عطلت جائحة كورونا (كوفيد-19) العالم بأكمله خلال بضعة أسابيع، وأجبرت البشرية في مشارق الأرض ومغاربها على البقاء في منازلهم. في بداية الأمر، نظر البعض نظرة إيجابية لهذا العزل وقال: الآن أستطيع البقاء في المنزل، وأفعل ما أريد! ولكن بعد مرور فترة، تلاشى هذا الوهم، وأصبح الضجر، والملل يملآن المنازل. هناك الكثير من النصائح التي نقرأها عن الاستفادة من هذه الأوقات، ولعلّي استطعت التأقلم مع العزل إلى حدٍ ما، ودفعني لكتابة تجربتي لعل قارئ هذه الكلمات يجد منها شيئاً مفيدًا. "لماذا أضجر سريعاً من القراءة؟" سمعت هذا السؤال كثيرًا من أصدقائي، وبالغ بعضهم في ذلك، وقال إن الكتب ليست له، وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق. أولاً: لنتّفق أن كل كتاب تقرأه سيفيدك بإذن الله. وثانياً: وهو الأهم، أن تجد كتاباً يجذب اهتمامك، وأعني بذلك كتاباً تقرأه باهتمام حقيقي تشعر به. في بداية فترة منع التجول، اشتريت ثلاثة كتب ولم أستطع إنهاء أي منها. اشتريت بعد ذلك كتاباً يعتبر مرجعاً في الطاقة والنفط، تصفحت الكتاب لألقي نظرة سريعة عليه، فلم أنتبه لنفسي إلا بعد عدة ساعات أنهيت بها جزءًاً كبيرًا من الكتاب. أنهيت ذلك الكتاب كاملاً خلال يومين فقط. لا أحد يستطيع تحديد الكتب التي ستهمك سواك، أنت من يستطيع ملاحظة ما يثير اهتمامك في كتابٍ ما. ولا تأبه كثيرًا لما سيقوله من حولك عن كتبك التي تقرأها، وتذكر أنك تقرأ هذه الكتب من أجلك أنت، وليس بسبب نجاح الكتاب وبيعه لملايين النسخ. لماذا لا تجرب الكتب الصوتية؟ انتشرت في المجتمعات الغربية في السنوات الأخيرة ثقافة "سماع الكتب" بدلاً من قراءتها، ويعود ذلك لأسباب عديدة أهمها أن الناس لم يعد لديه وقت كافٍ، لذا ففكرة سماع الكتب في طريقك للعمل، أو أثناء عملك، أو حتى في النادي أثناء أداء التمارين أصبحت منتشرة هناك. ولدينا اليوم مجموعة من التطبيقات على الهواتف الذكية التي أصبحت ناضجة وجاهزة للاستخدام بكل يسر وسهولة. لو أن جائحة كورونا حدثت قبل ثورة التقنية والإنترنت والهواتف الذكية، لربما فقد معظمنا عقله من الضجر. هناك العشرات من الأشياء التي بوسعك عملها من خلال هاتفك، ومن أهمها التواصل مع أصدقائك عن طريق التطبيقات الافتراضية مثل "فيستايم" على الآيفون، أو "جوجل دو" على الآندرويد، ولا تخشى من سؤال أصدقائك لقضاء بعض من وقتهم معك، فهم أيضاً بحاجة لذلك، وربما بعضهم لا يعلم ذلك حتى الآن. نسمع هذه الجملة مرارًا وتكرارًا، ولكن من أين نبدأ؟ هناك العديد من المواقع والتطبيقات التي يمكنك استخدامها الآن لتتعلم مهارات ستستفيد منها في حياتك المهنية. وأخص بالذكر منصة "إثرائي" التابعة لمعهد الإدارة، فهي مليئة بالدورات المفيدة، والتي بإمكانك مشاهدتها عن طريق الكمبيوتر، وعن طريق الجوال أيضاً. ختامًا، هذه الأوقات هي اختبار حقيقي لنا، إما أن نستفيد منها الآن، أو نندم عليها لاحقاً. ولا ننسى أنها "فترة" ستنتهي.. وربما ستنتهي قبل أن نعي ذلك.