التصغير لغة تغيير يطرأ على بنية الاسم وهيئته فيجعله على وزن "فعيل" أو "فعيعل" أو "فعيعيل" بالطريقة الخاصة التي تؤدي إلى هذا التغيير.. ومن أغراضه التحقير والتقليل والتقريب في الزمان والمكان والتعظيم ثم التحبب والتمليح وإظهار الود. وقد ظهر التصغير في أشعار البادية كثيراً في الجانب العاطفي منها، وقل في الجوانب الأخرى، كما أنه في شعرهم أكثر شيوعاً منه في الشعر الفصيح .. بل إن وجود التصغير في الشعر الشعبي أعذب وأرق منه في كثير من نماذج شعر الفصحى وفي صفات الحبيب قوامه وجمال أوصافه قال الشاعر علي بن غنمي في قصيدة منها: العفو لله لا ما اني بديت الحيد قلت آه أجر ونّات مثل اللي مريض من الكسوح كله هوى الجادل اللي في الملا ما خلت حلياه أبو "مءبَيءسم" كما الخاتم وصواغه نصوح و"المبيسم" هنا تصغير "المبسم" وهو الثغر، وقد أبدع شعراء العربية في وصف الثغر ورضابه واللمي وعذوبتها وجاء شعراء البادية فتغنوا بالمبسم واللمي وصغروا كلمة "المبسم" ب "المبيسم" أما اللمي فصغروا جمال عذوبتها في قولهم "عذَيءب اللمي" تصغيراً ل "عذب اللمي" وفي اللمي يقول شاعرهم: يا نجوم السما يا سارية خبريني عن "عذَيءب اللمي" هو شد والاّ مكانه وفي "المبسم" قال الشاعر الهزاني في رباعيته: طفل سلب عقلي بجيد وقصة و"مءبَيسءم" يا حظ ابو من(....) و"قءرَيءدةٍ" فيها الرعايف وحصة و"مءغَيءزلات" "غءزَيِّل" حين ينعان أما الخد أسيلا.. ابيض فقد وصفه الشاعر درويش الحساني بقوله: واكثرت انا بالونين من المفارق واستلجيت عليك يابو "خدَيءد" ابيض يضوي في الظلام وقولهم: يا "فءهَيءد" وين "سَهِّيف الخد" ما جاك ما شفتهم يا "فهَيءد" في الظاعنين و"سَهيِّف الخد" أي أسيل الخد.. ونلاحظ تصغير اسم فهد للتحبب والتدليل. وعندما يحس الشاعر العاشق بالضنى يرثي لحاله ويصف وداعته فيقول: قال "الغَليِّم" تهيض عصر مما شافت العين غرا تسوس الخطا بالتيه معجبها حجاها أبو "زءمَيِّم" ذهب، زين البنا فز "النهَيءديءن" أبو جدايل بلا مقنع ليا هبَّت كساها "الغليم" هنا "الغلام" والتصغير هنا للوداعة.. ويصف الشاعر فتاة أثارت شجونه وأذكت شاعريته.. غراء تمشي الهوينا تيها، معجبة بجمالها وترفها ومكانتها الآمنة.. إنها كما يبدو من بيت عز في القبيلة زمامها ذهب - وهو قطعة من حلي تثقب له صفحة الأنف لتثبت عليها - وقوامها سليم اوشعرها الكثيف ودلالها دليل على علو مكانة أسرتها في الحي. وهي لم تزل في الصبا، لم تلبس القناع أي الخمار الذي ليست في حاجة إليه لشعرها المتهدل الذي إذا هبت الريح غطى جسمها وحجبها. والشاعر درويش الحساني في النص التالي إذ يقول: عنيتني يا مثل ظبي"سَفيءسِيءف" يا مقطف "النوَّيءر" روس النوامي ليتك "قَميءري" يا حسين التواصيف وانا الصقر شيهان ذاك القطامي أجيك خاوي ما تقول العرب شيف واروح بك يم الغبا يا غرامي أروح بك راس "العناقين" في هيف في راس ذاك الحيد مالي مرامي عسرة على البندق وعسرة على السيف وعسرة على اللي يبلجون الظلام إنت تغرد في العلا في هفاهيف واصيد انا واجيب صيدا دسام وتسعف لنا الايام نغدي مواليف وهروجنايا العمق زين الكلام إنه يصف محبوبته كظبي رشيق، يتغذى على الزهر يقطفه من أعالي الأغصان الحديثة النمو غضة ناضرة.. ثم يشبهه بأجمل الطيور في بيئة الشاعر تغريداً وريشاً ووداعة إنه "القمري" المعروف. أما الشاعر فهو الصقر شيهان يخطف القمري ويذهب به بعيداً عن الناس في مكان مجهول في أعالي قمة "العناقين" من جبال الأشعر حيث يصعب الوصول إليه، ثم يترك "القمري" يغرد في أعالي الصخور ذات النسيم العليل والظلال الوارفة.. ويذهب لينتقي الصيد السمين.. وتمر بهما الأيام حتى يصبحا إلفين وعندها يتبادلان أحسن الكلام.. وشمل التصغير على هذا النحو الأماكن ومن ذلك قولهم: يا جادلا مرباك خشم "الكنَيءتِيل" وليا تشامل ما تعدي كلية عنيتني يا بو "زءمَيمِّ" "مفَيءتِيل" وانا دخيلك رد قلبي عليه "والكلية" و"الكنَيءتِيل" أماكن بين "رابغ" "وثول".. و "الجادل" الفتاة ذات الجدايل وهي الشعر المجدول.. ومع أن الجادل من التدليل إلا أنهم صغروا كلمة "جادل" "جويدل" قال الشاعر: هيض عليه "جوَيءدِل" ما تغطى تلعب مع البزران أم الخطوط ومن أدواتهم "الحبل" يحتطب به.. فالرعاة عندما يعودون مساء إلى الحي يحضرون معهم الحطب ألا ترى جمال هذه الصورة في هذا البيت الذي يتساءل الراعي فيه لم هذه الراعية واقفة لا تحتطب ؟ يا بنت يا اللي واقفة ما تحطبين مدي "حبَيءلك" وانا اخوك احطب لك وعلى ذلك صغرت عبارات التمني والترجي في قولهم: لا "واسعَيءد" المزن مشيه سريع لا "واسعَيءد" المزن ما اسرع مطاياه "اضحَيء" خرَّج من ديار نجيع و"عصَيءر" يسقي دار جالي ثناياه ابو "خدَيءد" مثل بارق هزيع ابو "مءبَيءسم" والحلا في حلاياه أما الزمان فإنه يصغر حينما لا يكتمل "فعصَيءر" تصغير للعصر وهو ما بعد الزوال ولكن "عصَيءر" أي بعد مرور ثلثي زمن العصر أما "ضحَيء" فقبل اكتمال "الضحى" أو قبل "رأد الضحى" و"شروق الشمس" صغرت إلى "شرَيءق الشمس" ومن أشعارهم: وجيناهم "شرَيءق الشمس" يوم المال في المرحان وزفينا امهات الباب مع ضين تباريها وقول محمد أبو دباس من أبيات: عانق خلوج روَّحت عقب مرواس عند "العصَيءر" لبيضها مستذيرة أما في الجوانب الإنسانية فإنهم قالوا: يا الموت لا تأخذ "يَتيِّم" عن امه لا تاخذ الا إبن تاجر وسلطان وقولهم: "خضراء" "خضَيءراء" يا سقى الله بلدها وتحطني في الحضن كنِّي ولدها وانا وَليءد الناس ماني ولدها وقولهم: يا لجتي لجة "عرَيءب" مشاميس حَيء وحر الشمس بالقيظ داني