ضجت إحدى الصحف المحلية الأسبوع الماضي.. بأصوات أكثر من 300مساهم في مخططات (الحرس الوسطى).. بعد أن أمر القاضي الذي ينظر الموضوع في محكمة الرياض.. بالإيقاف المؤقت لسجل قطع الأراضي.. حتى الفصل في القضية بحكم قطعي.. يجوز بعده التصرف في الأراضي بيعاً وشراءً.. سواء كان ذلك للمساهمين أو للطرف المدعي في القضيه. أجاز (نظام المرافعات الشرعية) لقاضي الموضوع.. سلطة إصدار الإجراءات الوقتية والتحفظية والمستعجلة.. والتي تنظّم الحماية القانونية المؤقتة للحقوق.. حتى الفصل الموضوعي النهائي فيها من قبل القاضي.. بحيث يكفل معها النظام.. الحفاظ على أصل الحق المتنازع عليه.. إن غلب على ظن القاضي.. ضياعه. الخطير في الأمر أن (نظام المرافعات الشرعية).. عندما أجاز لقاضي الموضوع اتخاذ هذه الإجراءات الوقتية.. من لدن فضيلته أو بطلب من أحد أطراف الدعوى.. لم يكفل لهؤلاء الأطراف أو حتى للمتداخل كطرف له مصلحة في القضية.. حق الطعن على هذا الإجراء.. حيث تناقضت مواده في إجازة الطعن من عدمه.. وذلك في ثغرة تشريعية طاردة لبيئة الاستثمار..! جاء في المادة الخامسة والسبعين بعد المائة من نظام المرافعات: (لا يجوز الاعتراض على الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الدعوى ، ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها ، إلا مع الاعتراض على الحكم الصادر في الموضوع ، ويجوز الاعتراض على الحكم الصادر بوقف الدعوى وعلى الأحكام الوقتية والمستعجلة قبل الحكم في الموضوع). وفي حين أن الفقرة الثانية من اللائحة التنفيذية لهذه المادة أشارت صراحة بأن الأحكام الوقتية والمستعجلة التي تصدر قبل الفصل في الدعوى هي ما أشير إليها في المادة (234).. لكن.. عند الرجوع إلى هذه المادة وجدنا مجرد قائمة بالدعاوى المستعجلة فقط.. تشمل: أ - دعوى المعاينة لإثبات الحالة. ب - دعوى منع التعرض للحيازة ودعوى استردادها. ج - دعوى المنع من السفر. د - دعوى وقف الأعمال الجديدة. ه - دعوى طلب الحراسة. و - الدعوى المتعلقة بأجرة الأجير اليومية. ز - الدعاوى الأخرى التي يعطيها النظام صفة الاستعجال. ليس منها كما ترون أي بند يختص بالإجراءات الوقتية التي أشارت إليها المادة (175) ولم تشر اللائحة إليها لاحقاً بحال من الأحوال..! وهذا مخالف للمبادئ القانونية المقررة.. من أن الأوامر الوقتية تكون قابلة للطعن على سبيل الاستثناء.. حتى وإن لم تكن منهية للخصومة.. وهذا لا يمنع من عرضها لوحدها - بمعزل عن أصل الموضوع - على سلطة قضاء الاستئناف مع الاستمرار في نظر الدعوى الأصلية. كل هذا مقرر في التشريعات العربية والعالمية.. كإجراء (رقابي).. يغلق الباب أمام تعسف قاضي الموضوع.. في الإفراط في استعمال هذا الحق.. ويحكم الرقابة عليه.. تجنباً للآثار الخطرة الناجمة عنه.. دونما تعارض لاستقلال القاضي وتجرده. إننا بقدر ما ندعو إلى مزيد من الضمانات اللازمة لاستقلال القضاء وجمع (شتاته) كماً وكيفاً.. وهو ما توّج بالتنظيمات القضائية المتخصصة مؤخراً.. بالإضافة إلى محاكم الاستئناف والمحكمة العليا وقضاء التنفيذ.. إلا أننا مع ذلك نطمح إلى المبادرة بطرح التصحيحات اللازمة.. التي تشيع مزيداً من الشفافية.. مع (مناخ) من الثقافة القانونية لأطراف النزاع.. حتى من غير المتخصصين..! *الباحث في أنظمة العقار [email protected]