الأحمدي: نتائج دراسة واقع المؤسسات الثقافية غير الربحية مثيرة للتساؤل.. وفعاليات الوزارة تفتقر للإبداع المري: نخر الشللية الثقافية في خطط وبرامج الأندية الأدبية سبب تراجعها.. والتفكير بحلها ليس مقنعاً قالت عضو مجلس الشورى حنان الأحمدي في مداخلة لها على التقرير السنوي الأول لوزارة الثقافة حول اعتماد الوزارة بشكل كبير على الشركات الاستشارية في مختلف أوجه نشاطها، إن بعض هذه الشركات تقوم بمهام غير واضحة صنف بعضها تحت عنوان عريض «خدمات استشارية»، ولكن لا يوجد ما يدل على طبيعة هذه الخدمات، وتساءلت هل تمت مراعاة الضوابط والتوجيهات السامية بشأن الاستعانة بالشركات الاستشارية؟ خاصة أن قيمة بعض هذه العقود كبيرة جداً تصل في مجملها لمئات الملايين، وبعضها يقوم بمهام عادية كتطوير الخطط أو الاستراتيجيات، وهي مهام يمكن أن تتولاها المراكز الاستشارية الوطنية بجزء بسيط من التكلفة التي تحظى بها الشركات الأجنبية. وأضافت الأحمدي: توقفت كثيراً عند الدراسة التي تبنتها الوزارة حول «واقع المؤسسات الثقافية غير الربحية» وخاصة الأندية الأدبية والتي توصلت إلى نتيجة مثيرة للتساؤل، وهي أن تجربة هذه المؤسسات متواضعة، وأن أثرها الثقافي والاجتماعي غير معروف، وأن أحد الخيارات المطروحة بناء على هذه الدراسة هو حل الأندية الأدبية أو إلغائها..!، ومن خلال اطلاعي على نشاط بعض المؤسسات الثقافية غير الربحية وبخاصة الأندية الأدبية، فإنني أدرك أن هناك أسباب عديدة لتراجع أدائها في السنوات الأخيرة أغفلتها الدراسة، وأبرزها عدم وضوح مرجعيتها، إذ ظلت لسنوات تتأرجح بين وزارتي الإعلام والثقافة، كما أنها كانت تشكو من ضعف الدعم المقدم لها من هذه الوزارات، ومن القيود البيروقراطية التي تفرضها عليها، إلى جانب غياب الرؤية الثقافية الموجهة في القطاع الثقافي ككل، من جانب آخر فإن المناخ الثقافي في السابق، وقبل إعلان رؤية المملكة 2030، لم يكن داعماً للحراك الإبداعي والثقافي، مما تسبب في دخول هذه المؤسسات في مواجهات عديدة من أجل الدفع بالحراك الثقافي، ودعم المثقفين الذين واجه بعضهم شتى أشكال الإقصاء والتصنيف. دراسات بعيدة عن التطلعات وتساءلت عضو الشورى الأحمدي هل سعت الدراسة للتواصل مع المثقفين المخضرمين لمعرفة مرئياتهم ومقترحاتهم حيال تطوير المؤسسات الثقافية غير الربحية؟ إذ تبدو هذه الدراسة بعيدة عن تطلعات المثقفين السعوديين، ولا تلامس واقعهم وهمومهم وطموحاتهم. وقالت الأحمدي: من الناحية النظامية، فإن الأندية الأدبية حسب المادة الثانية من لائحتها المعتمدة هي مؤسسات ذات شخصية اعتبارية مستقلة مالياً وإدارياً، واتخاذ قرار بحلها سيدخل الوزارة في دائرة شائكة وغير مجدية من التحديات والإجراءات اللوجستية، لذا فإن التساؤل الذي يطرح نفسه مجددا لماذا تبدأ الوزارة من الصفر..؟ بينما الخيار الاستراتيجي المستدام هو دعم المناشط والمبادرات الثقافية القائمة ووضع الأطر التنظيمية لها وتوجيهها ورعايتها؟. وأكدت الأحمدي أن المؤسسات الثقافية غير الربحية هي القلب النابض للحراك الثقافي في أي مجتمع، هي الذاكرة الوطنية للثقافة، ولا يمكن حلها أو إلغاؤها ببساطة وتأسيس كيانات جديدة بلا روح وبلا تاريخ أو جذور أو هوية ينتمي لها المثقفون، وهذا لا يعني بطبيعة الحال أن هذه المؤسسات ليست بحاجة إلى تطوير في نماذج