أيام قلائل وسنقف على مشارف نهاية هذا العام 1431ه لينقضي عام من أعمارنا بعد أن دار الدهر دورته، ومضت الأيام تلو الأيام بِمُرَها وحلوها ليرحل عنا العام بما فيه من ذكريات جميلة بالابتسامات قضيناها، وأليمة بالدموع عشناها، والكثير الكثير من الأحداث والمواقف والتجارب التي مررنا بها، فالبعض منها مازال في عمق ذاكرتنا، والبعض الآخر اضمحل ورحل كما سيرحل هذا العام بعد أن سُجِل في صحائفنا حسناتنا وسيئاتنا، سيرحل ولن تبقى منه سوى الذكرى التي سنبحر فيها إذا أشتقنا لما كان فيه، والكثير منا يتعجب كيف بدأ وانتهى هذا العام بهذه السرعة وقد طوى خلاله فصلاً من حياتنا احتوت على أوراق مبعثرة هنا وهناك لم نستطع جمعها لسوء التنظيم، ونحن ننتظر لحظات الوداع القادمة التي لن تُنسى، ولوعتها التي لا تبلى، لأن حُرقة الوداع تُلهب الأحشاء، ودموعُه تحرق الوجنات بحرارة العبرات، فحريُّ بكل منا أن تكون له مع نفسه وقفة حق، ومحاسبة صدق , وقفة تساؤل، وتأمل، وتدبر مستخلصاً من كل ما ذهب وفات عبراً وعظات لكل ما هو قادم وآت، تعقبها وقفة طويلة يحاسب فيها الإنسان نفسه عما أقترفه خلال عام كامل من عمره، عام مضى وأنقضى، لا ندري ما الله صانع فيه، ثم وقفة إستعداد للإنطلاقه إلى الله من خلال عام نستقبله لا ندري ما الله قاض فيه، ولنتذكر قول الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإن أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية" وقول ميمون بن مهران رحمه الله تعالى "لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه، ولهذا قيل : النفس كالشريك الخوان إن لم تحاسبه ذهب بمالك" وقول الحسن البصري رحمه الله تعالى "لا تلقى المؤمن إلا يحاسب نفسه، ماذا أردت أن تعملي؟ ماذا أردت أن تأكلي؟ وماذا أردت أن تشربي؟ والفاجر يمضي قدماً لا يحاسب نفسه".فلنجعل أخي الحبيب عامنا القادم 1432ه بداية صحيحة لقلوب مفعمة بالحب والخير والجد والعطاء، ونجعله عام التسامح، وصلة الرحم، والآخاء، والمحبة، ونتناسى العِداء والبغضاء، ونسعى لعيش السعداء الكرماء كما أمرنا رب العباد. شعر: قرب الرحيل إلى ديار الآخرة فأجعل إلهي خير عمري آخره همسه: العمر أيام تنقضي جملتها بانقضاء آحادها. ومن أصدق من الله قيلاً "إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ". كل عام وأنتم بخير. [email protected]