بداية الأسبوع القادم ستكون بداية العام الدراسي الجديد؛ حيث يحمل الآلاف من الشباب والشابات أحلامهم، وطموحاتهم، وأمنياتهم، وتطلعاتهم إلى مقاعد الدراسة على أمل أن يكونوا لبنات قوية في بناء مستقبل الوطن، والمجتمع، ويوظفوا وقتهم، وجهدهم من أجل تقدم، ونمو، وتنمية الإنسان، ومشروعات وضع الجغرافيا والتاريخ والهوية والانتماء في مواقع القمة الحضارية في شتى المجالات، ومواكبة المتغيرات، والتحوّلات، والمستجدات في هذا الكون الواسع الصغير، وردم الهوة التي تفصلنا عن العالم المتحضر المتقدم، وإخضاع المسار الحضاري والإنتاجي إلى عقلنة ووعي استيعابيين لمنجزات العلم، والعقل، والثورة المعرفية التي تشرق على العالم منذ سنين. هكذا أحسب تفكير الطالبات والطلبة الذين يتوجهون إلى المدارس، والكليات، والمعاهد، والجامعات بداية الأسبوع، وأحسب - أيضاً - أنهم يطرحون على أنفسهم الأسئلة الصعبة، أو هكذا يفترض أن يكون، مثل. - هل نذهب إلى مقاعد الدراسة من أجل تعطيل العقل، والاهتمام بالتلقين، والحفظ..؟؟ - هل نذهب من أجل تعلّم القراءة والكتابة، والحصول في النهاية على شهادة بأننا أميون جهلة غير مفكّرين، ولا مستوعبين، ولا نملك أدوات الخلق، والإبداع، والتجلي، والتفكير..؟؟ - وهل أعطانا الله - عز وجل - العقل من أجل أن نلغيه، ونلغي مع إلغائه كل مقوّماتنا كبشر، ونظل في دائرة من الانغلاق، والعتمة، ومحدودية التفكير، ولا استشراف، أو ابتكار، أو محاولات لقراءة الأشياء، وفهم الماضي، والحاضر، والمستقبل بروح ورؤية معاصرة للواقع..؟؟ ثم وهو سؤال ضخم، وكبير، وصادم. - ماذا قدمت أجيال الأمة للبشرية، والإنسان، والإرث القومي منذ انهيار حضارتنا، ووعينا، وفكرنا في بغداد، والأندلس..؟؟ وأحسب أن هذه الأسئلة، وكثيراً غيرها - أفترض أنها تدور في أذهان هذا الجيل - تتداعى، وتكبر، وتأخذ مساحتها في داخل الوعي، والعقل غير أن الاسترسال في طرحها ليس في إمكان هذه الزاوية الصحفية..!؟ إذن: علينا أن نتفهم ونفهم كمؤتمنين على مستقبلات الأجيال، وصياغة، وعيهم، وصناعة رؤاهم، وعقولهم أن ننظر بجدية وشجاعة في أمور التعليم، وتوجهاته، ومخرجاته. ويكون محرّكنا قول المفكر والفيلسوف كانط: "تجاسر على استخدام عقلك أيها الإنسان..". ومعنى هذا الكلام، أن نوظف العقل في توجهاتنا، ومساراتنا الحياتية، وأن نُخضع التفكير لمنطق العقل، ونحاول أن نستلهم إشراقة المستقبلات من خلال التفكير، والفهم، وتحريض العقل على العمل، والإبداع. بمعنى أن نأخذ الفعل المعرفي والتنويري أداة محركة لوضع المستقبل في دائرة الإبداع، وتقديم ما ينفع البشرية. وظفوا العقل جيداً، ودعوا أجيالنا تقدم للوطن، والانتماء، والهوية ما نحن جديرون به.