ارتفع استهلاك المملكة للنفط فى شهر ديسمبر 2017 بحسب تقرير اوبك الشهري الأخير إلى 2.3 مليون برميل باليوم، مدعوما بالارتفاع الكبير لاستهلاك المملكة للبنزين لنفس الشهر. فقد شهد شهر ديسمبر الماضي أعلى استهلاك بتاريخ المملكة للبنزين، حيث ارتفع الاستهلاك اليومي إلى 720 ألف برميل، وهو زيادة بحوالي 150 ألف برميل عن استهلاك شهر ديسمبر 2016، وارتفاع بحوالي 130 ألف برميل عن شهر نوفمبر 2017. ويعتبر تسجيل 720 ألف برميل سابقة وظاهرة، حيث ارتفع ترتيب المملكة باستهلاك البنزين بالعالم في شهر ديسمبر إلى المرتبة السادسة بعد أميركا والصين وكندا واليابان والمكسيك. ولكن هنالك ما يفسر هذا الارتفاع الكبير وهو تعديل أسعار البنزين فى شهر يناير 2018. ولذلك يبدو أن الكثير من الناس رفعوا استهلاكهم قبل رفع الأسعار. ومن المعلوم أن أسعار البنزين كانت قد ارتفعت بعد شهر ديسمبر2017 من معدل 0.8 ريال للتر إلى حوالي 1.6 ريال للتر، ويرتفع استهلاك البنزين بالمملكة سنويا بمعدل 20 ألف برميل باليوم، ويظهر الجدول تغير استهلاك البنزين بالمملكة في شهر ديسمبر للسنوات الست الماضية. ولكن يبقى السؤال الأهم كم سيكون استهلاك المملكة بشهر يناير، وبعد تطبيق الأسعار الجديدة؟. لاشك أن المواطن قد تم تعويضه عن ارتفاع الأسعار ولذلك ربما سيكون الأثر على المقيمين، وسيكون الأثر الايجابى بخفض تهريب البنزين إلى الدول المجاورة لتقارب الأسعار بينهما وبين المملكة، ولذلك ربما ينخفض استهلاك المملكة للبنزين بشهر يناير إلى حوالي 540 ألف برميل مع العلم أن استهلاك يناير 2017 كان 560 ألف برميل باليوم. الحقيقة أن الارتفاع الكبير بالاستهلاك المحلي للبنزين استنزف الكثير من الدعم الذي تقدمه الحكومة، وعلى سبيل المثال ففي عام 2017 تم استيراد حوالي 200 ألف برميل بنزين باليوم بالأسعار العالمية، ليتم بيعها بأسعار مدعومة محليا وحتى إنتاج المصافي المحلية لا يستطيع أن يلبي كامل الطلب المحلي على البنزين. ولو افترضنا ان الاستهلاك المحلي يقدر ب600 ألف برميل باليوم، فهذا يعنى أن ثلث الاستهلاك مستورد. لاشك أن استهلاك البنزين بالمملكة سيستمر بالارتفاع خاصة مع الارتفاع الكبير بعدد السكان حتى يتم تقديم بديل مناسب لوسيلة النقل شبه الوحيدة وهي السيارة، وسوف يعادل الارتفاع بعدد السكان أثر رفع الأسعار مع مرور السنين. وتعتبر وسائل النقل العامة والمناسبة للمجتمع السعودي هي الحل لمعضلة الارتفاع الكبير والمرهق للاستهلاك المحلي للبنزين. اما استهلاك المملكة للديزل فيشهد ظاهرة معاكسة للبنزين، فقد وصل الاستهلاك إلى القمة في عام 2015، ثم بدأ ينخفض بوتيرة متسارعة، ربما بسبب خفض استخدامه بتوليد الكهرباء ومحاربة تهريبه من قبل الجهات المختصة والهدوء الاقتصادي. وكما يشير الجدول، شهد استهلاك المملكة للديزل في ديسمبر الماضي أقل كمية منذ 2009 بالرغم من عدم تغير أسعاره التي ما تزال الأقل بالعالم. والغريب بالجدول أنه فى ديسمبر 2012 كان استهلاك الديزل أكثر من البنزين ب135 ألف برميل وانقلب الوضع فى ديسمبر 2017 ليصبح استهلاك البنزين أكثر من استهلاك الديزل ب190 ألف برميل. ومع انخفاض الاستهلاك المحلي للديزل تتقدم المملكة لتصبح أحد أكبر مصدري الديزل بالعالم خاصة بعد تشغيل المصافي الجديدة. الأكيد أن خفض الاستهلاك المحلي للمحروقات من شأنه أن يرفع الناتج المحلي وذلك بتصدير إنتاج المصافي المحلية بدل الاستهلاك بأبخس الأثمان. * مركز التميز البحثي للتكرير والبتروكيماويات جامعة الملك فهد للبترول والمعادن د. سليمان صالح الخطاف Your browser does not support the video tag.