يواجه العالم تحديات متزايدة نتيجة التصحر، والجفاف، وتدهور الأراضي، حيث تتدهور أكثر من 100 مليون هكتار من الأراضي الزراعية، والغابات، والمراعي سنوياً، ما يؤثر على حياة أكثر من ثلاثة مليارات شخص، ويتسبب بخسائر تتجاوز ستة تريليونات دولار سنوياً. ولمواجهة هذه التحديات، تتضافر اليوم الجهود الدولية لتنفيذ مبادرات تهدف إلى استعادة خصوبة الأراضي، وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف، والحد من التصحر، في إطار رؤية عالمية لتحقيق التنمية المستدامة وحماية البيئة، من خلال وضع استراتيجيات شاملة وبرامج متكاملة تهدف إلى تحسين استدامة الموارد الطبيعية وضمان مستقبل أكثر توازناً للأجيال القادمة. وفي هذا السياق، كانت البوصلة باتجاه الرياض لإيجاد حلول عاجلة ومواجهة التحديات البيئية خلال انعقاد مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر، حيث انتُخبت المملكة رئيساً للمؤتمر لقيادة العالم وتسخير الجهود الدولية لتفعيل المبادرات التي من شأنها معالجة المشكلات البيئية، خصوصاً أن تقريراً حديثاً للأمم المتحدة أشار إلى أن فقدان الغابات، وتدهور التربة، يقللان من القدرة على التكيف مع تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، مما يهدد المستقبل، ويجعل الأرض أقل إنتاجية للزراعة، ويؤثر سلباً على الأمن الغذائي. وعلى الرغم من هذه المخاطر البيئية، تأتي رؤية المملكة لتولي اهتماماً كبيراً بالتحديات البيئية من خلال مبادرة "السعودية الخضراء"، التي تسعى إلى تنفيذ خطة مستدامة وطويلة الأجل للعمل المناخي، وتقليل الانبعاثات الكربونية، والتشجير، واستصلاح الأراضي، وحماية المناطق البرية والبحرية. وقد استطاعت المبادرة، التي انطلقت عام 2021م، تفعيل أكثر من 85 مبادرة، وتأهيل أكثر من 250 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة، كما ستعيد المبادرة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، وستزيد من مساحة المناطق المحمية لتصل إلى 30 % من إجمالي المساحة بحلول عام 2030م. إضافة إلى ذلك، سترفع نسبة الطاقة المتجددة إلى 50 % من مزيج الطاقة في المملكة خلال العام نفسه، وتخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مع المضي نحو تحقيق هدف الوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060م من خلال تبنّي نهج الاقتصاد الدائري للكربون. هذه الجهود تسلط الضوء على مدى إدراك المملكة لأهمية حماية البيئة ودورها في تقليل آثار التغير المناخي والانبعاثات الكربونية، كما أن أثر هذه الجهود لم يعد محلياً فقط، بل امتد إلى العالم، مما جعل صناع السياسات، والخبراء، والمتخصصين، والشركات، والمنظمات، يبحثون عن حلول بيئية بقيادة المملكة، والاستفادة من خبرتها وتجربتها، مع التطلع نحو تعزيز العمل وتكثيف الجهود للنظر بمسؤولية تجاه مستقبل الكوكب.