في الوقت الذي بدأت فيه آمال المثقفين تنتعش، وزادت «الرؤية السعودية» من تفاؤلهم بجعلها الثقافة والترفيه من أهم عناصر بناء المستقبل ومتغيراته، وبما ستحدثه من نقلة نوعية في توعية المواطنين والترفيه عنهم، جاء قرار مجلس الشورى الأخير بعدم أهمية إنشاء مجلس أعلى للثقافة في ظل توجه الدولة إلى إلغاء المجالس والهيئات العليا، ليعيد المثقفين إلى جو الإحباط، ويجعل من تطلعاتهم لما ستقوم به الهيئة العامة للثقافة من مشاريع وما تخطط له أشبه بسراب، وهم الذين أملوا في تحقيق نتائج أفضل في ظل رؤية التحول الوطني التي كانت ولاتزال الأمل في أن يكون للثقافة والمثقفين شأن في المستقبل الذي تخطط له الدولة. وقد كان لمجلس الشورى من قبل موقف مماثل قبل سنوات حين رفض توصية، تقدم بها أحد أعضاء لجنة الإعلام والثقافة فيه بتشكيل وزارة مستقلة للثقافة، وفي المقابل وافق المجلس على طلب تقدمت به وزارة الثقافة والإعلام بإنشاء مجلس أعلى للثقافة وهيئة وطنية عامة للكتاب، قال حينها معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة، وزيرالثقافة والإعلام السابق، تعليقاً على القرار: إن المشهد الثقافي في المملكة العربية السعودية في حاجة إلى كثير من الاهتمام المادي والمعنوي، والتفرغ المهني، خصوصاً أن النشاط الثقافي في الدول المتقدمة يشكل رافداً اقتصادياً مهماً في الناتج القومي، ويمكننا في هذه البلاد بفضل تاريخها العريق وما لديها من طاقات بشرية ومواهب إبداعية وإنسانية، أن نصل بمشهدنا الثقافي عربياً ودولياً إلى مكانة أفضل، وأن نستفيد منه بما يدعم الاقتصاد المحلي للبلاد ومشاريعه. وعقب صدور القرار، قبل ثماني سنوات، عبر الوزير الخوجة عن امتنانه لمجلس الشورى للموافقة على طلب الوزارة تأسيس مجلس أعلى للثقافة تكون مهمته صياغة سياسة المملكة ثقافياً، والإشراف على تطبيقها، ويأتي قرار مجلس الشورى الأخير، الأسبوع الماضي، لينسف المشروع برمته مع أن المجلس الأعلى للثقافة والفنون ليس بالضرورة أن يكون هيئة عليا منفصلة، بل جزءاً من منظومة الهيئة العامة للثقافة، أو وزارة الثقافة. كما كان ضمن القرارات تأسيس هيئة وطنية للكتاب، واعتبر معالي الدكتور الخوجة، الذي كان وزيراً مثقفاً مهموماً بالثقافة وقضايا المثقفين، أن الثقافة ظُلمت خلال العقود الماضية، حيث تفرقت مسؤوليات ومهام النشاطات الثقافية وفعالياتها بين هيئات ومؤسسات متعددة، أعاقت مسيرة الثقافة وتسببت في شتات إنجازاتها. في الوقت الذي أكد الأدباء والمثقفون فيه أن الموافقة على إنشاء المجلس الأعلى للثقافة وهيئة الكتاب، حين تعتمد له الأنظمة واللوائح التي تنظم عمل الجهازين، ستمكن جميع المراكز والمؤسسات الثقافية من حل كثير من القضايا التي تهم المثقفين والمشكلات التي تعيق خطط النهوض بالشأن الثقافي والأندية الثقافية والأدبية، لأنه سيكون للمثقفين مَنْ يمثلهم في الجهازين، ودور مهم بمختلف توجهاتهم وتخصصاتهم، ونذكر أن الدكتور سعد البازعي رئيس لجنة الثقافة والإعلام في مجلس الشورى، في ذلك الحين، قلل من تأثير عدم الموافقة على أن يكون للثقافة وزارة مستقلة، حيث ستصبح لدينا مؤسسات ثقافية وهيئات تضطلع بالعمل الثقافي وتكون أجهزة مساندة لوزارة الثقافة، وعندما تستقل الإذاعة والتليفزيون ووكالة الأنباء السعودية في مؤسسات قطاع الخاص، وهو ما حدث، ستتفرغ الوزارة تماماً للشأن الثقافي بطبيعة الحال.