قال الله تعالى في محكم التنزيل: (وتلك الأيام نداولها بين الناس) صدق الله العظيم. سبحانك يارب الأرباب.. سبحانك يا مصّرف الدهور والأيام.. فما ان تودع عاماً الا ويحل علينا عام جديد.. فسبحانك يا من تدير الأيام.. فما أسرع مرور الأيام وما أعجل انقضائها.. فها نحن قد ودعنا قبل أيام عاماً كاملاً هو العام الهجري ألف واربعمائة وثلاثون. هذا العام الذي عشنا أيامه ولياليه، وساعاته ودقائقه، ودعناه بما فيه من أفراح وليالٍ ملاح، وأحزان وآلام وسعادة وأكدار، مضى عام 1430ه وهناك العديد من الوقفات التي يجب علينا جميعاً أن نقف عندها ونتأملها ونحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب. في ذلك العام وفي أعوام سابقة كم فقدنا من الأهل والأقارب والأصدقاء والأحباب والأعزاء، وكم أنفس أزهقت بغير وجه حق، وكم من حوادث جسام حدثت، وكم من ديار خربت وأموال سلبت وأعراض انتهكت وكم.. وكم.. وكم.. الخ. ذلك العام مضى ولن يعود أبداً .. أعمال كتبت ولن تمحى.. الا بأن يعمل المرء عملاً جديداً يعوض ويمحو به ما جرى وذلك من خلال توبة صادقة نصوحة وندم على ما ارتكب من أعمال لا تليق بمن يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فباب التوبة مفتوح وهذا كرم من الخالق جل وعلا. أحبتي .. بعد مضي عام كامل من أعمارنا وهو بلاشك عمر محسوب علينا جميعاً ذكوراً واناثاً ماذا قدمنا يا ترى في ذلك العام المنصرم من أعمال صالحة تكتب لنا لا علينا وتكون لنا طريقاً الى جنة عرضها السموات والأرض في ذلك اليوم الذي تجتمع فيه الخلائق.. يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم وهانحن في عام جديد لو أحسنا استغلال شهوره وأيامه وساعاته ودقائقه وثوانيه لحصلنا على حسنات لا تعد ولا تحصى ولا تقدر بثمن ولربما ارتفعنا في الجنة منزلا. قال الحق تبارك وتعالى : (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا). وهذا كله نتيجة استغلالهم لأوقاتهم بما يرضي الحق تبارك وتعالى. وهنا لله درُّ القائل: دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني لهذا علينا جميعاً أن نسارع بالتوبة والاستغفار فالمولى جلت قدرته كريم يغفر الذنوب جميعاً.. يغفر ذنوب التائبين حتى ولو كانت كعدد الحصى والرمال وهنا يقول الله تبارك وتعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا) وعلينا أن نعاهد الله جل وعلا على السلوك الحسن والاقتداء بسيد البشر صلى الله عليه وسلم فالخير والفوز والنجاح في اتباع رسول الهدى صلى الله عليه وسلم. أسأل الله العلي القدير أن يتوب علينا جميعاً وأن يرحم موتانا وموتى المسلمين أجمعين وأن يجعل ما قدمنا في العام المنصرم من أعمال صالحة مقبولة وأن يتجاوز عما بدر منا من تقصير وخلل وأن يديم على بلادنا وبلاد المسلمين الأمن والأمان والاستقرار وأن يحفظ ولاة أمرنا ويسدد خطاهم ويوفقهم لما يحب ويرضى إنه سميع مجيب وجواد كريم . همسة: قال الشاعر: إنا لنفرح بالأيام نقطعها وكل يوم مضى يدني من الأجل