إن تحديات حاضر الثروة المعدنية ومستقبل نموها وازدهارها يماثل تحديات ماضي النفط وازدهاره، حيث قال وزير الطاقة خالد الفالح عن وعد الشمال: إنه "مشروع تنموي غير مسبوق، وتحدي المشروع يماثل تحدي استخراج النفط قبل 90 عاماً" وإن تطوير مخزونات الفوسفات واستغلالها في منطقة الحدود الشمالية، يمثّل تحديًا تضاريسيًا وتنسيقيًا ولوجستيًا هائلًا، بسبب موقعها في عمق الصحراء. وهذا يذكرنا ببداية عصر النفط، عندما وقّع الملك عبدالعزيز في 29 / 5 / 1933م اتفاقية الامتياز للتنقيب عن البترول مع شركة (سوكال) التي أنشات شركة (كاسوك) لإدارة الامتياز من خلال عملية مسح لإعداد خارطة هيكلية لقبة الدمام ثم حفر أول بئر اختبارية في الظهران في 1935م، وجاءت النتائج مخيبة للآمال، ومع ذلك استمرت العزيمة في ظل وجود بعض المؤشرات التي تشير إلى وجود الزيت والغاز، لكن الشركة واصلت الحفر لمد خمس سنوات ولم تحرز أي تقدم وأصبح الطريق مسدوداً، ومع ذلك لم تستلم الشركة بل إنها واصلت عملها حتى تفجرت بئر الدمام - الخبر (7) بإنتاج (1.585) برميل يومياً وعلى عمق 1.5 كيلومتر. ومع ذلك ما لبثت أن توقفت أعمال رسم الخرائط الخاصة بالحقل بسبب محدودية القوى العاملة والمعدات أثناء الحرب العالمية الثانية في 1942 - 1943م، لصعوبة الحصول على قطع غيار السيارات، مما اضطر الشركة إلى الاستعانة بالإبل لتزويد مخيم الجوف النائي بإمدادات زيت الديزل والبنزين وطين الحفر والإسمنت إلى أن اكتمل خط الأنابيب التابلاين الممتد بطول 1.212 كيلومتر في 1950م، ليكون بذلك أطول خط أنابيب في العالم، يربط شرق المملكة بالبحر الأبيض المتوسط، وأسهم بشكل كبير في اختصار الوقت وتكلفة تصدير النفط إلى أوروبا، وتوقف عن العمل في 1983م. وبعد مضي أكثر من 80 عاماً أصبحت أرامكو السعودية تتبوأ مركز الصدارة في الصناعات البترولية، حيث تجاوز إنتاجها النفطي (10) ملايين برميل يومياً وباحتياطي (260.9) مليار برميل، بينما تجاوز إنتاج الغاز (13) مليار برميل يومياً وباحتياطي (300) تريليون قدم مكعبة قياسية. وحالياً وعلى خط التابلاين السابق، توجد أولى محطات سلسلة صناعة الفوسفات في وعد الشمال وآخر محطات الضخ. هذا وقد أكد الفالح أنه عند اكتمال المشروع، سيرتفع إنتاج المملكة إلى (9) ملايين طن سنويًا، لتُصبح المملكة أكبر ثاني منتجٍ للأسمدة الفوسفاتية في العالم وأكبر ثاني احتياطي في العالم للفوسفات بنسبة (7 %) من الاحتياطي العالمي البالغ (68) مليار طن، وبهذا ستتقدم على احتياطي الصين البالغ (5 %) مليار طن. وبهذا بدأ مشروع الفوسفات بتحديات كبيرة وانتهى بأرقام إنتاجية واحتياطية قياسية على مسار النفط، تحديات ثم ازدهار.