود الذي دعم صفوف الفريق بلاعبين سودانيين أحضرهم من جدة مثل السيد مصطفى والأخوين يوسف وحمزة دينمو وحسن هرهرة (يماني الجنسية) وكنت ألعب في الناصرية وأشجع الهلال في ذات الوقت. لقد كان معهد الأنجال في أواخر السبعينيات الهجرية أشبه ما يكون بجامعة تضم كافة الأنشطة الرياضية والاجتماعية والثقافية وكان لديه مسرح من أعظم المسارح في المملكة وأتذكر ان جلالة الملك سعود (رحمه الله) كان يرسل طائرته الخاصة إلى مدينة جدة ويدعو السفراء الأجانب لحضور حفل معهد الأنجال الختامي وفي اليوم التالي يعودون على متن طائرته الخاصة إلى جدة. وسط أبنائه وبعض أقاربه الحمدان غير مساري ومن الزملاء الذين أتذكرهم معي في المعهد مبارك الناصر والدبلي وحسين العليان وفي المتوسطة نادر العيد ونبيل الرواف وبعدها انتقلت للمرحلة الثانوية ودرست السنة الأولى ثم التحقت بمعهد التربية الرياضية بتوجيه من الكاتب الاجتماعي المعروف راشد الحمدان ونصحني بالتسجيل فيه باعتباره معهداً جديداً افتتح للتو. 300 ريال أغرتني بالأزرق انتقالي لنادي الهلال من فريق شباب الناصرية جاء إثر قيام الإدارة العامة لرعاية الشباب بدمج بعض الفرق أو حلها فدمج على سبيل المثال اتحاد المربع والنجمة والمريخ مع الشباب في حين الغى فريقنا شباب الناصرية عام 1381ه وذهبت مع الأهل إلى الطائف إبان فترة الصيف وهناك جاءني قائد الهلال مبارك عبدالكريم ونقل لي رغبة رئيس النادي الشيخ عبدالرحمن بن سعيد في الانضمام للهلال ورحبت على الفور وكانت تذكرة الطائرة جاهزة مع مبارك وذهبنا مباشرة إلى الرياض وسجلت في مكتب الوسطى وعدت في اليوم التالي إلى أهلي في الطائف وكان انتقالي للهلال مقابل مبلغ (300) ريال ودراجة نارية (دباب) سوزوكي أزرق اللون. (وانيت) أبو حسين ومن الذكريات (وانيت) أبو حسين علي النصير الذي كان يتولى نقل اللاعبين بسيارته الخاصة إلى الملعب لأداء التمرين بالقرب من محطة القطار في الملز. وفي بعض الأحيان نخرج من المعهد مع بعض المشجعين عند الساعة الثانية ظهراً لتخطيط الملعب ورشه بالماء بواسطة (وايت) من فرط ولاءنا للأندية وعشقنا للكرة. «حسن سلطان» نقله المدرب الراحل حسن سلطان هو أول مدرب تتلمذت على يده في نادي الهلال وكان مدرس تربية رياضية في معهد الأنجال قبل ذلك ومثلت الفريق الأول لأول مرة في مباراة ودية جرت يوم11 - 11 - 1382ه بين الهلال والاتفاق تعادلنا فيها 1/1 على ملعب المعارف بالدمام وكانت أرضيته كلها «صبخ» وسيئة. «كلاب الدمام» مزعجة!! ومن المواقف الطريفة قبل تلك المباراة كنا نقيم بفندق الدوسري بالدمام وكان بجواره مقبرة وطوال الليل كانت هناك كلاب تنبح وتعوي بقوة الأمر الذي أرهقنا فلم نذق طعم النوم في تلك الليلة وأتذكر ان سلطان مناحي قال لي: «يا خوي وينا فيه.. لو أنا في المريخ أحسن لنا من هذا الفندق».. وسلطان من اللاعبين الكبار والنجوم البارعة في خط الوسط. مبارك قمة في الذكاء كما ان الكابتن مبارك عبدالكريم أذكى لاعب عرفته في حياتي بالملاعب السعودية.. ذكاؤه خرافي وقراءاته سليمة للمباريات وأهمها ضد الاتحاد في نهائي كأس الملك عام 1384ه وكان العميد يتقدم علينا بهدف حتى آخر دقيقتين وتألق في تلك المباراة غازي كيال قلب الدفاع وأخوه الحارس عبدالجليل كيال ومحمد حسام الدين القملة ومبارك «أبو غنم» وعبدالله كعدور.. لاعبون بحق كانوا فطاحلة وكان حكم المباراة عبدالله غمري «رحمه الله» وقبل نهاية المباراة بدقيقتين تحصلنا على خطأ على رأس ال 18 وفي حائط الصد وقف كعدور وكان قصير القامة وسط العمالقة مبارك أبو غنم ومحمد حسام الدين وغازي كيال وجاء سلطان مناحي إلى مبارك وقال تكفى يا أبو البرك لا يفوزون علينا يا مبارك المباراة مباراتنا وفرصتنا الأخيرة لا تضيع أمسك مبارك بهافه ورفعة قليلاً إلى الأعلى وقال لسلطان: «وش رايك في الثرمة اللي في الحيطة»؟ ويقصد كعدور لقصر قامته.. وبالفعل تصدى مبارك ونفذ بدقة ومهارة الكرة من فوق رأس كعدود في الثمانيات بنجاح باهر هدفَ تعادل تاريخي اطلق الحكم الغمري بعده صافرته وتبسم الحظ لنا في ركلات الترجيح إذ سجلنا ركلتين بواسطة سلطان ومبارك وأهدر الكبش الأولى في حين أضاع الاتحاد ركلاته الثلاث. وبالمناسبة لازلت أتذكر نجم الاتحاد غازي كيال وهو يقول لزملائه بعد نهاية المباراة في الوقت الأصلي بالتعادل (1/1): خلاص الاتحاد فايز بالكأس فنحن نتقدم على الهلال بضربة ركنية واحدة ولم يكن ذلك صحيحاً وجاء تطبيق نظام ركلات الترجيح لأول مرة في تاريخ الكأس ليلغي احتساب ضربات الزاوية. للكأس ثمنه!! ومن الذكريات الخالدة فوزنا بكأس سمو ولي العهد لأول مرة في تاريخ نادينا عام 1384ه على حساب الوحدة في ملعب الصبان بجدة في تلك المباراة شج رأس مدربنا التوم وزميلي فهد بن نصيب وسلطان الراجح (سمارا) بقطع زجاجية وخرسانية قذفها علينا جمهور الوحدة ولم نتمكن من مغادرة الملعب إلاّ تحت حماية فرقة الصاعقة وكان رئيسها بالصدفة كابتن الوحدة عبدالرحمن الجعيد (رحمه الله) وسلمنا الكأس فيما بعد خارج الملعب وتحديداً في الفندق الذي أقمنا فيه بجدة. إدارة ابن سعيد والسديري رائعة حقيقة لا أنسى الجهود الرائعة لإدارة نادينا عام 1384ه برئاسة الشيخ عبدالرحمن بن سعيد رئيس النادي ونائبه الأستاذ تركي عبدالله السديري ودورهما الكبير في تهيئة الأجواء الصحية للاعبين وتحقيق النجاح في النهاية باحراز الكأسين. وأتذكر أننا كنا نطلع على طريق خريص وننام في قهوة العويد وفي الصباح ننزل على شارع الوزير ونفطر في مطعم معلم الحمص اللبناني «أبو خليل» مع الأستاذ تركي السديري وعويض الحارثي وإبراهيم القدير وسالم إسماعيل وزين العابدين وعلي النصير (أبو حسين) وكريم المسفر أحياناً ووسيلة المواصلات ونيت أبو حسين أو داتسون شمروخ (رحمه الله). لقد كنا نعسكر أحياناً في تلك القهوة وأحياناً بفندق العاصمة بالغرابي ويملكه أحمد السوداني طباخ عند الملك عبدالعزيز «طيب الله ثراه» وكان الأمير هذلول بن عبدالعزيز يزورنا في المعسكر. إصابة ابن بريك بالغة اعتزالي اللعب كان في عام 1386ه على إثر إصابة في الركبة تعرضت لها من قدم المهاجم فهد بن بريك في مباراة جمعت الهلال بالنجمة هجرت بعدها الملاعب وتفرغت للدراسة بمعهد التربية الرياضية وأثناء فترة الإجازة الصيفية الطويلة ذهبنا في دورة تدريبية بتونس مع عدد من اللاعبين المعتزلين والأندية ورشحني نادي الهلال مع زميلي فهد بن مجدل القحطاني وبعد عودتنا طلبت منا الإدارة العمل مساعدين للمدرب الأول السوداني حسن جبارة الله التوم وفي أول تمرين وضعني خلف المرمى الشمالي وفهد بن مجدل وراء المرمى الجنوبي قائلاً: «إذا طلعت الكورة جيبوها»!! فقلنا: «خوش تدريب.. دورة خارجية وبازين بشهاداتنا من تونس وآخرتها نجيب كور من خارج الملعب»؟! وفهمنا مغزى هذا التصرف فهو لا يريدنا ان ندخل معه في التدريب ونتسبب بإلغاء عقده فيما بعد وحين انتهاء التمرين قلنا للإدارة: نعتذر عن الاستمرار مع المدرب التوم. عثمان الصالح أبكاني مرتين! سعيد بن يحيى بكي عندما تذكر المربي الفاضل الشيخ عثمان الصالح أتذكر عندما قررت التوقف عن إكمال دراستي الثانوية بمعهد الأنجال والانتقال للدراسة