انه لمن دواعي سروري ان اكتب في هذا الموضوع وهو ما اشاهده يحدث مراراً وتكراراً في مجتمعنا من عدم حسن التصرف والبذخ في حياتنا اليومية وأبدأ في سياق هذا الموضوع بقصة الاعرابي الذي كان يلقن ابنه درساً في حسن التصرف والاقتصاد والتدبير والاعتدال. كان احد الاعراب يعيش في الصحراء مع ابن له وكان يلقنه كل يوم درسا في الاعتدال والاقتصاد والتدبير وحسن التصرف، وذات يوم مر عليه رجل غريب فأراد الاعرابي ان يكرم الرجل بطعام جيد ولم يكن لديه إلا دجاجة وجمل، فقرر ان يذبح الجمل ولم يذبح الدجاجة مع انها كانت كافية لكن اراد ان يعبر عن كرمه لضيفه فذبح ما رآه مناسباً، ونستشف من هذه القصة انه.. قد يقول البعض ان الاعرابي كريم جدا وقد يقول البعض بأنه طيب لكن الحقيقة انه احمق وانه يقول مالا يفعل ويفعل مالا يقول، فأين هو الاعتدال والتدبير والاقتصاد وحسن التصرف الذي كان يعلمه كل يوم لابنه، وبالطبع ليس إيثاراً او كرماً بل هو اسراف وبطر، فالايثار هو ان نقدم ما نحتاجه لمن هو اكثر منا حاجة، والكرم ان نقدم مالا بطر فيه ولا اسراف ولا بذخ او رياء وللاسف اعزائي فان اكثرنا ليفعل ذلك مع انه لايكل ولا يمل من الدعوة الى الاعتدال وحسن التصرف بعيدا عن البطر والبذخ الذي لاداعي له. ففي افراحنا مثلاً تذبح الذبائح وتقام الولائم التي يدعى اليها على سبيل المثال مائة او ثلاثمائة مدعو، بينما يعد طعام يكفي لألف مدعو، اليس هذا من الاسراف والبذخ والبطر الذي لايرضاه الله سبحانه وتعالى؟ في رأيي اعزائي ان هذا ليس كرما بل هو خوف من كلام الناس وما قد يقولونه او لا يقولونه عن هذه المأدبة او الوليمة، ولا يقف الحد عند مسألة الطعام والاسراف فيه بل ويشمل حتى اسلوب الحياة والانفاق والمصاريف بانواعها، لا بأس ان يرفه المرء عن نفسه وعن اهل بيته لو كان قادراً على ذلك فالله سبحانه وتعالى يحب ان يرى اثر نعمته على عبده، ولكن دون اسراف او تبذير او مباهاة او تفاخر امام الناس واستفزاز مشاعر الفقراء وذوي الحاجة الذين هم احق بمد يد العون اليهم كما انهم في امس الحاجة الى كل ريال يخرج من جيوب القادرين في مظاهر البذخ والاسراف، وآمل ان تتغير نظرة الناس الخاطئة الى كل مقتصد ومعتدل في حياته بأنه بخيل وفي اعتقادي بان البخيل هو «بخيل الجاه». هذا ودمتم. [email protected]