عطش قذف بآخر قارورة في يده التي تقطر دما، وارتمى على رصيف بارد، وحلم بمدينة النور التي احتواها غدر البشر فتناثرت حبّات الخيانة. رعشة أخذ قلما وبدأ يكتب، فخرج سم من ريشته، ارتعشت يده، سقطت الورقة ومعها خيوط عنكبوت اصطادت أصابعه، نفضها ليظهر تعْبير قلم بريشتين. قرار فرّ عنقود قرص الشمس من طيّ جلبابها، فتمايلت أوراق، تعثرت، سقطت، هوت على أختها مُقبّلة في مشهد الوداع، حطّ قلمه على الطاولة نقطة من آخر السطر. انتهاء التقط جواله بسرعة، وجد رسالة كادت أن تخلع قلبه من مكانه، فتحها وعينيه مكتنزة بالدمع، أقفل الواتساب سريعا، ثم دلف إلى جهازه المحمول، ووجد الرسالة نفسها لكنها اختلفت عليه، زاد نحيبه أكثر، حاول أن يجري اتصالا فصعق لا مجيب، أدخل أصابعه في فروة رأسه مرارا، وإذا رسالة ثانية لكنها هذه المرة كتبت خلاص انتهى كل شيء، وسقطت حينها بضع شعيرات متطايرة. أرواح ورق صفّدتُ أوراقي، فظهر شيطان قلمي باكيا، وتسللت كلماتي من بين طيّ رِقٍ تهادى كمخمور زبّد فمه، فتناثرت الفاصلة على سطر ونقطة، وأقيمتْ مراسم عزاء نص لم يكتمل بعد! مناجاة سَبَّح قليلا فانفرط العقد من بين أصابعه، وجلس يندب على قبر مسبحته، فنصبوا خيمة للعزاء بعد أن وضعوها شاهدا لتاريخ حباتها.