بمعهد التربية الرياضية عام 1385ه ذهابي لاستلام ملفي الدراسي من مدير المعهد الشيخ عثمان الصالح رحمه الله.. «وما ان ذكر اسم سعيد بن يحيى المربي الفاضل على لسانه حتى توقف فجأة عن الكلام وانتابته موجة بكاء وللمرة الثانية يفشل في حبس دموعه فترك لها العنان وسط محاولات يائسة منه لتمالك نفسه والسيطرة على مشاعره وأحاسيسه المرهفة.. وبعدما مسح تلك الدموع بأطراف غترته عاد ليواصل حديثه» قائلاً: المربي الفاضل عثمان الصالح كان في منزلة الوالد رحمه الله وحينما يمر اسمه في خاطري تخونني مشاعري تجاه هذا الرجل الكريم فالعلاقة بيننا أكثر من علاقة الابن بأبيه وله مواقف نبيلة لا أنساها وحينما ذكرت له رغبتي في الانتقال لمعهد التربية قال لي: أولاً رح شف لك مكان في المعهد وتأكد من ذلك لأنك إذا أخذت ملفك وذهبت ثم رغبت في العودة إلينا ربما لا تجد مكانك فسوف نسجل غيرك وذهبت وقابلت مدير المعهد آنذاك معيلي أحمد المعيلي رحمه الله وسجلت ضمن طلاب الدفعة الثانية في تاريخ المعهد وحين عدت للشيخ عثمان وأخبرته بقبولي هناك قدم لي ملفي وتمنى لي التوفيق وبعد ثلاثة أعوام تخرجت مدرس تربية رياضية في عام 1388ه . والمربي الفاضل (رحمه الله) كان محباً للرياضيين والنشاط المدرسي ويشجعنا في الكشافة والتمثيل والإذاعة وكل الأنشطة الأخرى حتى أنه كان يأتي بعد صلاة العصر ولا يغادر المعهد إلاّ بعد صلاة العشاء عقب متابعته كافة الأنشطة من بروفات وتمارين. ومن المواقف التي أتذكرها للشيخ عثمان الصالح في إحدى المرات لعبنا ضد معهد المعلمين وكان ملعب معهد الأنجال الوحيد في المملكة المزروع والمزود بالإضاءة الليلية وسألنا الشيخ: «وش سويتو؟» فقلت: «تعادلنا وتقدموا علينا بكورنر وسيعطونهم الكأس« فقال رحمه الله: «الكأس عندي في الإدارة.. ان كان ما هنا قول بالصملي.. وإلاّ ما فيه كأس»! وفعلاً كملنا المباراة وفرنا عليهم وتوجنا بالكأس.. وأتذكر ان الأخ سعد التويجري قام باطفاء كشافات الملعب فتأجلت المباراة وحققنا فوزاً كبيراً في مباراة الإعادة بثلاثة أو أربعة أهداف وكان معنا سعد بن جبران ومطلق بن عيد. «أبو غنم».. و«حجازي الإتي» في ذاكرتي! في ذاكرتي نجوم خالدة إبان حقبة الثمانينيات الهجرية ومنهم حارس الاتحاد العملاق عبدالله حجازي الغامدي -رحمه الله- الشهير ب (عبدالله جاوة) ومايسترو الوسط كريم المسفر لاعب من طراز رفيع يجمع بين المستوى والأدب والأخلاق العالية.. وهناك عبدالرحمن بشير الغول -رحمه الله- وعبدالله شمروخ -رحمه الله- وعبدالله يحيى (النمنم) ومبارك أبو غنم أفضل ظهير أيمن في الملاعب السعودية بعد المرحوم صالح أمان الذي كان لاعبا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. طول.. بنية قوية.. منح كروي وكان يذكرني بلاعب الاتحاد السوداني زرقان (دانا دانا) وكان صالح يلعب بأسلوبه يسحب الخصم وإذا دخل ال 18 زاغ منه واستلم الكرة ومشى باختصار شديد: ما فيه اخوه في خانة الظهير حتى اليوم. أيضاً حارسنا العملاق عبدالله سوا -رحمه الله- التصق اسمه بالكأسين عام 84ه .. وكذا زميلي الظهير الأيسر سالم إسماعيل قوي البنية ولا يهتم بأحد.. اللي في راسه يمشيه وهناك المدافع نبيل الرواف.. هادئ.. خلوق.. ممتاز في أدائه. ولا أنسى سلطان مناحي اللاعب الجدي في الملعب ولا عنده لف ولا دوران. أما حميد جمعان فهو قبل ان يكون صديق عمري ورفيق مشواري الرياضي هو زوج شقيقتي ومهاجم امتاز بالسرعة وبطل في ميادين ألعاب القوى ونجم في ملاعب الكرة. حارس الاتحاد عبدالله حجازي -رحمه الله- مع كأس الملك 20-8-1378 ه