تعد أكاديمية كورونا أكبر الأكاديميات على مستوى العالم، حيث ينتسب إليها حاليا كل سكان العالم دون استثناء، فإذا كان سكان العالم قرابة السبعة مليارات نسمة، فإنهم جميعا من طلبة هذه الأكاديمية الذين ما زالوا يتلقون دروسها، كما أن هذه الأكاديمية هي الأكبر من ناحية التخصصات التي تشملها، فهي تشمل تقريبا جميع التخصصات التي قد تخطر على بال الإنسان، والحق يقال، إن ما قدم لنا في هذه الأكاديمية العالمية من دروس تعد من الدروس الأكثر أهمية في حياتنا جميعاً، فقد تعلمنا حتى الآن أن الطب مهما تقدم فإنه يمر براحل عجز أمام بعض التطورات غير المتصورة، ومع ذلك يبقى الطب -بعد رحمة الله- الملاذ الآمن للبشرية لحماية وجودها على هذا الكوكب، كما تعلمنا أن التقدم التكنولوجي الكبير ليس بالضرورة أن يصاحب بتقدم فكري، وهنا يبرز موضوع المشككين في اللقاح وأنه مؤامرة عالمية تستهدف تصفية الإنسان من الوجود، وعلى الصعيد الاجتماعي، تعلمنا أننا نستطيع أن نعيش بعيدا عن التجمعات الكبيرة، ونستطيع أن نلتزم بالاحترازات الطبية اللازمة إذا أردنا ذلك، ونستطيع نقيم أفراحنا بأعداد بسيطة، ونستطيع نفعل التقنية بشكل أكبر في تواصلنا الاجتماعي، أما على الصعيد الاقتصادي، فقد قدمت لنا هذه الأكاديمية العديد من الدروس المهمة، ومنها أننا نستطيع أن نقتصد في مصاريفنا اليومية، ونستطيع العيش دون إسراف وبذخ لا سيما في مناسبتنا الاجتماعية، وأننا نستطيع الحياة دون سفر، ودون تحمل العديد من الأقساط والأعباء المالية التي كان يتحملها بعضنا من أجل القيام بأعمال كان يتوقع أنها أساسية لا يستطيع العيش بها، أما على المستوى الوطني، فقد أثبتت لنا هذه الأكاديمية أننا نعيش في وطن أنعم به الله علينا، حيث كنا منطلق رؤى ولاة الأمر -حفظهم الله- وهم يتعاملون مع هذه الجائحة، فسخرت لنا إمكانات الدولة من سياسية، واقتصادية، وطبية، وتعليمية ليبقى الإنسان السعودي ومن يعيش على هذه الأرض آمنا مطمئنا، وكأني بصوت أبينا إبراهيم عليه السلام وهو يردد: "رب اجعل هذا البلد آمنا".