اعتادت الشركات والمؤسسات التجارية جعل نهاية العام حدًا فاصلًا لمعرفة حساباتها وأرباحها وخسائرها، ومصروفاتها، ودراسة مواطن القوة والضعف فيها؛ لإصدار ميزانيتها للسنة المالية الجديدة. وإذا كان هذا حال الشركات والمؤسسات فالإنسان أولى منها بفعل ذلك، فقبيل أن يودع عامًا سيأفل، ويقترب من عام سيطل، عليه أن يجلس جلسة تأمل وتساؤل، محاسبًا نفسه فيها، ويصدر كشف حساب مبينًا فيه ما أنجزه و أخفق فيه، وهل حقق أهدافه أم لا؟ وما أسباب الإخفاق؟ وما مواطن القوة والضعف عنده؟ وما أرباحه وخساراته ماليًا وماديًا ومعنويًا ونفسيًا ... إلخ؟ ثم يقلب صفحة هذا العام ويودعه بحسرةٍ وألمٍ؛ لانقضاء سنة غالية من عمره، وأن الله سيحاسبه عليها، وأن ما مضى شاهد عليه يوم لا ينفع مال وبنون، ولا يفرح لانقضائها، قال الشاعر: إن لنفرح بالأيام نقطعها وكل يوم مضى يدني من الأجل ثم يجلس جلسة تأمل أخرى بتفاؤل وأمل، مستقبلًا عامه الجديد، ويسجل في لوحة أهدافه ما يريد إنجازه، وما يتمنى الوصول إليه، متخيلاً كيف سيكون في نهايته، وأن هذا العام يحمل الآمال، وأن كل دقيقة فيه هي رصيد لعمل صالح عليه أن يضع بصماته فيه، وأن يبادر ويشمر عن ساعد الجد متمثلاً قوله تعالى: «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون». ومع التخطيط عمل، ثم حساب ومتابعة، وقد قيل في الأثر: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا. ولنتذكر قول الشاعر أحمد شوقي المعبر عن الحياة والزمن: دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني