اتضحت جدية معالي وزير الثقافة والإعلام د. عوّاد بن صالح العوّاد في تطوير قطاع التلفزيون بمختلف قنواته عبر القرارات الأخيرة التي كلّف من خلالها كوادر مؤهلة لإدارة القنوات السعودية، وعلى رأسها قرار تعيين المذيع المتميز خالد مدخلي مديراً للقناة السعودية الأولى. مدخلي العائد من قناة العربية ليس غريباً على أجواء التلفزيون السعودي، فهو أحد أبنائه، وتأسّس في قناته الإخبارية، وكان من أهم نجومه في فترات سابقة، لكن المهمة التي تنتظره جديدة كلياً وتحفل بتحديات كبيرة، أهمها إعادة القناة إلى دائرة اهتمام المشاهد المحلي بعد سنوات طويلة من التأرجح وغياب الهوية. كان التلفزيون السعودي محور اهتمام المشاهد في المرحلة التي سبقت ظهور القنوات الخاصة، لكن منذ العام 1996 وشيوع الفضائيات وتكاثرها الكبير عام 2003، بدأ يعاني في الحفاظ على مكانته عند السعوديين، وحاول منافسة قنوات مثل MBC وروتانا لكن إداراته السابقة لم تضع يدها على الخلل الرئيسي الذي يمنع التلفزيون الرسمي من مجاراة منافسيه. إن أكبر خلل في القناة السعودية الأولى -وسبق أن أشرنا له مراراً- هو عدم احترام تبويب أو توقيت برامجه. الهيكلة البرامجية هي أساس العلاقة التي تربط المشاهد بالقناة، وأي تغيير فيها له ضرر كبير جداً على مستوى المشاهدة. في قناتنا الأولى تتغير الهيكلة باستمرار، وتتأخر البرامج عن موعد بثها في كثير من الأحيان، وهذا خلل كبير خاصة في وقت الانفتاح التقني الذي لم يعد يمنح المشاهد ترف انتظار برنامجه التلفزيوني المفضل. لو صرف خالد مدخلي جهده لحلّ هذا الخلل وضبط الهيكلة وحمايتها من أي تغيير أو تأخير، فسيحقق نجاحاً تلقائياً وذلك لأن القناة من حيث المحتوى لا تختلف كثيراً عن القنوات الخاصة ولا ينقصها سوى الجدية في التعامل مع وقت البث والالتزام به. لا نشك في أن وجود إعلامي محترف مثل خالد مدخلي على رأس القناة السعودية سيكون له تأثيره الإيجابي على أداء القناة ومستوى طرحها وجودة بثها، وكلنا ثقة في أنه يدرك أهمية احترام توقيت بث البرامج وسيبذل جهده للالتزام به. ونتمنى -مع ذلك- أن ينتبه إلى خلل آخر تعاني منه القناة ألا وهو ضعف التسويق، حيث لا يعلم المشاهد متى تعرض البرامج الجديدة للقناة ولا عن الخطة البرامجية بشكل عام، وهذا عكس ما لمسه مدخلي نفسه في تجربته مع قناة العربية حيث الحرص على إبلاغ المشاهد بالجديد أولاً بأول عبر جميع الوسائل الإعلامية المتاحة؛ صحفاً ومواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي.