أكد وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة للبيئة الدكتور أسامة فقيها، أن استضافة المملكة لمؤتمر "كوب 16" العام المقبل يأتي دعمًا لأهدافها في تعزيز التعاون الدولي لاستصلاح الأراضي الزراعية وإعادة تأهيل المتدهورة، وتحقيق الاعتراف بظاهرة الجفاف، مشيرًا إلى أنه متوقع أن تصل مساحة الأراضي المتدهورة بين 5 إلى 6 مليارات هكتار في 2050م. وقال فقيها خلال مشاركته في النسخة الثالثة من منتدى مبادرة السعودية الخضراء التي أقيمت بالتزامن مع مؤتمر "كوب 28"، لتسليط الضوء على التقدم الذي أحرزته المملكة في تحقيق أهدافها الطَموحة لزراعة 10 مليارات شجرة، إن أكثر من 90% من الغذاء حول العالم يحتاج إلى وجود أراض صالحة للزراعة، وأكثر من 3 مليارات نسمة يعتمدون بشكل مباشر أو غير مباشر على هذه الأراضي الصالحة للزراعة في غذائهم، وكذلك 90% من التنوع البيئي موجود في الغابات؛ والتي يتم اجتثاثها، ما يدعو إلى ضرورة تغير الأساليب والعادات وجعلها صديقة للبيئة، مشيرًا إلى أن المملكة أطلقت العديد من المبادرات لإعادة استصلاح الأراضي، والتشجير وتنمية الغطاء النباتي، وجميعها مرتبطة بتقليل الانبعاثات الكربونية، وتحسين جودة الحياة، وتحقيق الأمن الغذائي. وفيما يخص مستهدفات مؤتمر (كوب 16) الذي ستستضيفه المملكة العام المقبل، أوضح الدكتور فقيها، أن مؤتمرات الأطراف تهتم بقضايا الطبيعة لكونها مترابطة، وأن المملكة تسعى من خلال (كوب 16) إلى تحقيق الاعتراف بظاهرة الجفاف، وتعزيز التعاون الدولي في إعادة تأهيل واستصلاح الأراضي المتدهورة. وأشار إلى أن 33% من انبعاثات الغازات تأتي من سلسلة تزويد الأطعمة (التخزين والتوزيع والاستهلاك)، حيث تستهدف السعودية خفض الفقد والهدر في الغذاء بنسبة 50%، إضافة إلى رفع كفاءة الطاقة المتجددة، وزيادة الوعي لترشيد استهلاك الطاقة والمياه، لافتًا إلى أن ترشيد استهلاك المياه والمحافظة على مصادرها يعزز من مكافحة الجفاف والتصحر وتنمية الأراضي، وهي من العوامل الأساسية المؤثرة على الأمن الغذائي محليًا ودوليًا، داعيًا إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص بالتمويل من أجل خلق نماذج مستدامة اقتصاديا وماليًا وترجمتها إلى مشاريع ناجحة. يذكر أن فعاليات النسخة الثالثة من منتدى مبادرة السعودية الخضراء 2023 تحت شعار "من الطموح إلى العمل" بهدف تسليط الضوء على المبادرات والمشاريع المتنوعة الجارية حالياً في مختلف أنحاء المملكة، ومناقشة المواضيع المرتبطة بالاستدامة، وتفعيل دور التمويل لتمكين العمل المناخي، بالإضافة إلى زراعة الأشجار وإعادة التأهيل البيئي، وحشد جهود جميع الجهات الفاعلة في المجتمع لتحقيق أهداف مبادرة السعودية الخضراء. كما تدرك المملكة مسؤوليتها في مكافحة التغير المناخي، ومن خلال مساهماتها المحددة وطنياً بتقليل انبعاثاتها الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030 تماشياً مع اتفاق باريس للمناخ. وسيتحقق هذا الهدف عبر اتخاذ مجموعة من التدابير، بما فيها تطوير مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة للاستخدام المحلي والدولي، وتنفيذ برامج لتعزيز كفاءة الطاقة، وإطلاق مبادرات التشجير، والاستثمار الواعي في قطاعات لطالما عرفت بكثافة انبعاثاتها الكربونية مثل التصنيع، والتعدين، والسياحة، والنقل، وتقنية المعلومات، من خلال تطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون، حيث سيساهم هذا الهدف الطموح والنهج المستدام، بشكل كبير في تحقيق المستهدفات العالمية لمكافحة التغير المناخي وتسريع رحلة المملكة للتحول إلى الطاقة النظيفة، وبالإضافة إلى ذلك، تعهدت المملكة بالاستثمار في مشاريع احتجاز الكربون واستخدامه، كما تتطلع إلى إزالة 1500 طن من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي يومياً. ومن المتوقع أن تساهم هذه التدابير بالحد من الانبعاثات في المملكة بشكل كبير، والمساعدة في تحقيق أهدافها المناخية عموماً. وتلعب المملكة دوراً رائداً في تقليل آثار التغير المناخي والانبعاثات الكربونية. وبالنظر إلى مواردها وخبراتها الغنية في إدارة استقرار الطاقة عالمياً؛ تعد المملكة مؤهلة لقيادة حقبة جديدة من العمل المناخي، والمساهمة بشكل كبير في الجهود العالمية لتقليل الانبعاثات الكربونية. تسعي المملكة لتحقيق الحياد الصفري في المملكة بحلول عام 2060، وبصفتها من أهم الدول المنتجة للطاقة في العالم، تلتزم المملكة بالمساهمة الفعالة في الجهود العالمية للتصدي لتغير المناخ. حيث تعد المملكة صِمَام الأمان للعالم في مجال الطاقة، والتحول إلى وسائل الطاقة المتجددة والطاقة الذرية والطاقة الشمسية واستخدام الأمونيا في الصناعة وكل التقنيات الحديثة التي يتم تطويرها وتطبيقها على أرض الواقع في قطاع التعدين والصناعة. يشهد العالم حالياً تطورا في قطاع التعدين الذي يعتبر رافداً أساسياً للاقتصاد العالمي، ويجب التركيز على ربط المناجم بمواقع التصنيع، وإعادة هندسة المشهد عالمياً، والتحول في الطاقة وإنهاء الانبعاثات الكربونية، وقد جمعت المملكة الحلول الاقتصادية كافة في مكان واحد وذلك لصياغة مستقبل أفضل للتعدين والاستثمار في هذا القطاع". تؤمن المملكة بقدرة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر على تمكين التعاون ونقل المعرفة بين البلدان لتحفيز تأثير عالمي إيجابي ملموس. ومن هنا، تعمل المبادرة على وضع خطة عمل إقليمية للمناخ من شأنها تعزيز السياسات والاستثمارات الصديقة للمناخ، وكذلك البنية التحتية والقدرات اللازمة لدعم العمل المناخي داخل المنطقة. قامت المملكة بإطلاق 77 مبادرة لدعمها في تحقيق الأهداف الثلاثة لمبادرة "السعودية الخضراء"، وإحداث تغيير إيجابي على المدى الطويل. وتتراوح هذه المبادرات من جهود التشجير وحماية التنوع البيولوجي وصولاً إلى خفض الانبعاثات وإنشاء محميات طبيعية جديدة. وتسعى المملكة في إطار مبادرة السعودية الخضراء إلى تحقيق تطلعاتها لبناء مستقبل أكثر استدامةً للجميع، مع اتخاذ خطوات عملية وضخ استثمارات تدعم التزامها تجاه التنمية المستدامة. يشار إلى أن دولة الامارات تستضيف الآن الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر دول (COP28) في عام 2023. ويركّز جدول أعمال المنتدى على عدد من الموضوعات الأساسية وتشمل: ابتكار حلول الطاقة النظيفة وتطبيقها، والنظام البيئي للبحر الأحمر، وتمويل أنشطة العمل المناخي، وحماية المناطق البرية والبحرية في المملكة. كما يمثل المنتدى فرصة مثالية للجهات المعنية بالعمل المناخي لعقد حوارات مثمرة وتبادل الأفكار والرؤى، وتسليط الضوء على المنهجيات المبتكرة في التصدي للتحديات البيئية ودعم جهود العمل المناخي حول العالم. وشهد المنتدى تنظيم مجموعة من الجلسات النقاشية التي تغطي أربعة محاور رئيسة هي: مجالات العمل البيئي في القطاع الصناعي، ومستقبل النظام المالي، ودور الابتكار في رحلة التحول، والتأثير الشامل للعمل المناخي. وتناولت الجلسات مجموعة من القضايا الملحة بما في ذلك حلول مصادر الطاقة النظيفة، ومكافحة التصحر، والتقنيات المناخية المبتكرة، وحماية البحر الأحمر، والتخطيط الحضري المستدام، وتقنيات احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، وتقنيات الهيدروجين، والاستثمارات في تعزيز الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، والإصلاحات المستمرة في المنظومة المالية العالمية، وفي عام التقييم العالمي لمدى التقدم المحرز على صعيد تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ، سيوفر منتدى مبادرة السعودية الخضراء 2023 منصة مهمة تسهم في تسريع الجهود العالمية لمواجهة التحديات المناخية.