دفع تقلص الطلب على الطاقة بفعل التباطؤ الاقتصادي نتيجة الأزمة المالية التي تلف اقتصاديات دول العالم حاليا بعض دول الاوبك الى تأجيل تنفيذ بعض مشاريعها الطاقوية التي كانت تنوي إنجازها هذا العام أو نهاية العام القادم الى ما بعد 2013م في خطوة تهدف الى الانتظار لمعرفة قاع الأزمة المالية وتأثيرها المتوقع على النمو الاقتصادي وللحيلولة دون الدخول في أعباء مالية تثقل كاهل استثماراتها البترولية في ظل تدني أسعار النفط الى مستويات لا تمكنها من المضي قدما في تمويل هذه المشاريع التي تكلف مليارات الدولارات. وأظهرت احصائيات جديدة غير رسمية أن 40 مشروعا نفطيا بدول الأوبك من أصل 150 مشروعا كانت الدول المنتجة تنوي تنفيذها هذا العام تم تاجيل تنفيذها الى ما بعد عام 2013م أو الغائها كليا، كما أخضعت بقية المشاريع الى مراجعة لجدواها الاقتصادية بهدف التقليل من النفقات بعد هبوط أسعار البترول الى أقل من 40 دولارا للبرميل بينما أن معظم دراسات الجدوى الاقتصادية السابقة بنيت على أساس أن النفط لن يقل عن 80 دولارا للبرميل وعلى مدى الخمس سنوات القادمة، غير أن سفن الاقتصاد العالمي سارت بما لا يشتهي مستثمرو النفط الذين يساورهم الوجل من أن الأسعار لن تعود الى هذه المستويات السعرية على مدى الثلاثة أعوام القادمة في ظل التباطؤ الموجع للاقتصاد الدولي. وقد شجع ارتفاع أسعار النفط الى مستويات قياسية تخطت 147 دولارا للبرميل خلال عام 2007م دول الاوبك على التخطيط لتنفيذ 150 مشروعا نفطيا بتكاليف تزيد على 500 مليار دولار خلال الخمس السنوات القادمة لمواجهة الطلب العالمي على النفط الذي كان متوقعا أن يصل الى 88 مليون برميل يوميا بحلول عام 2010م وأن يواصل الارتفاع في السنوات القادمة ليتجاوز 90 مليون برميل يوميا ما حفز الشركات النفطية على مضاعفة استثماراتها في مجالات الاستكشاف والتنقيب والإنتاج وكذلك بناء مصافي التكرير ومد خطوط الانابيب والتسويق، إلا أن الاحصائيات التي عكست هبوط الاستهلاك الى 84.7 مليون برميل يوميا عام 2009م متراجعا من 85.7 مليون برميل يوميا عام 2008م كبح طموح المستثمرين النفطيين في الحصول على عائدات مجزية لاستثمارتهم وتنمية الصناعة البترولية. وتناور دول الأوبك منذ فترة من أجل انعاش أسعار النفط التي تهاوت بسرعة كبيرة مقارنة بأسعار السلع العالمية الأخرى وذلك من خلال التقليل من التدفقات البترولية، بيد أن تجاوز بعض أعضاء الاوبك لحصصهم المقررة طمعا في دعم مصادرهم المالية للوقاية من تبعات الأزمة المالية افضى الى إغراق السوق النفطية وتعميق خسائر النفط الخام وعرقلة الاستثمارات الطاقوية التي تعتمد بصورة أساسية على مستقبل منافذ بيع مصادر الطاقة وقوة نمو الاقتصاد العالمي الذي سيساهم في تنامي الصناعة البترولية والبتروكيماوية على حد سواء. من جهة ثانية انتعشت أسعار النفط الى 39.17 دولارا للبرميل خلال تعاملات الأسبوع المنصرم مدعومة بانخفاض غير متوقع في المخزونات النفطية التجارية الامريكية بعد ارتفاعات متكررة خلال الأشهر الماضية اوصلتها الى ارتفاع بنسبة 20% عن سبتمبر الماضي. وصعد خام برنت القياسي في الأسواق الاوروبية الى 41 دولارا للبرميل. وظل الذهب السلعة الجاذبة للمستثمرين بعد أن اقتربت أسعاره من 1000 دولار للاوقية وسط إقبال كبير من قبل المستثمرين على المعدن النفيس الذين يرون بأنه الملاذ الآمن للتقلبات السعرية لبقية السلع العالمية، كما ارتفعت أسعار الفضة الى 14.23 دولارا للاوقية.