هل كان انتقال الإنسان لمزاولة الزراعة تقدماً فعلاً؟ يتناقش علماء الأجناس بهذا الشأن منذ عقود، حيث بدأ الإنسان منذ نحو 12500 سنة يطور الزراعة في مناطق مختلفة من العالم، مثل منطقة الشرق الأوسط والصين وأميركا، ثم أصبحت الزراعة هي الشكل السائد للاقتصاد، مع ما يعنيه ذلك من تداعيات بعيدة المدى. يقول مارك ديبل، من جامعة كامبريدج، في دراسة نشرت في العدد الأخير لمجلة "نيتشر هيومان بِهيفيار" المعنية بحياة الشعوب البدائية، ساد الافتراض وقتاً طويلاً بأن الانتقال من الصيد وجمع الثمار البرية للزراعة كان يعني تقدماً، ومكن البشر من التخلي عن أسلوب حياة محفوف بالمخاطر، ولكن هذه الرؤية أصبحت محل شك من قبل علماء الأجناس بعد أن درسوا ذلك. وحلل ديبل وزملاؤه خلال الدراسة وعلى مدى عامين حياة 359 إنساناً من عشر مستعمرات تابعة لسكان أيتا، وكان هؤلاء يعيشون في مناطق جبلية منعزلة داخل جزيرة لوزون الفلبينية، وخلصوا إلى أن انتقال الإنسان للزراعة جعل النساء بشكل خاص يفقدن قدراً من أوقات فراغهن، وأن الزراعة قلصت من وقت الفراغ، فكلما انشغل البشر بأعمال الحقل أكثر، كلما تلاشى وقت فراغهم. كما أظهرت دراسات سابقة على سكان أيتا، وفقا للباحثين، أن الزراعة يرافقها تردٍ في الصحة وارتفاع في معدل الوفيات بين الأطفال".