اشتهرت قرية غريتنا غرين في الماضي بأنها الملاذ الذي يقصده العشاق الإنجليز الهاربين من بلادهم. والآن تستقبل هذه القرية الاسكتلندية ملايين الزوار من أسراب الطيور القادمة عن طريق الجو. وقد يظن من يرى هذه الأسراب العظيمة من الطيور تسبح في السماء الداكنة أن عاصفة تقترب من القرية. وفي هذا العرض الجوي المذهل تحلق الملايين من طيور الزرزور مع غروب الشمس في لوحة تأسر أنظار المشاهدين. وهذه الطيور تملأ أجواء قرية غريتنا غرين عند الغروب بعد قضاء اليوم كله في الحقول سعياً وراء غذائها، في بحث عن مأوى ليلي يحميها من رياح فبراير الباردة. وهذه الطيور الجميلة لا تسلم من الخطر في هذه الرحلة، إذ تتربص بها كثير من الجوارح الجائعة، التي تريد التهامها. وتلجأ هذه الطيور الصغيرة للالتقاء والطيران في مجموعات علها تستطيع تضليل أعدائها من الباشق والصقر الحوام والباز الجال. والغريب أن هذه الطيور الصغيرة لا تصطدم ببعضها وهي تطير بسرعة 20ميلاً في الساعة. واكتشف العلماء مؤخراً السر في هذه المهارة المدهشة في الطيران، حيث إن كل زرزور يتابع سبعة طيور أخرى بصرف النظر عن المسافة التي تفصل بينها، الأمر الذي يجعل الأسراب في انسجام رائع. وهذا المنظر الرائع لا يحدث إلا في فصل الشتاء. وينصح الدكتور آندري فارار، الناطق باسم الجمعية الملكية لحماية الطيور بعدم تفويت فرصة مشاهدة عروض الزرازير الرائعة. ويقول: "إنه أحد مناظر الحياة البرية بالغة الروعة، التي تدخل البهجة في النفس!". ولكن هذا المنظر لا يدوم طويلاً، فمع اقتراب الربيع ترحل هذه الطيور، مثل العشاق الهاربين في العصور الغابرة. حيث تتراوح وتتفرق بحثاً عن أماكن مناسبة لبناء أعشاشها. ولن تعود للتجمع من جديد إلا في شهر سبتمبر.