في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي نظمته المملكة في عام 1425ه والذي عقد في مدينة الرياض ورعاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - حيث ألقى حفظه الله، كلمة بمناسبة انعقاد المؤتمر وما حققته المملكة من نجاح ملموس في مكافحة الإرهاب فقد ربط خادم الحرمين في مجمل كلمته ان شبكة الإرهاب ترتبط ارتباطاً وثيقاً بثلاث شبكات عالمية أخرى هي شبكة تهريب الأسلحة، وشبكة تهريب المخدرات وشبكة غسل الأموال ومن هناك فإنه من الصعب ان ننتصر في حربنا ضد الإرهاب، ما لم تشتمل الحرب مواجهة حاسمة مع هذه الشبكات الإجرامية الثلاث ويأتي حديث خادم الحرمين الشريفين إلى المؤتمر تأكيداً بأن قضية المخدرات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعمليات الإرهابية وغسل الأموال والجريمة المنظمة، كما أشارت أغلب الدراسات التي أجريت في مجال مكافحة المخدرات ان ظاهرة الاجرام في الاتجار غير المشروع في المخدرات وتعاطيها وترويجها جزء من مكونات الظاهرة. وقد جاء على لسان الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الدكتور محمد علي كومان في افتتاح المؤتمر العربي الحادي والعشرون لرؤساء أجهزة مكافحة المخدرات المنعقد في تونس حيث قال "ان ما يضاعف من خطورة تجارة المخدرات. ان الأموال المتأتية من هذه التجارة تشكل أهم مصدر لتمويل مختلف التنظيمات الإجرامية وفي مقدمتها الإرهاب في إطار التحالف الشرير بين هذه المنظمات". من ذلك نجد ان هناك علاقة وطيدة بين تجارة المخدرات والإرهاب الدولي فالإرهابيون يعتمدون على المخدرات كمصدر تمويل لهم ويستخدم عصابات التهريب في عمليات التهريب والترويج "تجار المخدرات" ولا شك فإن مرتكبو جرائم الاتجار غير المشروع في المخدرات من أعتى المجرمين الإرهابيين تنظيماً وأكثرهم دهاء وأشرسهم بطشاً وأوفرهم مالاً لا يؤمنون بدين وهدفهم الوحيد تدمير الطاقات وكسب المال. إن المنظمات الإجرامية التي تعمل في مجال إنتاج وتهريب المخدرات استفادت إلى أقصى مدى من تقدم علوم التقنية وعلم الإدارة.. وظهر ذلك واضحاً وجلياً من دقة تنظيمها وإدارتها وعلاقة التعاون السرية القائمة بين منظمات الاتجار للكوكايين والهيروين في العديد من الدول، ورغم ان هذه المنظمات تتباين تبايناً شديداً فإنها تتقاسم سمات عديدة تمكنهم من الوصول إلى غاياتهم. ان الأموال المتأتية من تجارة المخدرات تشكل أهم مصدر لتمويل مختلف ا لتنظيمات الإجرامية ومن مقدمتها الإرهاب تويؤكد التقرير الصادر من الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات بأن حجم تجارة المخدرات وصل في عام 2006م إلى أكثر من 800مليار دولار ناهيك عن أضرار هذه التجارة اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً. ويقابل ذلك الازدياد الحاصل في وقوع الكثير من الأفراد في العالم في براثن المخدرات والذي وصل عددهم إلى أكثر من 215مليون مدمن ومتعاطي حتى الآن.. ناهيك أيضاً عن مدى الخسائر الاقتصادية للدول وتعطل إنتاج المتعاطين والمدمنين والتكاليف الباهظة التي تخصص لعمليات المكافحة والوقاية والعلاج والتأهيل والتعليم كما يؤكد التقرير الصادر عن الهيئة الدولية لمراقبة المخدرت لعام 2008م ان عدد المدمنين الذين تم تنويمهم في المصحات العلاجية في دول العالم لعام 2007م وصل إلى خمسة ملايين شخص. إن دول العالم تبذل جهوداً واضحة في مكافحة المخدرات ومكافحة الإرهاب وعمليات غسل الأموال على كافة الأصعدة وتعتبر المملكة من أولى الدول التي وقعت على الاتفاقيات الدولية لمحاربة تلك الجرائم ولم تتصدى بلادنا لقضية المخدرات بالشجب والاستنكار فحسب، بل استخدمت جميع الإمكانيات المادية والبشرية والآلية والفكرية والتعليمية إضافة إلى الوسائل العقابية الشرعية مما حققت معه النجاح المنشود في تلك المجالات. ورغم الجهود الدولية حيال هذه القضية إلاّ ان الأمر يتطلب معه التحرك السريع من جميع دول العالم إزاء تلك القضايا التي باتت مصدر من مصادر التهديد الأمني والاقتصادي والصحي والاجتماعي ووجب معه تقديم كل الإمكانيات لوقف هذا الزحف وبالذات فيما يتعلق بقضايا تهريب وتجارة المخدرات التي باتت تزداد تجارتها يومياً بعد يوم مخلفتاً الكثير من الجرائم والأمراض الصحية المستعصية التي أعيت الطب وعجز الأطباء عن علاجها مثل العديد الأمراض النفسية والذهانية المزمنة والاضطرابات السلوكية التي تقود للانتحار وارتكاب الجرائم بأنواعها. @ مستشار اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات