سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
على المسلم إصلاح الخلل ومحاسبة النفس في نهاية العام طالبوا بوقفة تأمل مع الذات .. عدد من الدعاة:
المختار: المؤمن يودع يومه حزيناً لا يدري اليوم حجة له أم عليه؟
السدحان: العاقل من اتعظ بأمسه واجتهد في يومه واستعد لغده
شدد عدد من العلماء والدعاة على ضرورة وقفة المرء المسلم مع نفسه ومحاولة اصلاح خللها وعللها وصيانتها ، مع العد التنازلي لانتهاء العام الهجري الحالي ، واستشراف العام القادم الجديد بمشيئة الله تعالى. وأكد هؤلاء أن العاقل من اتعظ بأمسه واستعد لغده ، حيث جعل الله تبارك وتعالى انقضاء الأيام والليالي ذكرى للمتذكرين وعبرة للمعتبرين. وابتدر الحديث إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ أسامة خياط الحديث عن محاسبة النفس ومايجب على المسلم فعله تجاه ذاته وما فعله من أعمال سالفة من خير وشر وما الذي سيفعله في قادم أيامه ، داعيا المسلمين إلى التدبر والتأمل في تلك الأعمال كلها ليجتهدوا في ما كان خير ليصلوا به إلى محاولة الكمال واصلاح الخلل في الأعمال التي ارتكبوها وكان فيها من الذنوب والمعاصي ما الله به عليما،كما دعا إلى أن يقف كل منا إلى محاسبة نفسه في نهاية العام.وأضاف إن وقفة التوديع مثيرة للأشجان، مهيِّجة للأحزان، إذ هي مصاحبةٌ للرحيل، مؤذنة بالانقضاء، ولقد مضى من عمر الزمن عام كامل، تقلّبت فيه أحوال، وتصرمت فيه آجال، ونزلت فيه بالأمة النوازل التي تقض لها المضاجع، وتضطرب منها الألباب، وتجِف القلوب، وإذا كان ذهاب الليالي والأيام ليس لدى الغافلين اللاهين غير مُضِي يوم ومجيء آخر، فإنه عند أولي الأبصار باعث حي من بواعث الاعتبار، ومصدر متجدِّد من مصادر العظة والادِّكار، يصوِّر ذلك ويبيِّنه أبلغَ بيان قولُ الحسن البصري رحمه الله: (يا ابن آدم، إنما أنت أيام، فإذا ذهب يوم ذهب بعضك). وطالب خياط من عموم المسلمين بأن يقفوا وقفة لمراجعة الذات، ومحاسبة النفس، بالوقوف منها موقف التاجر الأريب من تجارته، ألم تروا إليه كيف يجعل لنفسه زمنًا معلومًا، ووقتًا مضروبًا، ينظر فيه إلى مبلغ ربحه وخسارته، باحثًا عن الأسباب متأملاً في الخطأ والصواب؟!. وأضاف:إن ارتباط المراجعة والمحاسبة بالتغيير إلى الأفضل والأكمل وثيق العرى، فالمراجعة والمحاسبة تظهران المرء على مواطن النقص، ومواضع الخلل، ومجالب الزلل، فإذا صحَّ منه العزم، وخلصت النية، واستبان الطريق، وصدَّق ذلك كلَّه العمل، جاء عون الله بمدد لا ينفد، فأورث حسن العاقبة، وتبدلَ الحال، وبلوغ المراد. وإن الحاجة إلى سلوك نهج المراجعة والمحاسبة ليس خاصًا بأفراد أو بطائفة بعينها، بل إن الأمة بمجموعها بحاجة إليه أيضًا، ولا غنى لها عنه وهي تودِّع عامًا وتستقبل عامًا جديدًا، لكنها في حق الأمة مراجعة تتَّسع أبعادها، ويعم نطاقها، ويعظم نفعها؛ إذ هي نظرة شاملة للأحداث، وتأمل واع للنوازل، وتدارس دقيق للعظات والعبر التي حفل بها التاريخ القديم والحديث، وسعيٌ حثيث من بعد ذلك إلى تصحيح المسار، وإقامة العِوج، لتذليل الطريق أمام استئناف الحياة الإسلامية القويمة الراشدة المرتكزة على هدي الوحيين، المستضيئة بأنوار التنزيلين. تأمل وتطلع بينما أشار الشيخ إبراهيم العلي مشرف توعية إسلامية إلى حقيقة تدارك المسلم لمستقبله مع المحافظة بقدر الاستطاعة ألا يقع فيما لا تحمد عقباه من الولوج في المعاصي وارتكاب الذنوب والرجوع القهقرى فإن يكون المرء قد وضع في حاضره ومستقبله أفضل مما كان عليه أمسه فإنه حينئذ يصبح حاله أردى مما يتأمل منه الفعل تجاه عمله. كثيرا ما يردد بعضنا البعض(كل عام وأنتم بخير) ونتساءل : هل نحن فعلا في خير ونتطلع إلى فعل الخير؟ أتمنى أن نكون ويكون جميع المسلمين في أنحاء المعمورة في خير وعملهم إلى خير. وقفة وداعية فيما قال الشيخ عبدالعزيز السدحان وصدق الله ومن أصدق من الله قيلاً، ومن أصدق من الله حديثاً (يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار)، (وتلك الأيام نداولها بين الناس)، (يغشى الليل النهار يطلبه حثيثا؟. وهذا السير الحثيث يباعد عن الدنيا ويقرب إلى الآخرة، يباعد من دار العمل ويقرب من دار الجزاء. قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: (ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل واحدة منها بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل) أخرجه البخاري. وعن اختلاف رغبات الناس حين ودع العام وانسلاخه قال السدحان: تختلف رغبات الناس ويتغاير شعورهم عند انسلاخ العام، فمنهم من يفرح ومنهم من يحزن ومنهم من يكون بين ذلك سبيلا. فالسجين يفرح بانسلاخ عامه، لأن ذلك مما يقرب موعد خروجه وفرجه، فهو يعد الليالي والأيام على أحر من الجمر، وقبلها تمر عليه الشهور والأعوام دون أن يشعر بها، فكأنه يحاكي قول القائل: أعد الليالي ليلة بعد ليلة وقد عشت دهراً لا أعدّ اللياليا وآخر يفرح بانقضاء العام، ليقبض أجرة مساكن وممتلكات أجّرها حتى يستثمر ريعها وأرباحها. وآخر يفرح بانقضاء عامه من أجل ترقية وظيفية.. إلى غير ذلك من المقاصد التي تفتقد إلى المقصد الأسمى وهو المقصد الأخروي، فالفرح بقطع الأيام والأعوام دون اعتبار وحساب لما كان فيها ويكون بعدها هو من البيع المغبون. فالعاقل من اتعظ بأمسه، واجتهد في يومه، واستعد لغده. ومن أعظم الحكم في تعاقب السنين وتغير الأحوال والأشخاص أن ذلك دليل على كمال عظمة الله تعالى وقيوميته. (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم). تأمل ومحاسبة أما الشيخ علي موسى رئيس جمعية تحفيظ قرآن فقال: العُمر كُلُّهُ موسم للمُسْلِم، مَوسِمٌ للحَرْثِ والزَّرْع، والثَّمرةُ تُجنى فيما بعد في الدَّار الآخرة، فعلى المُسلم عُمُوماً وعلى طالب العلم على وجهِ الخُصُوص أن يعتني بوقتِهِ وأنْ لا يُضيِّع شَيْئاً منهُ، نعم لِنَفْسِهِ عليهِ حق، ولأهلِهِ حق ولِزورِهِ حق، وعليهِ أنْ يُؤدِّي كُلَّ حقٍّ إلى صَاحِبِهِ ؛ لكن ليسَ معنى هذا أنْ يُضيِّع السَّاعات في القيل والقال، ويقول لنفسك عليك حق!!! لَكَ أنْ تَسْتَجِمّ ولكَ أنْ تَسْتَرِيح،؛ لكن عليكَ أنْ تعملْ بِما كُلِّفْتَ بِهِ، بعض النَّاس يقول: الدِّين يُسْر، (الدِّين يُسْر) الحديث صحيح ثَبَتَ بذلك (ولن يُشادَّ الدين أحداً إلاَّ غَلَبَهُ)؛ لكن هو يُريد أنْ يستعمل هذهِ الجُملة من هذا الحديث الصَّحيح بالتَّنَصُّلِ والتَّخَلُّفِ عن التَّكاليف، صلاة الفجر في أيَّام الشِّتاء شديدة؛ لكن هل يتناول هذا الأمر حديث الدِّين يُسْر؟! هل للإنسان مندُوحة أنْ يُصلِّي في بيتِهِ، ويترُك الصَّلاة مع المُسلمين؛ لأنَّ الدِّين يُسر؟! –لا- الدِّينْ تَكالِيفْ، وحُفَّت الجنة بالمكاره، فيُخْطِئ من يَفْهَم حديث (الدِّينْ يُسْر) على غير وجهِهِ (اكلفُوا من العمل ما تُطِيقُون) (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ) لكنْ ليسَ معنى هذا أنْ تُفَرِّط بالواجبات؛ بل عليكَ أنْ تفعل ما أوجبَ الله عليك، وعليكَ أنْ تَتْرُك ما حَرَّمَ اللهُ عليك ، (إذا أمرتُكُم بأمرٍ؛ فأتُوا منهُ ما اسْتَطَعْتُم) (صلِّ قائما؛ فإنْ لَمْ تَسْتَطِع فقاعِداً) لا يُقال للمُقعد عليك أنْ تَقِف في الصَّلاة – لا – (وإذا نَهَيْتُكُم عنْ شيء فاجْتَنِبُوهُ) ما فيه مَثْنَوِيَّة ما فيهِ اسْتِثْنَاء، المنهيَّات لا بُد من تَرْكِها مهما كانت، مَشَقَّتُها على النَّفْس؛ لأنَّك مُعبَّد ومُذَلَّل لِرَبِّك الذِّي خَلَقَك، الذِّي خََلَقَك من أجلِ عبادَتِهِ، فعلينا جميعاً أنْ تستغل هذهِ الأيَّام وهذه اللَّيَالي فيما يُرضي الله -عزَّ وجل-، وإذا كانت النِّعم التِّي تَواترت وتَوارَدَتْ علينا من كُلِّ فج مع الأمن الذِّي عِشْنَاهُ ونَعِيشُهُ -إنْ شاء الله تعالى- صارت سبباً في انصراف كثير من النَّاس؛ فإنَّ المُستقبل غيب، لا يُدْرَى ماذا يَحْمِل في طَيَّاتِهِ؛ لكنْ غَلَبةُ الظَّن تدل على أنَّ المُستقبل ليس مثل الماضي، فعلينا جميعاً أنْ نَعْتَصِمَ بالكِتاب والسُّنَّة، فالفتن بدأت أماراتُها وعلاماتُها تَظْهر، فلتترُك حياة الرَّاحة والدَّعة إلى حياة الجِد والاجتهاد في العِلم والعمل. عبرة وتذكرة ويقول الشيخ محمد محمد المختار حول قرب انقضاء العام ومرور أيامه ولياليه :إن انقضاء الأيام والليالي عبرة تذكر بالعظيم الباري ... فما من يوم من الأيام تغيب عليك فيه شمسه إلا وذكرك مغيبها بالمغيب عن هذه الدار فما من يوم من الأيام تتوارى شمسه بالحجاب إلا ذكر بالمغيب عن الأصحاب والأحباب... لذلك ما من مساء يوم إلا تفطر قلب المؤمن فيه صدق مع الله وخشية لله عز وجل... إن انقضاء الأيام ... إن مفارقة الليالي والساعات واللحظات عظة وذكرى مذكرة برب البريات... ولذلك فإن المؤمن الصادق في إيمانه يقف تلك الساعة مليئا بالشجى والحزن لفراق يومه ... يودع يوما كاملا ... وهو لا يدري أذلك اليوم حجة له أم حجة عليه. (كان الضحاك رحمه الله إذا جاء مساء اليوم بكى بكاء شديدا ... قيل لما تبكي رحمك الله؟؟ قال لست أدري أيومي هذا حجة علي أم حجة لي) . وتابع المختار: لقد جعل الله تبارك وتعالى انقضاء الأيام والليالي ذكرى للمتذكرين وعبرة للمعتبرين تذكر العبد بالرحيل إلى رب العالمين ... إن فراق الأيام ... إن فراق السنين والأعوام أمر عزيز في قلب المؤمن ... ذلك أن الله تبارك وتعالى إذا أحيا للعبد قلبه ذكره بهذه الآيات فوجل من خشية رب البريات ... للعبد في انقضاء عامه ... وانصراف أيامه ... وقفة مع تلك الأيام ... وقفة مع السنين والأعوام ... يَسأل النفس ... يحاسبها ... ... يسألها ويحاسبها عن حقوق الله عز وجل ... وعن واجبات له جل شأنه ... دعوة صادقة أن ندمع على ما مضى وأن نشكر الفضل من الله جل وعلا ... دعوة أن ننظر إلى هذا التقصير وأن نلهج إلى العلي الكبير ... أن يتولانا بعفوه إن قصرنا وأن يتولانا شكره وفضله علينا إن كملنا... لابد أن نقف على بداية هذا العام و ننظر في حالنا مع الله...؟؟؟ فما من عبد عقد وعزم على إصلاح ما بينه وبين الله إلا أصلح الله شأنه ... إن نهاية الأعوام ... إن انصراف الشهور والأعوام وقفة لكي ندمع فيها على التفريط في جنب الله!! وقفة ... ليست وقفة المبتسمين ... وليست وقفة الضاحكين اللاعبين ... يهنئ بعضنا بعضا (كل عام وأنتم بخير) والله لا خير في السنين والأعوام إذا لم تهدي القلوب إلى الملك العلام ... لا خير في يوم لم يزدك من الله قربا ... و لا خير في يوم لم يزدك في الله حبا ... هذه الأيام ... هذه الليالي ... هذه السنين والأعوام ... ما منحك الله إياها ولا أعطاها لك ... إلا لكي تقودك إليه وتحببك فيه جل شأنه...