عملها وحوكمتها، وفي مختلف جوانب نشاطها، فهناك حاجة ماسة لذلك، خاصة وأن بلادنا اليوم وبعد إعلان رؤية المملكة تتجه لصناعة مستقبل تلاشت فيه الكثير من العقبات التي كانت تعيق الحراك الثقافي والإبداعي، لذلك أتمنى أن تمنح الوزارة هذه المؤسسات فرصتها لتنتعش في ظل المناخ الذي صنعته الرؤية. افتقار للروح الإبداعية وحول الفعاليات الثقافية التي تبنتها الوزارة مؤخراً، مضت الأحمدي في مداخلتها وقالت: إنني أجد أن أغلبها يفتقر للروح الإبداعية، وتغلب عليه الصفة الرسمية، ولا يحظى بتفاعل جماهيري كبير، وهذا متوقع، فالثقافة لا تنمو في رحم البيروقراطية، وروح الإبداع لا تعيش تحت لواء الشركات الاستشارية، لذلك اقترح أن تتخلى الوزارة عن تنفيذ الفعاليات، وأن تتبنى دورا تنظيميا موجهاً وممكناً للمؤسسات الثقافية، وأن تترك العمل التنفيذي لهذه المؤسسات، لذلك لا اتفق مع التوصية الأخيرة للجنة والتي تطالبها بالتوسع في الأنشطة الافتراضية، ففي ذلك إقحام متواصل للوزارة في مهام تنفيذية، بينما المأمول منها هو قيادة العمل الثقافي ووضع أطره التنظيمية والتشريعية. خيبة أمل المثقفين وأشارت د. نورة المري إلى خيبة أمل الكثير من المثقفين بعد إعلان الوزارة إستراتيجيتها والتي كانت محط الأنظار الأول للمثقفين والكتاب، فالأمل كان معقودًا عليها لتحقيق أمنياتهم ومتطلباتهم التي استمرت على مدى عقود دون أن تجد من يبادر بتحقيقها على أرض الواقع، وعلى قدر الآمال المعقودة سقط الكثير من المثقفين في خيبة الأمل، وهذا لا يبرر بطبيعة الحال الحكم المتعجل على استراتيجية الوزارة أو على ما تم على أرض الواقع باعتبار أن الوزارة فصلت حديثا عن وزارة الإعلام ومازالت بعض المهام معلقة بين الوزارتين، لكن مع ذلك سأقف إلى جانب المثقفين في بعض ملحوظاتهم المحقة بعد قراءتي لإجابات المندوبين واطلاعي على تقرير الوزارة، وسأنطلق من التوصية الثالثة للجنة، فقد طالبت بالإسراع في إنشاء الجمعيات الثقافية المهنية دون الإشارة إلى مصير المؤسسات القائمة !!. وترى المري أن تعمل اللجنة على تعديل توصيتها أو تتبنى توصية إن لم يكن على هذا التقرير فعلى تقريرها القادم لإنصاف المؤسسات القديمة التي لها تاريخ عريق في حمل مشعل التنوير والتثقيف، خاصة أنه ورد في إجابات المندوبين أن الوزارة تفكر في حل الأندية الأدبية القائمة، وذكرت مبررات قديمة كانت تكررها من سنوات وليست ذات قيمة أو سبب مقنع لوضع خيار حل الأندية الأدبية على رأس الخيارات، فتراجع الأندية الأدبية كان سببه الأول نخر الشللية الثقافية في برامجها وخططها وزاد هذا الأثر السلبي بعد دخول الانتخابات إلى الأندية لوجود ثغرات نظامية لم يتم معالجتها على مدى سنوات. مطالبة للاهتمام بالمتاحف وطالبت المري أن تعدل اللجنة توصيتها الثالثة بإضافة المؤسسات القائمة إليها، أو إفرادها بتوصية مستقلة باعتبار أن المؤسسات القائمة هي الركيزة التي يمكن أن تستند عليها الوزارة في إنشاء هيئات أو مبادرات جديدة تنطلق منها بدلًا من البدء من جديد والتعثر في عقبات البدايات، خاصة أن التقرير ذكر أيضا أن أبرز التحديات التي تواجهها وهي ندرة المتخصصين الذي قد يكون إحدى نتائج الانطلاق من البداية وتهميش خبرات القائمين على المؤسسات الثقافية العريقة. وتطرقت المري في ثاني ملحوظاتها على تقرير «الثقافة» إلى