توقفت أعمال إزالة خط أنابيب النفط القديم "التابلاين" الذي يربط الخليج العربي بالبحر الأبيض المتوسط، بعد أن أدرجت هيئة التراث بالمملكة خط الأنابيب هذا في سجل التراث الصناعي الوطني، كأول موقع تراث صناعي يسجل رسميا في المملكة، وذلك تقديراً لأهميته التاريخية ولدلالاته التنموية والاقتصادية المرتبطة بمراحل صناعة النفط بالمملكة. وأعرب وزير التراث، ومحافظ الهيئة الملكية للعلا، صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، عن شكره وتقديره لتفاعل واهتمام وتجاوب وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، لوقف أعمال الإزالة لهذا المشروع التاريخي العريق الذي بدأ إنشاؤه في عام 1948 بأمر من الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ويمثل أحد أهم معالم التراث الصناعي في المملكة، ويمتد من شرقها إلى شمالها، ويعد موقعاً مهماً في الذاكرة الوطنية، وشاهدا على بدايات الصناعة النفطية في البلد المهيمن على صناعة النفط العالمية بأكبر الحصص الإنتاجية والتصديرية والقدرات الاحتياطية الضخمة. وقال وزير التراث "أشكر سمو وزير الطاقة على تجاوبه السريع وإيقاف أعمال إزالة خط التابلاين لما يمثله من أهمية تاريخية، والشكر موصول إلى شركة أرامكو". ويعد أطول أنبوب نفطي في العالم في وقته يقع في شمال المملكة يمتد من القيصومة جنوب شرق حفر الباطن حتى ميناء صيداء بلبنان، ويمثل أعظم تراث اقتصادي قبل أكثر من 70 عاماً ما يوكد قوة اقتصاد المملكة منذ القدم. ويعتبر أطول تراث اقتصادي في المملكة بطول 1664 كيلو من الخليج العربي إلى البحر المتوسط وكان الهدف من المشروع نقل النفط من المملكة إلى أوروبا والولايات المتحدة. في وقت كانت السفن تقطع أكثر من 6000 كلم لإيصال النفط من الخليج مرورا بالبحر العربي والبحر الأحمر لقناة السويس. وبعد إنشاء الخط أصبح مسار النفط أقل من 1700 كلم عبر الأنابيب واستغرق إنشاؤه سنتين، وصادف شح في إمدادات الحديد بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية، وهو يعد تحدياً صعباً في عالم الصناعة النفطية آنذاك. والمشروع لم يستهدف مجرد الازدهار الاقتصادي فقط، بل تأسست بفضله مدن من العدم حيث كان يمر بصحراء قاحلة وسكانها متفرقون وعندما بدأ العمل تطلب الأمر إنشاء محطات لضخ النفط ما نتج عنه تأسيس مدن النعيرية والقيصومة ورفحاء وعرعر وطريف، حيث لم يكن لهذه المدن وجوداً على الخارطة، وتم تزويد تلك المحطات بالخدمات للعاملين بها وكانوا يحفرون الآبار لتوفير المياه مع بناء مستشفيات ومدارس ليتحول السكان من البادية في الصحراء الجرداء والبقاء حول تلك الآبار وخدمات المستشفيات والمدارس. وبلغ عدد العاملين في المشروع ما يقارب 16 ألفا والغالبية العظمى للسعوديين الذين اكتسبوا تعلم اللغة الإنجليزية لاختلاطهم بالمهندسين الأميركيين، واستخدم في المشروع نحو ثلاثة آلاف قطعة من معدات وآليات البناء و350 ألف طن من الأنابيب وتم تصنيع شاحنات ومقصورات عملاقة خصيصاً له لتحمل نحو 50 طنا من الحديد عبر الصحراء القاحلة بتكلفة قدرها 150 مليون دولار وهي تكلفة ضخمة جداً في ذلك الوقت، وتبلغ السعة الأصلية للأنبوب 300 ألف برميل في اليوم وتم زيادته إلى 500 ألف برميل في اليوم وهو ينقل ما يصل إلى 30% من إنتاج الزيت الخام في المملكة. وبعد مرور 17 عاما من الضخ توقف التابلاين للظروف الجيوسياسية في ذلك الوقت. المشروع لم يستهدف الازدهار الاقتصادي فقط بل تأسست بفضله مدن من العدم «التابلاين» يحقق طموحات الوطن برفد العالم بإمدادات النفط