في أستديو سدرة بحي جاكس الثقافية بالدرعية كانت الشابة ضياء يوسف تستعد لحوار حول تأسيس السينما في زمن التحولات مع المخرج العالمي عبدالله المحيسن، كانت البداية احتفالية وعرض فخم لفيلم (اغتيال مدينة) والذي أنتج عام 1977 قبل أن تولد المحاورة الشابة ضياء، كان الفيلم الذي مضى على إنتاجه 46 عاماً تقريباً ويتناول الحرب الأهلية اللبنانية والمستقبل العربي، يصور حال بيروت في تلك الفترة بتفاصيلها المؤلمة، والمؤلم أكثر أن هذا التصور الاستشرافي استمر فكرياً وعملياً مع جميع مراحل المدينة الجميلة حتى وقتنا الحاضر، وأنت تشاهد ما حدث لها من دمار نفسي ودمار بالأبنية هو حاصل حالياً. عبدالله المحيسن أثناء اللحظات الحوارية التي نجحت فيها ضياء بصورة ملفتة، كان يتحدث بلسان المفكر السينمائي، كون المحيسن ليس مجرد مخرج سينمائي تقليدي حتى لو كان دارساً هذا الفن وبشغف في لندن في زمن التحولات المهمة بمنطقة الشرق الأوسط وأيضاً بلده السعودية التي لم يكن مصطلح دراسة السينما كابتعاث حكومي في توجهاته، بل هو من المحرمات بدون مبالغة، فالمفكر المحيسن لم تكن أفلامه إلا كما قال بذكاء أثناء الحوار (التعبير في الوقت الذي كنا فيه صعب بالحديث والكتابة ولكنه سهل بالصورة) فكان فيلم اغتيال مدينة والذي ذاع صيته في تلك الفترة عربياً وعالمياً يجسد وبصورة سينمائية رشيقة الرسالة السياسية السعودية للعالم، كانت واضحة المعالم وبفكر مختلف وغير مباشر. الخط الفكري السينمائي الذي تناوله المحيسن وجسده في أفلامه والأعمال الدرامية التي أخرجها أو حتى أنتجها كانت حاضرة لحضور المهرجان الثقافي ربيع سدرة وأغلبيتهم من الشباب والشابات الشغوفين بالعمل السينمائي، والذين وجدوا أن بدايات ضيف أمسيتهم لم تكن مفروشة بالورود، تحدث بذكاء معهم بلغتهم، كان شفافاً بالحديث وهو يروي كيف عمل في لندن لكي يؤمّن مصاريف دراسته للسينما التخصص الممنوع في بلده، وبعد مرحلة التخرج في البحث عن موافقه لعمل أستديو سينمائي، وهو الطلب الذي تم اعتباره تجاوزاً للخطوط الحمراء إعلامياً بالمملكة، والصعوبات التي واجهها بعد شراء أجهزة حديثة في تلك الفترة لممارسة عمله ومنع دخولها أو حتى التصريح لها، لولا النظرة المستقبلية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- إبان توليه في تلك الفترة إمارة الرياض ودعمه للمحيسن بعد استقباله له وتفهمه لمشروعه التنويري. بينَ المحيسن المفكر السينمائي السعودي والمحاورة الشغوفة بالفن ضياء كانت هناك بهجة بالواقع الذي نعيش فيه والمرحلة المهمة التي نعيش فيها، والدعم اللا محدود الذي يحظى به أبناء المملكة بكافة المجالات وخصوصاً المجال السينمائي، كان الحضور ومنهم الأستاذ سلطان البازعي الإعلامي المخضرم ورئيس هيئة المسرح والفنون الأدائية والدكتور حمزة بيت المال عضو هيئة التدريس السابق بجامعة الملك سعود مع الشباب والشابات المهتمين بالسينما يمثلون مراحل استطاع المحيسن في حواره أن يربطها بفكر سينمائي استشرافي للمستقبل برؤية سعودية.