ما ذكرته الوزارة في الهدف الثالث من استراتيجيتها تقوية القوة الناعمة وقالت إن ذلك يتم بتأسيس مراكز ثقافية عالمية في الداخل وفي الخارج وتعزيز العلاقة بالمنظمات الثقافية العربية والدولية، وليس فقط بما ذكرته الوزارة في تطلعاتها بزيادة المشاركة في المناسبات الوطنية والدولية، ولفتت إلى الازدواجية في بعض مهام وزارة الثقافة وتداخل عملها مع هيئة الترفيه، خاصة فيما يتعلق بالمسارح والسينما، واقترحت أن تدرس الوزارة الفائدة المرجوة من دمج هيئة الترفيه تحت مظلتها لتسير وفق خطة ممنهجة مدروسة وحوكمة متكاملة، وهو مما يرفع من قوة الوزارة ويزيد استثماراتها، وطالبت المري بالاهتمام بالمتاحف الخاصة المملوكة لأفراد، وسرعة إنقاذها وتحويلها إلى مدعومة على مستوى يخدم آثار كل منطقة من مناطق المملكة، وختمت» يجب على الوزارة تعديل اللوائح وسد الثغرات النظامية قبل البدء بإنشاء الجمعيات المهنية وإعادة تشكيل مؤسساتها الثقافية القائمة». تفاعل الأعضاء غير مستغرب من ناحيته، قال رئيس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار بمجلس الشورى د. محمد عبدالعزيز الحيزان، إن تقرير وزارة الثقافة من التقارير التي تحظى باهتمام كبير من أعضاء المجلس، وظهر ذلك بجلاء في المداخلات الثرية والقيمة التي طرحت تحت القبة، وستؤخذ بعين الاعتبار في تقرير اللجنة الحالي، أو حتى في التقارير القادمة. وقال ل»الرياض» إن التفاعل لم يكن مستغرباً وهو انعكاس لطبيعة علاقة الثقافة بمفهومها الواسع بكافة أطياف المجتمع، وفي هذا مؤشر على أهمية الأدوار المأمولة والتطلعات المنشودة من الوزارة، في هذا النشاط الحيوي والمهم على الصعيد الداخلي والخارجي، وأضاف: ولا شك أن تأسيس وزارة خاصة للثقافة هو تأكيد على ضرورة استثمار هذا المكتسب الجوهري بما يسهم في تحقيق نهضة ثقافية شاملة تتسق مع أهداف وطموحات رؤية المملكة. خطوات تبشر بالمضي قدماً ولفت الحيزان إلى أن هناك عدة خطوات تبشر بالمضي قدماً في المسار الصحيح في هذا الجانب في مقدمتها إقرار الاستراتيجية الوطنية للثقافة، التي حددت وفقاً لم أوضحه سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان- ثلاث تطلعات رئيسة، هي تكريس الثقافة كنمط حياة، والثقافة من أجل النمو الاقتصادي، والثقافة من أجل تعزيز مكانة المملكة الدولية، ونبه الحيزان إلى أن هذه التطلعات المهمة تتطلب بالإضافة إلى الأخذ بالمفهوم العريض للثقافة وعدم حصره في نشاط بعينه، أسلوب إدارة مختلف للنشاط الثقافي ربما عما تعودنا عليه، وقد رأينا شيئاً من ملامحها في إنشاء هيئات الوزارة الإحدى عشر، كما يتطلب الانسجام مع روح العصر، واستخدام الأدوات المناسبة له، وبالتالي، فإن تغيير الأساليب، وربما التعديل في المسميات بما يقتضيه التطوير أمر وارد، ويجب ألا نستعجل في الحكم على النتائج في هذه المرحلة المبكرة. وختم رئيس لجنة الثقافة والإعلام الشوريٍّة حديثه وقال: بطبيعة الحال، التأسيس على التراكمات الناجحة المحلية السابقة والحالية، في الشأن الثقافي أمر متوقع، وهو أحد سبل النجاح في المشروعات والبرامج، بل إنه جزء مهم من استطلاع التجارب الذي يمثل أدوات المنهجية التي تتبعها وزارة الثقافة، ونحن متفائلون بإذن الله بمستقبل مشرق للثقافة السعودية التي ستسطع في العالم أجمع. د. حنان الأحمدي د. نورة المري